شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

بإشراف من عمر الحضرمي لعب الأسرى المغاربة مباراة «ودية» ضد طلبة انفصاليين يدرسون في الخارج

مانسيناكش عبد الله لماني (معتقل سابق في سجون البوليساريو):

حسن البصري:

كيف أصبحت المنظمات الإنسانية عبئا على البوليساريو؟

كانت البداية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهي منظمة غير متحيزة ومحايدة ومستقلة تؤدي مهمة إنسانية بحتة تتمثل في حماية أرواح وكرامة ضحايا الحرب والعنف الداخلي وتقديم المساعدة لهم. كشفنا للجنة، عبر أطبائها، أننا لسنا ضحايا حرب، وأن لا علاقة لنا بالمعارك وأننا ضحايا حرب عصابات. استمر النضال مع جمعية «فرنسا/الحريات»، لكن ما أن أصدرت ميتران تقريرها الأسود عن البوليساريو وكشفت حقيقة الاعتداءات الجسيمة، حتى سقط القناع عن وجوه البوليساريو. غير أنه حين صدر التقرير الأسود، استدعاني الجلاد ولد مبارك إلى مكتبه وسألني عن المغاربة الذين ماتوا في السجن ومكان دفنهم، وهو يعلم أن اللائحة وردت في التقرير، كما الفقرة خريطة المدافن، فقلت له إن معرفتي قليلة بهذا الموضوع، وشرعت في تذكر من ماتوا، وأوضحت له أن المقبرة بعيدة عن السجن والمراقبة ولا يمكن أن أضع لها خريطة. قبل أن يقدم لي سؤالا مباشرا فيه نبرة تهكم: «طبعا لست أنت من زود جمعية «فرنسا/الحريات» بلائحة المفقودين»؟

أمام التعذيب والاستنطاق والأعمال الشاقة، هل تتذكر لحظة فرح ولو عابرة في المخيمات؟

سأروي لك قصة حصلت سنة 1986 وتحديدا حين كان المنتخب المغربي يشارك في مونديال المكسيك في السنة نفسها. تأهل الفريق الوطني المغربي للدور الثاني بعد الفوز على البرتغال، فهتف سكان المخيمات بأسماء لاعبيه وكان لهذه المشاركة أثر إيجابي على قضيتنا، لأن الجميع بدأ يتابع الفريق المغربي ويشجعه. هنا فطنت المخابرات الجزائرية لخطورة هذا الأمر وانتهت إلى ضرورة تكوين منتخب خاص بالبوليساريو تشجعه ساكنة المخيمات حتى لا تساند منتخب المغرب، بعد أن لمست فرحة الانفصاليين بما يحققه المغرب من انتصارات في المونديال.

كيف ستكون المخابرات الجزائرية منتخبا لكرة القدم في غياب بطولة؟

كان فصل الصيف حل وتزامن مع مونديال 1986، ولأن الشباب يتابع الرياضة الأكثر شعبية وهي كرة القدم، تقرر جمع نخبة من طلبتهم الذين يتابعون دراساتهم في كوبا وإسبانيا وليبيا والجزائر، ووضعهم في معسكر للتداريب اليومية، مع توفير الإقامة والمأكل للاعبين، وقامت السلطات الجزائرية بتهيئة ملعب مترب في منطقة تسمى النخلية، وفيها توجد ضيعة دجاج، وهو مشروع تعهدت به منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من البيض والدجاج. هنا خضع اللاعبون للتداريب، وحين أصبحوا جاهزين تقرر أن يخوض منتخب البوليساريو المستحدث مباراة، والخصم هو المغرب ممثلا بالأسرى.

لكن الأسرى انقطعوا عن ممارسة الكرة..

سمعنا عن معسكر ما يسمى بمنتخب البوليساريو، بإشراف من عمر الحضرمي، مدير الأمن العسكري الذي كان عاشقا للكرة. ذات يوم قاموا بتجميعنا في مركز «9 يونيو»، لم نكن نعلم سبب التجمع، قبل أن يدخل الحضرمي، الذي سيخبرنا أن مباراة تنتظرنا أمام منتخب صحراوي. سيحضر لنا المسؤول الأمني أقمصة حمراء ترمز للراية المغربية ويطلب منا الاستعداد للمباراة.

مباراة دون استعداد، هل كانت الغاية هزم المغرب وكفى؟

جمعنا عدة أسرى عبروا عن استعدادهم لخوض المباراة، كنت لاعبا موهوبا في كرة القدم في شبابي، وقبل انطلاقة المباراة جاءنا الحضرمي ووجه لنا خطابا مباشرا وغير مألوف من أمني. طلب منا اللعب دون أدنى مركب نقص وأن نواجه خصومنا بروح قتالية، ثم وقف يتابع أطوار المباراة قرب مدرسة «9 يونيو»، وتم إخراج السجناء ليتابعوا المواجهة. لحسن حظنا أن فريقنا كان يضم مجموعة من الأسرى الذين سبق لهم أن مارسوا كرة القدم في فرق رسمية، من بينهم «مخزني» وحارس من اتحاد ورزازات وصديقي التطواني وبعض اللاعبين المتميزين الذين عانوا من ضعف التنافسية واللياقة البدنية، لكننا، رغم ذلك، هزمنا فريق الانفصاليين بخماسية، وأتذكر موقفا غريبا من الحضرمي، حين انضم إلى فريقنا في الجولة الثانية شعرت بأن له حبا للمغرب وبعدها بسنتين أو ثلاث سنوات سيلتحق بالمغرب.

لكنه سيعاني من الاحتجاز والتعذيب قبل هروبه إلى المغرب..

في سنة 1988 كانت الجزائر تعاني من وضع داخلي صعب، وكان الشاذلي بن جديد آنذاك رئيسا للبلاد، التي كانت تعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة. نظمت مظاهرات واحتجاجات في مختلف المناطق، ستصل عدواها إلى مخيمات الانفصاليين، لاعتبارات عديدة أولها سقوط المعسكر الشرقي الذي كان داعما للجزائر وصنيعتها. وأثناء انشغال الجزائر بمشاكلها الداخلية، بدأت الخلافات بين قادة جبهة البوليساريو تظهر إلى العلن بالتزامن مع عقد مؤتمرها، وبدأت الجبهة تعاني من انقسام حاد بين المكتب السياسي واللجنة التنفيذية، فحصلت اصطدامات انتهت باعتقال الحضرمي، بل تم التنكيل به من طرف الحراس الذين اشتغلوا تحت إمرته، قبل أن يراجع القياديون موقفهم بتدخل من الجزائر ويعود إلى دائرة القرار. بعد مرور أيام قليلة على الانتفاضة التي شهدتها مخيمات تندوف، حلت الذكرى 13 للمسيرة الخضراء، وألقى الملك الراحل الحسن الثاني خطابا من مدينة إفران، سلط فيه الضوء على ما تشهده مخيمات تندوف وقال «إن الوطن غفور رحيم».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى