شوف تشوف

الرأيالرئيسية

بدل الرباط.. اذهبوا إلى تندوف

لم يعد هناك أي مجال للشك في أن هناك أزمة بين الرباط وباريس، إذ إن ما وقع في البرلمان الأوروبي من هجوم على المغرب، والوقوف الواضح لفرنسا وراء القرار المتعلق بوضعية حقوق الإنسان، كانت له تداعيات واضحة على العلاقات بين البلدين.

رغم أن رؤساء كثيرين مروا من كرسي رئاسة الجمهورية، إلا أن أصحاب العقلية الاستعمارية لازالوا ينظرون إلى المغرب بالمنظار نفسه.

ومن خلال زجاجته المكسورة، يحاولون تقييم وضعية حقوق الإنسان في المغرب. ولا يجب أبدا أن ننسى أن حكومة فرنسا حاولت أكثر من مرة، خلال ثمانينيات القرن الماضي، استفزاز المغرب بملف حقوق الإنسان، عندما حاولت اللعب على ملف سكان مخيمات تندوف، حيث وُجه اتهام ظالم للمغرب بالوقوف وراء مأساة سكان المخيمات. واتضح، بعد سنوات، أن المسؤول الأول والوحيد عن معاناة سكان مخيمات تندوف ومأساتهم هم حكام الجزائر.

من أوصل هؤلاء العسكريين إلى السلطة في البلاد؟ الجواب واضح جدا ويعرفه الجميع في الشرق والغرب.

وإلى اليوم، لا يزال موضوع حقوق الإنسان في مخيمات تندوف خارج اهتمامات الحقوقيين الفرنسيين، وكذا أعضاء الحكومة الفرنسية.

رغم أن المنطقة كانت تخضع للاستعمار الفرنسي وأنشئت بها ثكنة عسكرية، وكانت تابعة في السابق لحامية مدينة أكادير المغربية وليس العاصمة الجزائر، إلا أن فرنسا اليوم لا تضع ملف تندوف في لائحة اهتماماتها ولو على المدى البعيد.

في السابق، كان وصول أي شخص مدني أو عسكري إلى تندوف، بغض النظر عن جنسيته وما إن كان مغربيا، فرنسيا أو جزائريا، لا بد، لكي يصل إلى تندوف، أن يمر أولا عبر القاعدة العسكرية في مدينة أكادير ويطبع في جواز السفر تصريحا بالدخول إلى تندوف، يوقعه المسؤول العسكري الفرنسي في المغرب وليس في الجزائر.

ولكن عندما رحلت الحماية الفرنسية تُركت تندوف معلّقة، وسرعان ما تم استثمارها في أول أزمة للحدود بين المغرب والجزائر. وها نحن نرى كيف أن معاناة سكان هذا المخيم، المقيمين داخله بشكل إجباري فرضته عليهم الجزائر، لا تزال متواصلة إلى اليوم.

بل إن هناك ملفا شائكا يتعلق بحقوق الإنسان، ويكشف حقائق صادمة عن التلاعب بالمساعدات التي يوجهها الاتحاد الأوروبي ومنظمات إنسانية أخرى إلى تندوف، ولا تجد أبدا طريقها إلى سكان المخيم، بل رصدت تحويلات مالية لأعضاء من «البوليساريو» إلى أبناك سويسرا، ورغم ذلك لم يطالب أي حقوقي فرنسي أبدا بمحاسبة هؤلاء الفاسدين الذين يتزعمون أطروحة الانفصال عن المغرب.

لا يعقل أننا في القرن الحادي والعشرين، ولا يزال مجموعة من الناس مجبرين على الإقامة في نقطة وسط الصحراء، بدون أن تتوفر لهم أي مقومات للعيش، ويقضي الجيل الثالث حياته الآن داخل المخيمات بعد أن وُلد آباؤه تحتها بدورهم.

كل هذا وفرنسا تتابع المشهد دون أن يتحرك أي سياسي فرنسي، على اعتبار أن فرنسا تتحمل مسؤولية تاريخية في الموضوع، ويطالب بإنهاء العبث الواقع في تندوف.

هذا هو الملف الحقوقي الوحيد الذي يجب أن تخوض فيه فرنسا، لكنها لم تقترب منه منذ أكثر من أربعين سنة.

بل إن وفدا فرنسيا حل بالمغرب بداية ثمانينيات القرن الماضي، وكانت تتزعمه زوجة رئيس الجمهورية، وكان الهدف من الزيارة التوجه إلى الأقاليم الصحراوية للوقوف على وضعية حقوق الإنسان. وبما أن أعضاء الوفد كانوا يساريين، فقد استقبلهم الاتحادي الراحل عبد الرحيم بوعبيد، بحكم علاقاته بيساريي فرنسا، وشرح لهم الوضع في الأقاليم الجنوبية وقال لهم إنهم لن يجدوا أبدا ما يتصورونه في المدن الصحراوية. ماذا كانت النتيجة؟ عاد الوفد أدراجه إلى باريس بعدما أيقن «المناضلون اليساريون» أن الملف فارغ، وأن الاضطهاد الحقيقي لحقوق الإنسان يوجد في تندوف، وليس في الرباط أو الداخلة.

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى