يحبس السلاويون أنفاسهم يوميا، ترقبا للإحصائيات المسائية التي باتت تضع المدينة ضمن المدن الصاعدة في تسجيل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا. عداد الأيام الثلاثة الأخيرة رصد حوالي 1000 إصابة جديدة بالوباء على مستوى عمالة سلا لوحدها، في حصيلة رقمية تحيل إلى منتصف نونبر الماضي، حين انفجرت الإصابات لتلامس حاجز الـ400 إصابة يوميا، قبل أن تتراجع مع منتصف دجنبر المنصرم.
ارتفاع أرقام الإصابات بفيروس كورونا يوازيه غضب عارم من طرف السكان الملتزمون باحترام التدابير الاحترازية، على تخاذل السلطات المحلية إزاء حالة التراخي المسجلة على صعيد تراب العمالة، سيما في عدد من المراكز التي تتسم بالاكتظاظ. ويتساءل سكان سلا ي حول سر التسامح مع تشغيل حافلات النقل العمومي بكامل طاقاتها الاعتيادية، إضافة إلى الازدحام الذي تشهده رحلات «الترام»، خصوصا على مستوى الخط الأول، فيما تعرف الأسواق الشعبية بكل من احصين، العيايدة، وتابريكت ازدحاما لافتا في غياب حد أدنى من التدابير الوقائية، دون الحديث عن الوضعية المقلقة لعدد مرتادي شاطئ المدينة، خاصة في نهاية الأسبوع والعطل.
إلى ذلك، تعيش مدينة سلا وضعا استثنائيا ميزته الأساسية استمرار حالة التراخي العام في صفوف المواطنين والسلطات المحلية على السواء، وسط تساؤلات مثيرة حول دواعي عدم تحرك السلطات العمومية لإغلاق بعض المحلات التي تحتضن أنشطة غير ضرورية، كما هو الشأن لفضاء الترفيه بأحد المنشآت التي تستقبل يوميا المئات من الشباب والشابات من مدخني «الشيشة»، وفي مساحة ضيقة لا تتجاوز الـ 400 متر مربع، والتي تستقبل في بعض الأحيان أكثر من مائتي شخص يدخنون من نفس قناني «الشيشة»، ويستعملون الكؤوس نفسها في غياب أي تدخل من السلطات المحلية، رغم توافد بعض المسؤولين على المنشأة المذكور ومعاينة هذه التجاوزات التي تهدد السلامة العامة، ولا تناسب الحزم والصرامة اللذين تعتمدهما سلطات الرباط على بعض أمتار من المنشأة، ومقاهي حي السلام التي عادت لتقديم خدماتها بالوتيرة الاعتيادية ذاتها لما قبل كورونا، مما ينذر بالكارثة، ويحبط جهود الوالي محمد اليعقوبي التي تلازم ولايته المرتبة الثانية بعد ولاية الدار البيضاء من حيث عدد الإصابات بـ«كوفيد- 19» والوفيات المسجلة بسبب الوباء، رغم محاولة فرض أقسى درجات الصرامة والحزم في الشوارع الرئيسية وسط العاصمة الرباط، دون أن تشمل الأحياء الشعبية التي تشهد فوضى عارمة خاصة يعقوب المنصور والتقدم والعكاري، مما يتطلب ضمان الحماية اللازمة للفضاء العمومي، وتكثيف دوريات المراقبة، لفرض التدابير الاحترازية على جميع الفضاءات والتجمعات، وكذا الأسواق الكبرى التي تشهد اكتظاظا غير مسبوق، كما يحصل بسلا التي تعيش خارج زمن كورونا، رغم التطورات المتلاحقة للحالة الوبائية على صعيد المملكة والمدينة تحديدا.