محمد وائل حربول
يستمر تضاؤل المساحات الخضراء وإهمالها بمدينة مراكش، أمام تقدم وزحف البنايات والإسمنت، على الرغم من التحذيرات المتتالية، التي وجهتها جمعيات تهتم بالشأن البيئي بالمدينة، حيث عرفت مناطق متعددة من مراكش إهمالا كبيرا من المسؤولين، خاصة خلال الفترة السابقة من تسيير «البيجيدي» للشأن المحلي، بالرغم من تخصيص مبالغ مالية كبيرة لإنجاز ومتابعة والاهتمام بالمساحات الخضراء.
وحسب المعطيات التي توصلت بها «الأخبار»، فقد شهدت مجموعة من مناطق المدينة على غرار الأحياء الكبرى للمسيرة والمحاميد وتاركة، انقطاع عمليات السقي فيها خلال فترات متواصلة، ما أدى إلى تشويه المنظر العام، حيث صارت المناطق المذكورة التي خصص لها غلاف مالي مهم من أموال دافعي الضرائب، مجرد مناطق صفراء، وهو ما يناقض المشروع الذي كان قد أطلق بداية أبريل الماضي والمتمثل في الصيانة المكثفة للفضاءات الخضراء، وغرس أكثر من 50 ألف وردة في الساحات العامة والمدارات والشوارع الرئيسية للمدينة الحمراء، برئاسة المجلس الجماعي السابق بقيادة «البيجيدي».
وفي هذا الصدد، دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع مراكش، من المجلس الجماعي الجديد للمدينة، وكل الجهات المعنية، إلى «التدخل الفوري» لإنقاذ الفضاءات الخضراء المهددة بالموت، وفتح تحقيق في صفقات السقي والصيانة ومدى «احترام دفاتر التحملات إن وجدت، والجوانب التقنية والفنية»، حيث أكدت أن هذه الفضاءات المميزة، صارت تعيش خريفا غير مألوف، باستثناء (واحة سيدي يوسف بن علي وحديقة عرصة مولاي عبد السلام، وعرصة البيلك عند مدخل ساحة جامع الفنا).
واعتبرت الجمعية الحقوقية ذاتها أن المساحات الخضراء المشهورة سياحيا داخل المدينة، على غرار تلك الممتدة على طول شارع محمد السادس، وحديقة جنان الحارثي المغلقة، والحديقة المجاورة لكلية اللغة العربية، وبعض الفضاءات الممتدة على جنبات شارع علال الفاسي، وشارع آسفي والازدهار، تعيش على وقع إهمال عشرات أشجار النخيل المزروعة قبل سنوات، فضلا عن إهمال الحديقة الوحيدة بحي المحاميد على امتداد شارع النخيل، في حين أن الحديقة العجيبة التي يتم بناؤها منذ سنوات في إطار برنامج مراكش الحاضرة المتجددة فقد تحولت لبؤرة غير آمنة.
واستنادا إلى المصدر ذاته، فإضافة إلى قلة وأحيانا انعدام الفضاءات الخضراء بأغلب أحياء المدينة، وزحف الإسمنت على المجالات الطبيعية، وبناء أحياء سكنية بدون التفكير لتخصيص ولو جزء يسير للحدائق والفضاءات الخضراء، فإن بعض الفضاءات الخاصة المحاذية لبعض المساجد، تتحول إلى مناطق لممارسة التجارة وتصبح سوقا عشوائيا يضيف نكهة الترييف على مكان وتراكم النفايات مكان الاخضرار .
وطالبت الجمعية الحقوقية، بالوقوف على الأسباب الحقيقة للتخلي عن صيانة والاهتمام بالفضاءات الخضراء، مع ما يتطلب ذلك من تحديد للمسؤوليات بشكل شفاف، وما يستتبع ذلك من آثار قانونية، داعية إلى إعادة تهييء الفضاء العام وتصميم التهيئة الحضرية، باستدماج الفضاءات الخضراء، والحق في الترفيه والراحة والبيئة السليمة في كل مشاريع التوسعة العمرانية واعتبارها حق وخدمة عمومية يجب توفيرها وضمانها.
ونبه المصدر ذاته إلى أن التذرع بالجفاف أو ما شابه ذلك، لا يخفي المسؤولية التقصيرية التي من نتائجها الإضرار بالخدمة العمومية عبر الإجهاز على ما تبقى من الفضاءات وتعريضها للإتلاف، علما أن الفضاءات الخضراء أصبحت ضرورية للتوازن البيئي، مع ارتفاع نسبة التلوث، وأيضا للترويح والترفيه وإعطاء بعد جمالي للمدينة وتقوية جاذبيتها.