شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

بتشجع مين؟

حسن البصري

 

من المفارقات العجيبة أن يسقط في مربع عمليات قراءتي كتاب «مصر وأهل المغرب» لكاتبه أحمد الجارد، والأعجب أن يتزامن مع حدث كروي يشغل بال أسد الأطلس وأبي الهول، مباراة كرة القدم بين مصر والمغرب في دوالا الكاميرونية.

يروي المؤرخ قصص مشايخ مغاربة «احترفوا» التصوف في القرون الأولى وأسسوا نواة الفكر الصوفي في مصر، ويقدم تشكيلة من أقطاب الصوفية كالبدوي والقنائي وسيدي طلحة والمطراني والشاذلي والتجاني واللائحة طويلة، بل إن العديد من المزارات التي يقصدها المصريون يرقد في قبورها مشايخ مغاربة.

كلما اقترب موعد كروي بين المنتخبين المغربي والمصري، إلا جدد إعلام أرض الكنانة لعبة «يا ترى هتشجع مين»، وطرق أبواب بيوت مشاهير مصريين اقترنوا بمغربيات ومغاربة تزوجوا من مصريات.

في مثل هذه المواقف تحضر المجاملات ويتمنى كل طرف نهاية بلا غالب ولا مغلوب، لكن قوانين نهائيات كأس أمم إفريقيا تحتم وجود رابح وخاسر، وتصر على أن تكون في آخر مشاهد المواجهة دمعة وابتسامة.

في عز الاستنفار المغربي المصري للمباراة الحاسمة، نشرت الجريدة الرسمية المصرية بيانا يحمل موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على زواج الديبلوماسي المصري أحمد عياد من راوية مبروك التي تحمل الجنسية المغربية.

حسب القوانين المصرية لا يتم الزواج بين ديبلوماسي مصري و«أجنبية» إلا بقرار رئاسي، لذا سيتزامن شهر العسل مع مباراة مصيرية أشبه باختبار تطبيقي للعروسين.

لم يهتم الشارع المصري بزيارة الرئيس الجزائري لمصر، لم يعر اهتماما للتعديل الوزاري المرتقب، لأن الشعوب تبدي اهتماما بتشكيلة منتخباتها أكثر من شغفها بالتشكيل الحكومي، وتعرف أن خطة المدرب أهم من خطط التنمية المستدامة، وأن انتصارا في ملاعب الكرة يمنح مهندسي الحراك في أي بلد إجازة مفتوحة.

لا أحد يهتم اليوم بالقمة العربية ولا أحد يعرف سر تأجيلها أو إلغائها، إلا الراسخون في علم الكرة الذين لطالما حذروا من عقد ملتقيات سياسية في عز الاستنفار الكروي، ونبهوا إلى إمكانية التنقيب عن الوئام العربي في ملاعب ومدرجات الكرة لا في مؤتمرات كتبت بياناتها الختامية سلفا.

كشفت المواجهات العربية الكروية عن أعطاب السياسة، وتبين أن الوحدة العربية طريحة الفراش، وأن المصير المشترك والقومية العربية قد انتهت صلاحيتهما برحيل جمال عبد الناصر وإحراق الكتاب الأخضر للقذافي، وأن الكلمة الآن للكتاب الأزرق الفايسبوك الذي أصبح أكبر حزب في العالم.

بين مصر والجزائر بؤرة توتر قديمة اسمها موقعة أم درمان، حين أريق الدم على جوانب مباراة في كرة القدم، وجمع سفيرا البلدين حقائبهما وعاد كل منهما إلى بلده للتشاور.

وبين المصريين والمغاربة عقدة عمرت طويلا قبل أن تجد لها حلا في ملعب «بور جنتيل» الغابوني، هناك سافرت العقدة واحتفل المصريون بالعيد الحقيقي للجلاء. وقال حارس مرمى مصر إنه سمع صوت الرئيس عبد الفتاح السيسي يهتف في أذنه «شمالك يا حضري»، وحين انهزم منتخب مصر في النهائي رد عليه المغاربة: «شماتتك يا حضري».

قال فهمي عبد المجيد، سفير مصر في المغرب خلال سبعينات القرن الماضي، والذي عايش عن قرب انقلاب الصخيرات، إن الكرة أنقذت حياته من موت محقق في مقر الإذاعة المغربية. كان الديبلوماسي المصري برفقة المطربة شادية بصدد تسجيل أغنية قبل أن يفاجأ الجميع باقتحام جنود اعبابو مدبر انقلاب الصخيرات.

قال السفير للانقلابيين «أنا سفير مصر في المغرب وهذه المطربة المصرية شادية، نحن أشقاؤكم». حينها رد أحد جنود مدرسة أهرمومو: «أنا كنعرف بلدكم ماشي انتوما للي غلبناكم بثلاثة لصفر في الكرة هاذ العام في إقصائيات الألعاب الأولمبية»؟ فأجاب السفير والمطربة بصوت واحد: «نعم صحيح لقد سحقتمونا بثلاثة لصفر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى