انتهى زمن المواقف الرمادية
توقعت مجلة «جون أفريك» الفرنسية، في عددها الأخير، أن تعترف عدد من البلدان الأوروبية بسيادة المغرب على كامل الصحراء، على غرار الاعتراف الأمريكي في آخر ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب. وحسب المجلة ذائعة الصيت، فإن دولا، مثل بولونيا، فرنسا وربما إسبانيا، سينتهي بها المطاف إلى السير على خطى القرار الأمريكي، أو على الأقل دعم موقف المغرب داخل الأمم المتحدة.
في الحقيقة ما وصلت إليه المجلة الفرنسية من مصادرها الخاصة ومتابعتها الدقيقة لصناع القرار بالقارة العجوز، لا يعدو أن يكون مجرد وصف لحتمية ديبلوماسية فرضها المغرب منذ سنوات ليس بالأقوال والخطابات الرنانة بل بالاختراقات التي حققتها الديبلوماسية المغربية بتوجيهات من الملك محمد السادس، التي يشهد لها بذلك القاصي والداني والعدو قبل الصديق، حيث أسفر العمل الديبلوماسي الرزين والمتعقل، في وقت وجيز، عن فتح عدد من القنصليات بكل من مدينتي العيون والداخلة، وانتهت بانتزاع اعتراف تاريخي أمريكي واستئناف للعلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، في انتظار التحاق باقي الدول المؤثرة بلائحة الداعمين للموقف المغربي المبني على الواقعية والجدية.
لذلك، وكما لمح جلالة الملك في خطابه الأخير، لا مكان للديبلوماسية الرمادية في العلاقات بين المغرب وأصدقائه التقليديين، ولا مجال لاحتفاظ بعض الدول التي تربطها مصالح استراتيجية أمنية واقتصادية واستثمارية مع المغرب سوى بالموقف الصريح من وحدتنا الترابية. لقد انتهى زمن الوقوف في تلك المنطقة الرمادية إذا تعلق الأمر بسيادتنا، قد يكون مقبولا بعض الغموض في المصالح الاستراتيجية والخطط الاقتصادية والمبادلات التجارية، ولكنه غير مقبول على الإطلاق في قضايا سيادة المغرب مهما كانت التبريرات والدوافع. وبصريح العبارة، فأي نوع من أنواع التردد تجاه وحدتنا الترابية يعبر عن موقف رمادي وهو موقف ضعيف وترجمة لديبلوماسية مترددة أو أجندة خفية.
وإذا كانت بعض الدول غير مقتنعة بوحدتنا الترابية والأطروحة المغربية في الحل، فما عليها سوى أن تصرح بذلك علانية، لأنه لم يعد مقبولا من طرف المؤسسات السيادية لبلدنا أن تنتشر مواقف الابتزاز والضرب تحت الحزام من دول لها مصالح كبرى ببلادنا دون رد فعل سيادي، فالمغرب لن يقبل المواقف الصامتة أو الرمادية أو تلك الازدواجية التي تريد منافع المغرب وتبتزه في سيادته، هنا لن يفيد الصمت ولا التنديد وإنما القرارات الديبلوماسية الواضحة.