لاحديث لسكان إقليم الناظور، إلا عن الدمار الشامل الذي لحق الغابة والكثبان الرملية الشاطئية بمنطقة “إعزانن”، بسبب انتشار مقالع سرية في ملكية برلماني نافذ ينتمي إلى أحد أحزاب الأغلبية الحكومية، وذلك أمام أنظار السلطات المحلية ومصالح وزارة التجهيز والنقل، التي تقف عاجزة أمام تفعيل قانون استغلال المقالع الذي صادقت عليه الحكومة والبرلمان وصدرت مراسيمه التطبيقية مؤخرا.
ووجهت جمعيات مدنية شكايات مرفقة بقرص مدمج وصور توثق لعملية نهب الرمال، إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، عزيز أخنوش، ووزير التجهيز والنقل، عبد القادر اعمارة، والمفتشية العامة للإدارة الترابية، التي توجد على رأسها الوالي، زينب العدوي، يطالبون من خلالها بالتدخل الفوري لوقف المجزرة البيئية التي يرتكبها البرلماني المعروف بالإقليم، مستغلا نفوذه وشبكة علاقاته المتشعبة على مستوى الإقليم. وأفادت شكاية لجمعية الأصدقاء للتنمية وحماية البيئة، بأنها وقفت على مجموعة من المظاهر السلبية التي تعرفها المنطقة، وتتجلى في انتشار المقالع السرية، حيث يتم إعدام الغابة وقطع أشجارها واستغلال الرمال من طرف البرلماني المذكور، دون أية متابعة أو زجر أو محاسبة من طرف المسؤولين محليا وإقليميا، وأفادت مصادر مطلعة، بأن البرلماني صاحب المقالع، يتقن “التفاهم” مع المسؤولين الإقليميين للمصالح المعنية بمراقبة وزجر مخالفات استغلال المقالع من أجل التستر عليه.
وكشفت الشكاية، أن “المقالع السرية تعرف انتشارا بالمنطقة كما تنتشر النار في الهشيم”، يستغلها البرلماني المذكور دون حسيب ولا رقيب، ويأتي ذلك في سياق المشروع الملكي الضخم المتمثل في بناء ميناء غرب المتوسط. وأوضحت الشكاية، أن ظاهرة المقالع السرية التي تعرفها المنطقة، مخالفة للقوانين وخاصة القانون المتعلق باستغلال المقالع، والذي بموجبه تم تحديد المساطر والإجراءات للحصول على التراخيص والشروط التقنية لاستغلال المقالع، من بينها المحافظة على البيئة وإعادة الأماكن المستغلة إلى طبيعتها الأصلية بعد الانتهاء من عملية الاستغلال، فضلا عن استفادة الجماعة من مداخيل مالية مهمة. وطالبت الجمعية من المصالح المركزية للوزارات المعنية، بإرسال لجان تفتيش للوقوف على حجم الكارثة التي لحقت بالغابة والكثبان الرملية بالشاطئ، كما طالبت بالتفعيل الصارم للقانون، واتخاذ المتعين، من أجل الحد من الشطط في استعمال السلطة واستغلال النفوذ والتحايل على القانون وهدر المال العام.
وتفاعل وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، عزيز أخنوش، بشكل إيجابي مع الشكايات التي توصلت بها مصالح وزارته، وكلف المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالناظور، بفتح تحقيق في الموضوع، حيث وجه المدير الإقليمي، حكم محمد، استدعاء إلى رئيس جمعية الأصدقاء للتنمية وحماية البيئة، للحضور إلى مقر المديرية قصد الاستماع إليه بخصوص ما ورد في مضمون الشكاية، وتقديم الإيضاحات اللازمة من أجل القيام بالمتعين، وحسب وثائق يتوفر عليها موقع قناة “تيلي ماروك”، فقد سبق للمندوبية أن وقفت على عدة خروقات بخصوص الاستغلال العشوائي للمقالع السرية وتدمير الثروة الغابوية، وأنجزت بصددها محاضر معاينة، لكن المصالح المعنية لم تتدخل لتطبيق القانون، رغم توصلها بمراسلات رسمية في الموضوع.
وحسب الوثائق والشكايات التي توصل بها الموقع، سجلت بروز مجموعة من الاختلالات تهم أساسا تنامي ظاهرة المقالع العشوائية ونهب رمال الكثبان الساحلية والرمال الشاطئية بجماعة قإعزاننق، وحذرت من الانعكاسات السلبية الكثيرة التي تسببت فيها طريقة استغلال مقالع الرمال بالمنطقة، ما ألحق أضرارا بالسكان والبيئة والشبكة الطرقية وبالمنتوجات الفلاحية بالمناطق المجاورة، ورصدت جمعيات مدنية عدة تجاوزات تسبب فيها الاستغلال العشوائي لمقالع الرمال بمناطق الملك الغابوي وضفاف الوديان، فضلا عن استنزاف الثروة الرملية بدون حسيب ولا رقيب، من خلال غياب مراقبة كمية الرمال المستخرجة، وعدم التصريح بالكميات المنقولة على متن الشاحنات، وعدم احترام أوقات العمل، ما أدى إلى إلحاق أضرار بالشاطئ وتدمير الثروة الغابوية بالمنطقة، من خلال اجتثاث الأشجار.