محمد اليوبي
وجه وزير الصحة، خالد آيت الطالب، دورية إلى المديرين الجهويين للصحة، تتضمن بروتوكولا جديدا للتكفل بالمصابين بفيروس كورونا، وأثار هذا البروتوكول عدة انتقادات من طرف الخبراء والأطباء، بسبب اعتماد الاختبارات المصلية السريعة للكشف عن الفيروس، وتكليف المراكز الصحية المتواجدة بالأحياء السكنية لإجراء هذه الاختبارات.
المراكز الصحية تفعل العملية
أوضحت دورية الوزير أن البروتوكول الجديد يهدف إلى تعزيز آليات الرصد والتكفل وإدماج الكشف السريع لكوفيد19 بالمراكز الصحية، وتروم العملية التي تندرج في إطار الجهود المبذولة من طرف وزارة الصحة من أجل التصدي لوباء كوفيد 19 ومواكبة مرحلة الرفع التدريجي للحجر الصحي، الرفع من وتيرة رصد أكبر عدد من الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كوفيد 19 والتكفل بالحالات وفقا للمعايير العلمية والبروتوكول العلاجي المعمول بهما.
وستشرع المراكز الصحية في تفعيل هاته العملية وإجراء التحاليل السريعة لدى الساكنة ذات عوامل الاختطار وكذا الحالات الموجهة من طرف الأطباء في القطاع الخاص والعاملين في الصيدليات أو تلك المشخصة في ذات المراكز الصحية، وفي حال كانت تحليلة الاختبار السريع إيجابية، فإن المريض يحال على المستشفى من أجل إجراء تحليلة التفاعل البوليمي المتسلسل PCR، وفي انتظار ظهور نتيجة التحليلة فإن المريض يحال على بيته ويلتزم بحجر صحي. فإذا كانت نتيجة تحليلة PCR سلبية، فإن الفريق الطبي للمركز الصحي المتابع لحالة المريض يقوم بإخبار هذا الأخير بالنتيجة، ويطلب منه الالتزام بالحجر الصحي، في إطار احترام المعايير الصحية المتبعة، وإذا كانت تحليلة PCR إيجابية، فإن فريق المركز الصحي ينتقل إلى مكان إقامة الشخص المصاب، من أجل تقديم العلاجات له داخل بيته، وضمان متابعته الطبية طبقا للإجراءات المعمول بها.
وينص البروتكول على «العلاج المنزلي» للمصابين بـ «كوفيد-19»، باستثناء الحالات التي لديها أمراض مزمنة أو متقدمة في السن، وذلك لتخفيف الضغط عن المستشفيات، بينما كان جميع المرضى في السابق يعالجون داخل أجنحة العزل في المستشفيات، وبالنسبة للمرضى الذين لديهم أعراض شديدة أو يعانون من أمراض مزمنة تجعلهم عرضة لمخاطر صحية، فإنهم، في حال كانت نتيجة تحليلة PCR إيجابية، يتلقون العلاج داخل المستشفيات.
انتقادات بالجملة
أثارت هذه الدورية الكثير من الانتقادات، حيث انتفضت جمعيات خبراء الطب بالمغرب ضد دورية الوزير، وحذرت من حدوث انفجار وبائي وارتفاع عدد الوفيات والحالات الحرجة التي تتطلب العناية الطبية بغرف الإنعاش، وفي هذا الصدد وجهت كل من الجمعية المغربية لأطباء الإنعاش والتخدير والجمعية المغربية لأطباء المستعجلات، انتقادات لدورية آيت الطالب التي تحمل رقم 64، ورفضت الجمعيتين بشكل قاطع في رسالة موجهة إلى الوزير كل ما جاء في هاته الدورية بخصوص الاستراتيجية الجديدة للوزارة في التعامل مع المرضى المصابين بفيروس كورونا، وقالت الجمعيتان بأنه وخلافا للرأي العلمي الذي سبق الإعلان عنه من طرف الخبراء فإن هاته الاستراتيجية من شأنها تعقيد الحالات الوافدة إلى مصالح المستعجلات والإنعاش، وكذلك المساهمة في تفشي الفيروس بشكل سريع والزيادة في نسبة الإماتة.
وأوضح الأطباء من خلال الرسالة، أن استعمال التحاليل السيرولوجية يدخل في إطار التتبع الوبائي ولا علاقة له بمسار علاج المرضى، وذلك بالنظر إلى هامش الخطأ الكبير الذي تحمله هذه التحاليل السريعة، وحذرت الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش والجمعية المغربية لطب المستعجلات من توجيه المرضى إلى منازلهم بناء على نتائج هذه الاختبارات السيرولوجية، دون الأخذ بعين الاعتبار التشخيص المرضي، لأن ذلك سيؤدي إلى تأخر التكفل بعلاج الحالات المصابة، ما سيساهم في ارتفاع عدد الوفيات وتزايد الحالات الصعبة والحرجة.
وأكد الخبراء على أن التحاليل السريعة ليست معتمدة للكشف عن الفيروس، حيث يعد الأمر سابقة عالمية، وذلك بسبب تأخر الجسم في إنتاج الأجسام المضادة حيث تبلغ هاته المدة 10 أيام بين تاريخ الإصابة وإمكانية الكشف، مما سيؤدي إلى «انفجار وبائي»، واعتبروا إشراك المراكز الصحية في عملية الكشف المبكر مسألة ضرورية، مؤكدين في الوقت نفسه أن إدماجها في مسار العلاج والتكفل، وفق ما جاء في الدورية الوزارية، سيكون سببا في تفشي الفيروس وظهور بؤر وبائية بالأحياء السكنية ستزيد من تفشي الفيروس وتعقيد الوضعية، نتيجة تضاعف المسارات المخصصة للعلاج.
و في انتقاد واضح للنهج الذي يتبعه وزير الصحة في تدبير جائحة كوفيد أكدت الجمعيتان بأنه على وزارة الصحة اعتماد المعطيات العلمية المتوفرة على الصعيد العالمي وإشراك الخبراء الذين يشتغلون في الميدان، مع توفير البروتوكول العلاجي على مستوى القطاع الصحي برمته (القطاع العمومي والقطاع الخاص)، وسبق لرئيس الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش البروفسور غسان الأديب قد وصف القرار على صفحته بالفيسبوك بأنه «حماقة» وهو ما أثار ردود أفعال في الأوساط الصحية تفاعلت إيجابيا مع هذا الموقف.