انفلات الأسعار
أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل التضخم ارتفع إلى 10,1 في المئة، خلال شهر فبراير المنصرم، مدفوعا، بشكل خاص، بتزايد أثمان المواد الغذائية بـ20,1 في المئة، وأثمان المواد غير الغذائية بنسبة 3,6 في المئة، حيث سجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك خلال الشهر الجاري، ارتفاعا بنسبة 7,1 في المئة، بالمقارنة مع الشهر السابق. إذا أضفنا إلى ذلك توقعات بنك المغرب، الذي حذر من كون التضخم سيظل في مستويات مرتفعة على المدى المتوسط، حيث سيصل إلى 5.5 في المئة خلال العام الجاري، نتيجة الارتفاع الحاد لأسعار بعض المنتجات الغذائية، فنحن إذن أمام نفق اقتصادي واجتماعي طويل ومظلم من الصعب الخروج منه بإجراءات عادية.
فمنذ شهور متتالية لم يتراجع مؤشر ارتفاع الأسعار، بل بالعكس بلغ مستويات قياسية لبلد لا ينطوي نمو الأسعار لديه على تقاليد تضخمية، والأسوأ أن عواقب هذه الارتفاعات المخيفة أصبحت ظاهرة على المقدرة الشرائية للمواطن، بالنظر إلى الفوارق التي ما فتئت تتعمق بين نسبة المدخول كيفما كان مصدره ونسب ارتفاع الأسعار التي لا تنتهي.
بطبيعة الحال، لا يمكن لأحد أن ينكر المجهودات اليومية والقرارات العمومية التي تتخذها الحكومة لإيقاف نزيف ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم، لكن الحلول التقليدية المرتبطة بزيادة الدعم العمومي والمراقبة المناسباتية للأسواق واللجوء إلى الرفع من نسبة الفائدة الرئيسية إلى 3 في المئة، أثبتت بالملموس عدم نجاعتها في تحقيق الانعكاسات المرجوة على مائدة المواطن. ومن ثم لا بد من اعتماد استراتيجيات مبدعة واستثنائية لتغطية حاجات السوق والسيطرة على مسالك التوزيع وتحريرها من قبضة اللوبيات والتدخل لدعم منظومات الإنتاج، خصوصاً الموفرة للمواد الغذائية للتخفيف على كلفة الإنتاج، وبالتالي الأسعار النهائية.
غير ذلك، سنكون أمام تضخم على مستوى الخطاب الرسمي المبشر بانخفاض الأسعار وتموين الأسواق، الذي لا أثر له على المستوى الواقعي، مع ما قد يترتب على هذا التضارب من تهديد للاستقرار الاجتماعي والسياسي.