شوف تشوف

الافتتاحية

انتهازية سياسية

اتهم المكتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد الحكومة بـاللجوء إلى مسلكيات ترهيبية وصلت حد وقف صرف أجورهم، ودعا مناضليه والمغاربة إلى تجسيد الدعم المعنوي والمادي للأساتذة المتعاقدين في معركتهم العادلة من أجل الإدماج.
بدون شك أن تكرار قاموس التضامن والتحريض على الاحتجاجات بالشارع أصبح مهنة حزب نبيلة منيب التي يتقنها بشكل رائع حتى غدا الركوب على الأحداث أحد تخصصاته.
وبدل أن يبادر حزب «الرسالة» إلى صناعة المواقف وتقديم الاقتراحات العملية والموضوعية، تحول إلى كائن سياسي انتهازي ينتظر أن يصنع المواطن والفئات المهنية الأحداث ليركب عليها ويسطو على ثمارها السياسية ويقوم بتوجيهها بما يخدم مصالحه السياسية وأفكاره الإيديولوجية.
معضلة الحزب الاشتراكي كباقي الأحزاب السياسية التي ابتلينا بها، أنه يلهث وراء كل صيحة أو احتجاج بالشارع للظهور بمظهر الذائد عن مصالح المواطنين، بينما هو في حقيقة الأمر يجلب إليه الأضواء الإعلامية ويضمن العودة إلى الواجهة السياسية والخروج من حالة العزلة والهشاشة التنظيمية.
فالجميع يدرك أن الحزب الاشتراكي حزب سياسي يبني مجده على حساب الآخرين وغير قادر على اقتراح أي مشروع سياسي أو مبادرة مجتمعية، رغم أنه يمتلك تمثيلية داخل البرلمان، مفضلا الخيار الأسهل وهو الركوب على أمواج احتجاجات المواطنين والتعلق في أي حبل يجده مرميا على الطريق.
ولا يفهم الاشتراكي الموحد أن معركة أساتذة التعاقد ليست لها أي أجندة سياسية رغم محاولات بعض القوى إضفاء الطابع السياسي على مطالبهم المادية والاجتماعية، لكن غريزة البقاء في المشهد السياسي والحزبي والعجز عن فرض إشكاليات تتعلق بالبيئة في النقاش السياسي تجعله لا يكف عن استغلال مظلومية المواطن، وترديد الشعارات الرنانة التي يخفي وراءها حقيقة أطماعه في السلطة ونيل امتيازات.
والسؤال الذي يجب أن يطرح هو لماذا مع كل حركة احتجاجية يقتصر دور الحزب الاشتراكي الموحد على محاولة توظيفها لتصفية حسابات سياسية وتوجيه الاتهام إلى السلطات العامة.
ورغم أن استثمار الأحزاب لبعض الأحداث يعتبر شيئا عاديا، إذ إن من طبيعة السياسة أن تستثمر في أخطاء الحكومة، لكن أن يصبح هذا الاستثمار على حساب المصلحة الوطنية وتوجها غرائزيا لتسجيل البطولات وخدمة الأجندات، فهذا أمر خطير وغير مفيد بالمرة للاستقرار الاجتماعي، بل إنه قد يؤدي إلى مسارات مجهولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى