محمد اليوبي
علمت «الأخبار» من مصادرها أن مشروع تعديل نظام التصريح بالممتلكات مازال محتجزا بوزارة إصلاح الإدارة، في حين تطالب رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، بالإسراع بإخراجه من أجل سد الثغرات التي يعرفها النظام المعمول به حاليا، وذلك بعدما رصد المجلس تلاعبات من طرف مسؤولين وبرلمانيين ورؤساء جماعات في التصريح بممتلكاتهم.
وأفادت المصادر بأن المجلس الأعلى للحسابات يواجه العديد من الصعوبات في تتبع ممتلكات كبار المسؤولين والمنتخبين، وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن كشف وجود وزراء سابقين ومديري دواوين وبرلمانيين ومنتخبين وكبار الموظفين بمختلف الإدارات العمومية، لم يجددوا التصريح بممتلكاتهم لدى المجلس. وتشمل لائحة الممتلكات، التي يطالب المجلس الأعلى للحسابات الملزمين بضرورة التصريح الإجباري بها، العقارات والأموال المنقولة، منها الأصول التجارية والودائع في حسابات بنكية والسندات والحصص والأسهم في الشركات والممتلكات المتحصلة عن طريق الإرث أو الاقتراضات والعربات ذات محرك والتحف الفنية والأثرية والحلي والمجوهرات، بالإضافة إلى الممتلكات المشتركة مع الأغيار، وتلك التي يدبرونها لحسابهم وممتلكات القاصرين. وتم إقرار الحد الأدنى لقيمة الأموال المنقولة الواجب التصريح بها، في 30 مليون سنتيم لكل صنف من أصناف الأموال المنقولة، عند تاريخ اقتنائها أو عن طريق الشراء أو تملكها.
ورغم أن المغرب اعتمد قانون التصريح الإجباري بالممتلكات منذ سنة 2010، لكن هذا القانون تشوبه العديد من النواقص والثغرات التي تجعل مهمة تتبع ثروات الملزمين بالتصاريح غير ذات جدوى، وذلك أمام استغلال المعنيين لهذه النواقص في التحايل على القانون، بتسجيل ممتلكاتهم بأسماء زوجاتهم وأبنائهم، في حين يتملص البعض الآخر من التصريح بالممتلكات، أمام الصعوبات التي تواجه المجلس الأعلى للحسابات في دراسة كل الملفات المعروضة عليه.
وأسند دستور المملكة في فصله 147 للمجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات. كما ألزم الفصل 158 من الدستور كل شخص منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها وعند انتهائها.
وتعتبر هذه المقتضيات الدستورية تتويجا للنصوص القانونية التي صدرت سنة 2010، والتي حددت نطاق هذا الاختصاص ومجاله، وكذا كيفيات ومساطر إيداع وتلقي وتتبع ومراقبة التصاريح بالممتلكات حيث شملت مقتضياتها المسائل المسطرية والإجرائية المتعلقة بآجال عملية إيداع وتلقي جميع أنواع التصريحات بالممتلكات وتحديد قوائم الملزمين وتتبع ومراقبة هذه التصريحات، وكذا الجزاءات التي تترتب عن الإخلال بإلزامية التصريح والسلطات التي تتخذها.
وفي هذا الإطار، يختص المجلس الأعلى للحسابات بتلقي وتتبع ومراقبة التصريحات المتعلقة بالأشخاص الملزمين الذين يمارسون صلاحيتهم على مجموع التراب الوطني، بينما تختص المجالس الجهوية للحسابات بتدبير تصريحات الملزمين الذين تنحصر صلاحيتهم محليا في نطاق حدود ترابية معينة. أما الفئات الملزمة أمام المجلس الأعلى للحسابات، فهي تشمل أعضاء الحكومة والشخصيات المماثلة لهم ورؤساء دواوينهم وأعضاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وبعض فئات الموظفين والأعوان العموميين، فيما تختص المجالس الجهوية للحسابات بتدبير تصريحات بعض فئات المنتخبين المحليين، وبعض فئات الموظفين والأعوان العموميين كل حسب نفوذه الترابي.
وتهدف مهمة تتبع ومراقبة التصاريح بالممتلكات إلى تكريس مبادئ المساءلة والمحاسبة والشفافية وحماية المال العام ومحاربة الرشوة وترسيخ أخلاقيات المرفق العام، إذ يهدف نظام التصريح بالممتلكات المعتمد إلى تتبع تطور القيمة النقدية لممتلكات الملزمين للتأكد من اتساقها مع المداخيل المتحصل عليها خلال فترة توليهم لوظيفة عمومية ذات علاقة بتدبير المال العام تحت طائلة وجود حالات الإثراء غير المشروع أو استغلال النفوذ أو تضارب المصالح.
لذلك، حرص المجلس على ممارسة هذا الاختصاص في إطار منظومة رقابية شاملة ترتكز على منهجية المراقبة المندمجة من أجل إقامة جسور بين هذا الاختصاص ومختلف الاختصاصات الأخرى الموكولة للمحاكم المالية، سواء القضائية أو غير القضائية، سواء عند برمجة المهمات الرقابية أو خلال تنفيذها وإصدار التقارير عن النتائج التي تسفر عنها ومعالجتها.
وفي السياق نفسه، اعتمد المجلس، منذ مطلع سنة 2019، مسطرة التحميل الإلكتروني لقوائم الملزمين بالمنصة الرقمية التي أعدها لفائدة مخاطبيه من ممثلي السلطات الحكومية، وذلك من أجل إضفاء الفعالية والمرونة على الإجراءات ذات الصلة بعملية الإدلاء بهذه التصريحات، اعتبارا للأهمية القصوى التي تكتسيها هذه العملية كمرحلة أولى وأساسية في مسلسل المراقبة للحد من حالات التأخير المسجلة في هذا الشأن. وكشف المجلس الأعلى للحسابات أنه ينكب حاليا على استكمال مسطرة مراقبة هذه التصاريح من حيث الجوهر وصحة البيانات والمعلومات المضمنة بها من أجل التأكد من مدى اتساق ثروة وممتلكات الملزمين مع المداخيل المصرح بها.