محمد اليوبي
شرعت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، أول أمس الخميس، في المناقشة التفصيلية لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي ظل محتجزا داخل اللجنة منذ سنة 2016، عندما أحالته حكومة بنكيران في آخر عمر ولايتها، وسيتم تقديم التعديلات على القانون بعد انتهاء مجلس النواب من مناقشة مشروع قانون المالية.
وشهد اجتماع اللجنة نقاشات ساخنة وتباينا في الآراء والمواقف، حيث طالب برلمانيون بسحب المشروع وإعادة صياغته باتفاق مع النقابات عبر آلية الحوار الاجتماعي، فيما طالب برلمانيون من الأغلبية والمعارضة بالإسراع في دراسة القانون والتصويت عليه، ووجهوا اتهامات إلى المركزيات النقابية بعرقلة إخراج هذا النص القانوني، ووجهوا لها اتهامات بممارسة ازدواجية الخطاب، حيث وافقت على جل مواد القانون في إطار جلسات الحوار الاجتماعي، وصادقت بالإجماع على رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ثم تخرج ببيانات وبلاغات تعبر من خلالها عن رفضها للمشروع.
وأكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، انفتاح الوزارة على التعديلات التي ستتقدم بها مختلف الفرق البرلمانية، أغلبية ومعارضة. وأفاد السكوري، خلال اجتماع اللجنة، بحضور هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، أنه سيراسل النقابات الممثلة في البرلمان، بما في ذلك التي لا تشارك في الحوار الاجتماعي على المستوى المركزي، لطلب تعديلاتها على مشروع القانون التنظيمي.
وكشف السكوري أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي يضم في تركيبته تمثيلية المركزيات النقابية، وهذا المجلس صادق بالإجماع على رأيه بخصوص مشروع قانون الإضراب، وأعلن أن الحكومة تتفق مع ما ورد في رأيي كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول هذا المشروع، واللذين تضمنا عدة انتقادات وملاحظات على مواده. وعبر الوزير عن استغرابه لازدواجية خطاب النقابات التي صوتت على رأي المجلس، ثم تخرج لإصدار بلاغات، مشيرا إلى أن موضوع القانون التنظيمي للإضراب أكبر من أن تقدم فيه رسائل أو بلاغات، وإن كان ذلك من حق النقابات، معتبرا أنه ينبغي أن تتم مناقشته مؤسساتيا.
ونفى السكوري وجود خلافات في العمق حول مقتضيات القانون، وقال إن الحكومة ستحاول الوصول إلى توافق بشأنه، وحتى إذا لم يكن بشكل كامل، أن يكون توافقا بنسبة 90 أو 80 في المئة. وأفاد الوزير بأن الحكومة عقدت 65 اجتماعا مع النقابات للتوافق حول مواد المشروع، وهو ما حصل في آخر جلسة للحوار الاجتماعي، حيث تم الاتفاق ضمن مخرجات الحوار على الشروع في دراسة القانون والتصويت عليه في الدورة الربيعية للبرلمان، لكن فرق المعارضة طلبت تأجيل ذلك إلى حين التوصل برأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي ورأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأضاف «اليوم وصلنا إلى مرحلة الحسم ولي عندو شي رأي واضح يقدمو». وأعلن الوزير أنه سيوجه مراسلات كتابية إلى النقابات، بما فيها غير المشاركة في الحوار الاجتماعي، من أجل تقديم مقترحاتها بشكل رسمي، سواء في ما يتعلق بالديباجة أو العقوبات أو غيرها.
وفي ما يتعلق بتعريف الإضراب، أكد الوزير أنه سيحظى بالأولوية، مشيرا إلى أهمية التفكير في الفئات المعنية بالإضراب، وبعدما شدد على أن مشروع القانون التنظيمي «لا ينبغي أن يكبل تنفيذ الإضراب»، أبرز السكوري أن الحكومة تسعى إلى التوافق بشأن عدد من الإشكالات، مضيفا أنه «لا يمكن الاختلاف بشأن كل ما يتعلق بالصالح العام». وأكد الوزير، في هذا السياق، أنه ستتم إعادة النظر في الآجال ومساطر الإضراب والتدقيق في الأسباب الداعية له التي لم يتم التفصيل فيها بشكل دقيق في النسخة الحالية من مشروع القانون، بالإضافة إلى التنصيص على ضرورة التزام المشغلين بالجلوس إلى طاولة الحوار، مشيرا إلى أن ملاحظات كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص هذا النص التنظيمي ستؤخذ بعين الاعتبار.
من جهتهم، دعا النواب البرلمانيون المشاركون في هذا الاجتماع إلى إعادة النظر في تعريف عدد من المصطلحات وعلى رأسها مفهوم الإضراب، وطالبوا بتدقيقه ومنحه بعدا حقوقيا، بالإضافة إلى تحديد دور المشغل والجهة الداعية إلى الإضراب، وكذا مفهوم النقابة الأكثر تمثيلا، مشددين على ضرورة تخصيص مادة واحدة تضم مختلف التعاريف، وطالبوا، أيضا، بتوسيع الفئات المعنية بالإضراب باعتباره حقا دستوريا، ومراجعة تعريف الحد الأدنى للخدمة لأن مدلولها يتغير من قطاع إلى آخر.