«باميون» في معترك العمليات
حسن البصري
اختلطت الأمور في مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، واعترف كثير من الزملاء بعجزهم عن الفصل بين ملتقى سياسي وتجمع رياضي، خاصة بعدما شكل الرياضيون أغلبية مريحة في قاعة الندوات ببوزنيقة.
في فضاء سياسي التقى رؤساء أندية مغربية قلوبهم مع فرقهم وجيوبهم مع حزبهم، كان حديث الكرة يسيطر أحيانا على جدل الكولسة السياسية، وحين اندلعت في بداية المؤتمر حرب كلامية بين تيارين مختلفين، تبين أن الشغب الحزبي، وعلى عكس شغب الملاعب، لا ينتهي بتدخل أمني.
على غرار الجموع العامة للفرق والعصب والجامعات الرياضية، تنبعث في بوزنيقة إرهاصات «بلوكاج» سياسي يهدد حياة الحاضرين بالاختناق، خاصة في ظل انشغالات القادة السياسيين بمشاكل وطن انسحبت فيه هموم المواطن من جدول الأعمال تاركة المجال لهموم المصالح الخاصة.
في منتجع بوزنيقة قام «الباميون» بمحاولة «تشحيم» القانون الداخلي للحزب إيمانا منهم بالقاعدة العامة «لكل حدث استثنائي قرار استثنائي»، وتبين أن كثيرا من قيادييه الذين يرأسون فرقا رياضية قد روضوا ألسنتهم على معجم آخر، منهم من توعد بتقديم «ريزيرف» ومنهم من طالب بوجود «تقنية الفار»، ومنهم من حذر من برمجة لقاءات الحزب في أيام المنافسات الرياضية.
لعلمكم، معشر الرياضيين، فإن الزعيم الحالي لحزب «البام» عبد اللطيف وهبي، يعد ضميرا مستترا لفريق حسنية أكادير، وهو الذي بعث في 20 يناير الماضي رسالة انفصال عن المدرب امحمد فاخر، وهو من جعل «القوة القاهرة» مبررا لفسخ العقد بعد أن لجأ إليه مسؤولو حسنية أكادير، علما أن المحامي كان حينها خارج الوطن.
لحسنية أكادير «بامي» في حقل السياسة، وللوداد رئيس يقود الفريق كما يقود فلاح جرارا في حقل صخري. وليوسفية برشيد رئيس لا يرى مانعا في الجمع بين رئاسة الفريق وتدريبه، وحين تنتابه نوبة غضب يكتب استقالته بماء سريع التبخر، أما تركيبة شباب الريف الحسيمي فحدث ولا «هرج»، وقس على ذلك من الفرق التي عززت مكاتبها بـ«باميين» تحسبا لأي طارئ. رغم هذا الزحف الرهيب لم يناقش المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، على امتداد مساره، قضية رياضية، وخصص الحيز الأكبر من نقاشاته للانتخابات.
لن يهدأ للأحزاب السياسية بال ولن يرتاح لها سروال حتى تحشد أتباعها لمواجهة التحدي الانتخابي، الذي اختزل أزمة هذا الوطن في تغيير لاعب بلاعب..، رغم أن نصف المجتمع أصبح يسير حافيا تحت خط الفقر.
لن يهدأ لها بال إلا إذا اقتربت من مربع عمليات القرار، ومنها ما يحلم بحقيبة وزارية تقيه شر الكرة، وتعفيه من تقلبات الأحوال السياسية، رغم أن الصفة الرياضية تشده أكثر إذ لا تكفي شهور للاستئناس بلقب معالي الذي يلتصق بالاسم والنسب، ومنها ما يتردد في تقديم ملتمس للجامعة يقضي بتوقيف البطولة خلال الحملات الانتخابية، حتى يتسنى لها دخول منافسات الاستوزار رغم أن الحكومات في الوطن العربي لن تزيد صلاحيتها عن العدة أو إجازة النفاس.
في زمن مضى كان عبد الواحد معاش، رئيس الرجاء البيضاوي، أمينا عاما لحزب الشورى والاستقلال، عاش الرجل مباريات سياسية ضد استقلاليي الوداد ودستوريي الرجاء، واختار في نهاية مساره اعتزال الكرة واستبدال موجة الرياضة بموجة الطرب الأصيل، وحين تجمعه الصدف بسياسي يركب صهوة فريق يهنئه مسبقا على التحاقه بعالم الأعيان، ويحذره من يوم تتحول فيه عربته المجرورة إلى سيارة رباعية «الركل».
ذات يوم هيمن حزب الأصالة والمعاصرة على المكتب المسير للوداد الرياضي، إلى أن فاق عدد أعضائه نصف الجالسين في المنصة الرسمية، الآن تجاوز الأمر حدود المسؤولين إلى المدربين والإداريين، بل إن نجل أمين عام سابق للبام أصبح طبيبا للوداد.
هذا غيض من «بيض» فاسد طبعا.