شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

بايعتُ مولاي عبد الحفيظ ورفض منحي منصبا لأنني «محمي» من الإنجليز

يونس جنوحي:

الفصل السادس:

«القَسم الذي أدّاه الريسوني»

 

بعدما آلت الأمور في قضية ماكلين لصالح الريسوني، توقع هذا الأخير أن يعيش في سلام وأن يصير غنيا وتزدهر أعماله، دون أي خوف من الانتقام والقصاص. فقد كان صعبا أن يتحكم المخزن في شخص يحظى بإشادة غريبة من الرعايا البريطانيين أمام الرأي العام الأجنبي في طنجة، لكن في ذلك الوقت، كان الشريف قد تعلم أمورا كثيرة عن السياسات الأوربية.

لقد فهم أن القوات الأجنبية لا بد أن تتدخل قريبا في المغرب، وأنه من الضروري بالنسبة له الإبقاء على الامتياز الديني والطموح نحو السلطة كنوع من الوطنية. قال لي الشريف مرة:

«لقد حاربت طيلة حياتي من أجل حرية شعبي. ولم تكن لحيتي ظهرت بعدُ على وجهي عندما حملتُ المسدس في يدي للدفاع عنهم.

الزعيم الذي بنى صلابة الرجال، لا يمكن له الاكتفاء والرضى فقط ببناء منازل من الطوب والجبس. ذهبتُ إلى أصيلة وأخذتُ عائلتي إليها لأنني نويت الاستقرار بها وبناء قصبة كبيرة هناك. لكن جاءني خبر إعلان مولاي عبد الحفيظ نفسه سلطانا على البلاد من مراكش.

لقد عاملني أخوه مولاي عبد العزيز بسوء ولم يكن لديه اعتبار للبلد، وأنفق كل ماله على الألعاب. كانت لديه آلة لصناعة والتقاط الصور مثل التي لديكِ، لكنها كانت مصنوعة من الذهب ومرصعة بالجواهر (كانت من نوع كوداك).

كان القصر يعج بألعابه، وكل لعبة منها كانت تساوي ما قيمته أجرة فوج من الجنود.

لقد كانت لديه عربات كثيرة لم يستطع أن يقودها لأنه لا يتوفر على طرقات صالحة. وكانت لديه كل أنواع الأشياء الغريبة والعجيبة، لكن الأسود كانت أكثر أشيائه نجاعة لأنها كانت تأكل السجناء».

ابتسم الشريف عندما كان يحكي هذه الواقعة:

«كان طيعا بين يدي وزرائه، حتى أنه لم يكن يعلم أن هناك ثورة عندما وصل بوحمارة إلى أسوار فاس. كان محمد الطريس يتحدث معه ذات يوم وذكر في كلامه ذلك الذي يدعي أحقيته بالعرش، فقال له مولاي عبد العزيز:

-من يكون؟ لم أسمع به قبلا.

والله! إن مولاي عبد الحفيظ لن يُخدع بسهولة.

الوزراء يخبئون كل شيء عن السلطان. بمجرد أن يحكم أحد ما البلاد، وليس أغلبهم، فإنه يُكتب أن حكمه سوف يسقط.

جميعنا نؤمن أن مولاي عبد الحفيظ رجل مؤمن وصادق، لذلك كتبتُ إليه رسالة قلتُ له فيها إنني أبايعه سلطانا على القبائل. ووافق، وأرسل إليّ عقد البيعة وأمرني أن أنصب مخيما في منطقة القبة الحمراء وسط البلاد. وكان معي المنبهي هناك، وأرسلنا رسائل إلى كل زعماء القبائل نخبرهم فيها عن السلطان الجديد الذي كان وقتها قد وصل إلى فاس.

كان من الضروري أن تذهب لجنة تنوب عن كل قبيلة إلى العاصمة لكي تقدم البيعة أمام أمير المؤمنين. لذلك جمعتُ تسعين رجلا، يمثلون كل رجال جبالة، ورافقني ابن عمي مولاي عبد الصادق، وسافرنا إلى فاس. استقبلنا مولاي عبد الحفيظ بتشريف كبير، ونزلنا في منزل محمد التازي في القبة الزرقاء. كان قصرا كافيا لإيوائي مع رجالي التسعين. وذبح السلطان كل الدواب في الزريبة لإطعامنا ليوم واحد فقط. مكثنا هناك أربعة أيام، لأننا مررنا ببعض الصعوبات.

لم أكن أريد أن أتخلى عن حماية الإنجليز لي، لكن مولاي عبد الحفيظ رفض أن يمنحني منصبا في المخزن ما دمتُ من الرعايا الإنجليز. بالإضافة إلى قضية فدية القايد ماكلين، فقد كانوا دفعوا الثلث فقط، بينما البقية كانت على أقساط تمتد على سنتين أو ثلاث.

عقدت لقاءات كثيرة مع مولاي عبد الحفيظ ووجدت أنه كان متعلما ومثقفا، ويستحق الاحترام».

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى