بدائل متعثرة
المرحلة الانتقالية تشكل فارقا بين فوضى القطاعات غير المهيكلة والقطاع المهيكل الذي يفتح آفاقا جديدة للتنمية والعمل بكرامة، لكن لا يمكن القبول بالوقوع في سجن المرحلة الانتقالية لمدة طويلة، والتدابير الاستثنائية التي تتعلق بها، وخطر تعثر المشاريع البديلة وغياب الصرامة في تتبع تحقيق الأهداف المطلوبة، سيما والتسهيلات التي تطرحها الدولة لدعم الاستثمارات والتشغيل.
يجب الاعتراف بتعثر عدد من المشاريع البديلة، لفوضى القطاعات غير المهيكلة مثل التهريب واحتلال الملك العام العشوائي، والعمل في السوق السوداء خارج التسجيل بالضمان الاجتماعي، فضلا عن ضياع المال العام في مشاريع أسواق لاستقطاب الباعة الجائلين دون جدوى، ومحدودية تشجيع الشباب على الانخراط في التنمية ودعم المشاريع، وغياب المواكبة الفعلية وفق النجاعة المطلوبة والتخصص في المجالات.
هناك حاجة ماسة اليوم إلى تسريع الخروج من سجن المرحلة الانتقالية، إلى فضاءات الهيكلة والمشاريع التنموية والبدائل الحقيقية التي يمكنها توفير الشغل بكرامة، بحيث يمكن لهيكلة القطاعات دعم صناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد، وتمويل التغطية الصحية، وتوفير الظروف المناسبة للتوزيع العادل للثروة.
على القطاعات الحكومية المعنية، المبادرة إلى تقييم شامل لسير المشاريع البديلة عن القطاعات غير المهيكلة، واتخاذ ما يلزم من المرونة في تسريع مشاريع وتنزيلها لتحقيق أهداف الهيكلة، وحل المشاكل التقنية والقانونية، وتجاوز إكراهات التمويل وجدل سلطة التوقيع وتعدد المتدخلين، والتركيز على أهداف التشغيل، لأن القوانين والتشريعات وضعت لتحقيق التنمية والكرامة وضمان التقدم والازدهار، وليس لتكون عصا تُفرمل عجلة الاقتصاد الوطني.
يجب اشراك جميع الأطراف المعنية في مشاريع الهيكلة، دون إقصاء أو تمييز أو إحياء لنعرات قبلية والميز الطبقي، والسعي إلى توفير بدائل حقيقية للفئات الفقيرة والهشة التي تمارس بعض المهن البسيطة المرتبطة بفوضى القطاعات غير المهيكلة، وذلك لمواكبة مشاريع الإصلاح التي دشنها المغرب وتنظيمه لمونديال 2030.
وفي ظل كل ما سبق ذكره، يجب الحذر من اللوبيات المستفيدة من فوضى القطاعات غير المهيكلة لسنوات طويلة، واستعمالها الملفات الاجتماعية كدروع للتغطية على مصالحها الضيقة، فضلا عن محاولة إفشال مبادرات الهيكلة، لأنها مثل الشمس التي تكشف المستور، بطرد ظلام السوق السوداء، والتعرية على جرائم الرشوة وتبييض الأموال، واستغلال اليد العاملة دون حقوق، وضياع الملايير على خزينة الدولة.