النعمان اليعلاوي – سهيلة التاور
تظهر النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الأمريكية تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن بـ264 صوتا في المجمع الانتخابي مقابل 214 صوتا لخصمه الجمهوري دونالد ترامب، ويحتاج المرشح إلى 270 صوتا من أصوات كبار الناخبين في المجمع الانتخابي من أصل 538 للفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال بايدن إنه حصل على ما يكفي من الأصوات للفوز بالرئاسة، في حين نفى ترامب أن يكون خسر السباق وقدم معلومات مغايرة، وتقدمت حملته رسميا بطعون أمام القضاء، في الوقت الذي احتج متظاهرون ضد ترامب في عدد من الولايات وقرب مراكز فرز الأصوات، يطالبون بفرز جميع الأصوات في انتخابات الرئاسة، وقالت وسائل إعلام أمريكية إن مليونا ومائة ألف صوت لم تفرز بعد من أصوات ولاية بنسيلفانيا، وهي الأصوات التي ستكون حاسمة في ترجيح كفة ترامب أو بايدن.
وبدا المرشح الديمقراطي أكثر استعدادا لإعلان فوزه في هذه الانتخابات الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الرئاسيات الأمريكية، بعدما غرد عبر تويتر بالقول «واثق من فوزنا لكن هذا لن يكون انتصارنا وحدنا بل سيكون نصراً للشعب الأمريكي ولديمقراطيتنا»، فيما سارع ترامب ليرد عبر تغريدة مقابلة، معلنا فوزه بولاية ميشيغن بالإضافة إلى جورجيا وبنسيلفانيا ونورث كارولاينا.
ترامب يفتح معركة القضاء
فتح الرئيس الأمريكي، المنتهية ولايته، دونالد ترامب، معركة قضائية قبيل إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والتي تميل بكفتها لصالح المرشح الديمقراطي، جو بايدن، حين أعلن ترامب نيته التوجه للمحكمة العليا من أجل وقف فرز الأصوات المعبر عنها من خلال الرسائل البريدية، وقال ترامب إن «الملايين من الناس صوتوا لنا ومجموعة محزنة تحاول سلبنا ذلك ونحن لن نسمح بذلك»، في إشارة إلى التغير المفاجئ للنتائج في عدد من الولايات المتأرجحة.
وفي السياق ذاته، احتج مجموعة من مؤيدي ترامب أمام مركز اقتراع في أريزونا، وشكك المحتجون في نتائج الفرز، وطالبوا بوقف العملية، كما قام المئات من أنصار المرشح الجمهوري بالتظاهر أمام مركز فرز الأصوات في مقاطعة ماريكوبا بولاية أريزونا، ما استدعى تدخل وزارة العدل الأمريكية، حيث قالت مصادر إعلامية أمريكية، إن «وزارة العدل أبلغت المدعين العامين بجواز إرسال ضباط فيدراليين مسلحين لمراقبة سير فرز الأصوات».
في المقابل، حشد المرشح الديمقراطي، جون بايدن، أنصاره قرب مراكز فرز الأصوات، وطالب المتظاهرون في ولاية سياتل التي تسير النتائج فيها لصالح بايدن بفرز جميع الأصوات في انتخابات الرئاسة الأمريكية، كما خرجت مظاهرة مناوئة للرئيس ترامب في مدينة سياتل بولاية واشنطن، ورفع متظاهرون في شيكاغو مطالب بفرز جميع الأصوات.
وسارعت حملة ترامب إلى رفع دعوى قضائية لوقف فرز الأصوات في ولاية جورجيا، وقال حاكم بنسيلفانيا، وهو من الديمقراطيين، إن «دعوى ترامب لوقف فرز الأصوات في الولاية خطأ ويتعارض مع المبادئ الأساسية لديمقراطيتنا»، كما غرد جو بايدن عبر تويتر قائلا إنه «يجب احتساب كل صوت ولن يسلب أحد ديمقراطيتنا»، وقالت حملة المرشح الديمقراطي إن «الدعوات لإعادة فرز أصوات ولاية ويسكونسن مثيرة للشفقة».
الولايات المتأرجحة.. نقطة الحسم
في ظل انتهاء الفرز النهائي لعدد الأصوات في أغلب الولايات الأمريكية، بدا أن الحسم يقترب من دنو الإعلان عن نتائج عدد من الولايات المتأرجحة، فيما بات بايدن، المرشح الديمقراطي، قاب قوسين أو أدنى من الفوز، وبدأ ترامب في التشكيك في النتائج، وقال في تغريدة له على تويتر «كنت متقدما بالأمس في ولايات مهمة ثم بدأت هذه الولايات في الاختفاء بشكل سحري»، في المقابل قالت الحملة الانتخابية لبايدن إن مرشحها في طريقه للفوز بالانتخابات الرئاسية.
وأكدت حملة الديمقراطيين أنهم في طريقهم للفوز بميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا بفارق أكبر مما حققه ترامب سنة 2016، وأضافت الحملة، في مؤتمر صحفي لها: إذا توقف فرز الأصوات الآن كما طلب ترامب فسيكون بايدن هو الفائز في الانتخابات الرئاسية، ومن جانبها قالت مساعدة حاكم ولاية بنسلفانيا إنه «من السابق لأوانه أن نحدد موعدا» لانتهاء عمليات فرز الأصوات، وأضافت أن إجراءات فرز عمليات التصويت عبر البريد تتم على مراحل وتستغرق وقتا.
في المقابل، أكدت الحملة الانتخابية للرئيس الجمهوري دونالد ترامب، أنها ستطلب على الفور إعادة إحصاء الأصوات في ولاية ويسكونسن، حيث يبدو منافسه الديمقراطي جو بايدن متقدما بشكل طفيف، على الرغم من أن النتائج النهائية لم تعلن بعد رسميا في الولاية، وقال مدير الحملة بيل ستيبين في بيان «وردت تقارير عن مخالفات في عدة مقاطعات بويسكونسن مما يثير شكوكا جادة بشأن صحة النتائج»، دون أن يذكر تفاصيل عن تلك التقارير، وأضاف أن «الرئيس تخطى بفارق كبير مستوى الأصوات الذي يسمح له بطلب إعادة الإحصاء وسنفعل ذلك على الفور».
التصويت الشعبي وتأخر النتائج
لا يمكن الحسم النهائي في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لأسباب مرتبطة بطبيعة التصويت، حيث لم تفرز بعد أصوات كافية لدونالد ترامب أو لجو بايدن لكي يعلن أي منهما النصر، نظرا للوقت الذي يستغرقه فرز العدد الهائل من الأصوات التي أرسلت بالبريد، والتي أدلي بها خلال هذه الانتخابات التي خيم عليها وباء كورونا، لذلك فقد يقتضي إعلان النتيجة في الواقع أياما.
ويختلف النظام الانتخابي الأمريكي عن باقي النظم الأخرى، فحتى يصبح أحد المرشحين رئيسا، فهو لا يحتاج في الواقع للفوز بالتصويت الشعبي، ولكن يتعين على المرشح، بدلا من ذلك، الفوز بالأغلبية في نظام يعرف بالمجمع الانتخابي، تحصل فيه كل ولاية على عدد معين من الأصوات أو «الناخبين» بما يتناسب تقريبا مع عدد سكانها.
وبالتالي فإن الفوز بتلك الولاية، يعني الفوز بأصواتها، ويبلغ إجمالي أصوات المجمع الانتخابي 538 صوتا، ولذلك يجب أن يحصل الفائز على 270 صوتا منها حتى يصبح رئيسا، وتبقى حتى الآن 5 ولايات لم تحسم بعد هي ألاسكا، نيفادا، نورث كارولينا، جورجيا وبنسلفانيا.
وتجرى الانتخابات الأمريكية بشكل غير مباشر، حيث إن «المجمع الانتخابي» الذي يضم ما يعرف بـ«كبار الناخبين»، وعددهم 538، باستثناء ولايتي نبراسكا ومين، ولكل ولاية عدد محدد من «كبار الناخبين» يساوي عدد ممثليها في مجلسي النواب والشيوخ، وأي مرشح يفوز بأصوات مواطني الولاية يقتنص كل حصتها من «كبار الناخبين».
ولايات حاسمة
يتوقف مصير الرئاسة الأمريكية على نتائج التصويت في ولايات لم يتم تحديد الفائز الواضح فيها حتى الآن، وهي نيفادا وبنسلفانيا وكارولاينا الشمالية وجورجيا وألاسكا.
وحتى الآن يتخلف بايدن عن ترامب في ثلاث من هذه الولايات (بـ49.1% مقابل 49.6% في جورجيا بعد فرز 98% من الأصوات، وبـ48.7% مقابل 50.1% في كارولاينا الشمالية بعد فرز 94% من الأصوات، وبـ48.1% مقابل 50.7% في بنسلفانيا بعد فرز 89% من الأصوات). أما في ولاية ألاسكا، وهي من الولايات الجمهورية في العادة، فإنها شبه محسومة لترامب، إذ بعد فرز 56 في المئة من الأصوات يتقدم ترامب بواقع 62 في المئة مقابل 33 في المئة لبايدن.
أما بالنسبة للتصويت الشعبي، فيتقدم بايدن على ترامب بـ50.4% مقابل 48% من أصوات الناخبين.
نيفادا هي المنقذ
مع حسمه ولاية ميشيغان، يحتاج بايدن للتمسك بتفوقه الضئيل في ولاية نيفادا الغربية، الملقبة بـ«الولاية الفضية»، التي تمثل 6 أصوات في المجمع الانتخابي، للوصول إلى 270 صوتا انتخابيا، وحسم سباق الرئاسة على حساب دونالد ترامب الذي توقف عند 214 صوتا.
ويكفي بايدن الفوز بولاية نيفادا التي تمثل 6 أصوات في المجمع الانتخابي، للحصول على 270 صوتا علما أن رصيد الرئيس ترامب توقف عند 214 صوتا.
ولم يتوقع كلا المرشحين أن تكون ولاية نيفادا التي تمتلك 6 أصوات انتخابية فقط ولا يعيرها المرشحون عادة اهتماما كبيرا، (أن تكون) الولاية الحاسمة في انتخابات هذا العام.
والمفارقة أن بايدن وترامب يعتمدان في هذه الولاية على مدينة القمار والملاهي الليلية، الشهيرة باسم «مدينة الذنوب»، لحسم النتيجة، إذ إنها نشكل نحو 70 في المئة من الكتلة التصويتية، مع العلم أنها مدينة تميل في العادة للتصويت لصالح الديمقراطيين.
وفوز بايدن في نيفادا سيعني أنه سيكون الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة، أما هزيمته أمام الرئيس في الولاية، فستعني أنه يجب على المرشح الديمقراطي قلب نتائج جورجيا أو كارولاينا الشمالية اللتين يتفوق فيهما ترامب، وهو أمر مستبعد.
ومن ناحية أخرى ترى حملة الرئيس دونالد ترامب أن ولاية نيفادا (المحسوبة أصلا على المعسكر الديمقراطي) وبحساباتها الخاصة صوتت بفارق ضئيل ولكن للرئيس ترامب ومنحته الأصوات الستة وبالتالي سيكون محتاجا حتما للفوز ببنسلفانيا وقلب الطاولة تماما على بايدن.
تصريحات المرشحين
في خطاب ألقاه بعد ظهر الأربعاء 4 من الشهر الجاري، قال بايدن إنه من الواضح أن حملته تفوز بعدد كاف من الولايات لكسب الانتخابات. حيث قال «أنا هنا للإبلاغ، نعتقد أننا سنكون الفائزين».
فيما زعم ترامب في تغريدة على تويتر أنه كانت هناك «بطاقات انتخابية مفاجئة»، مما تسبب في اختفاء تقدمه في عدة ولايات، دون تقديم أي دليل. ووصف تويتر التغريدة بأنها مثيرة للخلاف ومضللة.
وفي اجتماع ليلة الانتخابات في البيت الأبيض، قال الرئيس ترامب إن هناك «تزويرا كبيرا» و«سنذهب إلى المحكمة العليا الأمريكية»، مرة أخرى دون تقديم أدلة.
وأضاف ترامب «نريد أن تتوقف جميع عمليات التصويت»، مما يعني على ما يبدو أنه يريد منع فرز الأصوات البريدية، والتي يمكن قبولها قانونا من قبل بعض مجالس الانتخابات في الولايات بعد انتخابات يوم الثلاثاء.
ونددت حملة منافسه جو بايدن بتصريح الرئيس دونالد ترامب ووصفته بأنه «فظيع وغير مسبوق وغير صحيح»، معتبرة أنه «مجهود سافر لانتزاع الحقوق الديمقراطية للمواطنين الأمريكيين».
وقال بوب باور، محامي حملة بايدن، إن أي طعن أمام المحكمة العليا سيؤدي إلى «واحدة من أكثر الهزائم المحرجة التي تعرض لها رئيس أمام أعلى محكمة في البلاد».
موعد إعلان النتائج الرئاسية
حذر عدد من المسؤولين قبل يوم الانتخابات من الاضطرار إلى الانتظار لأيام أو حتى أسابيع للحصول على نتيجة الانتخابات الرئاسية، بسبب زيادة عدد بطاقات الاقتراع البريدية.
ولدى الولايات المختلفة قواعد مختلفة لكيفية وتوقيت عد بطاقات الاقتراع البريدية، مما يعني وجود فجوات كبيرة بينها لجهة الإبلاغ عن النتائج. في بعض الولايات، سيستغرق الأمر أسابيع للحصول على نتائج كاملة.
وتقوم فرق من خبراء الانتخابات والإحصائيين بتحليل مزيج من المعلومات، مثل بيانات الاقتراع عند الخروج – المقابلات في مراكز الاقتراع والمكالمات الهاتفية مع الناخبين الأوائل – والأصوات الفعلية التي تم عدها.
ويتم أحيانا توقع النتائج في ولاية تصوت دائما لحزب واحد، بمجرد انتهاء التصويت، بناء على استطلاعات الرأي عند الخروج. ورغم ذلك، في سباق متقارب، ستعتمد البيانات بشكل كبير على العدد الفعلي.