النعمان اليعلاوي
مازال مشروع تهيئة مدينة الرباط، الذي أعدته الوكالة الحضرية للرباط وسلا، والذي يهدف إلى إعادة هيكلة خمس مقاطعات على مساحة 117 كلم مربعا، يثير المزيد من الجدل في أوساط المستشارين بمجلس المدينة، حيث إن المشروع الجديد حدّد مساحتين ستتمدد إليهما المدينة، على ضوء التوسع الذي تعرفه، إذ خصص مساحة تقدر بـ236 هكتارا، تحت اسم «البستان»، ومساحة أخرى تمتد على 1136 هكتارا، تحت اسم «عكراش»، كما سطر توفير 9 مناطق مشاريع، على مساحة 487 هكتارا، و7 مناطق ستخضع للتجديد الحضري على مساحة 141 هكتارا، و4 مناطق للخدمات، و262 هكتارا ستخصص للمساحات الخضراء لرفعها من 75 مترا مربعا للفرد إلى 80 مترا مربعا.
وكشفت وثيقة المشروع أنه سيتم منع البناء في عدد من الأحياء المعروفة بكثافتها وتواجدها فوق منحدرات مرتفعة تمنع من توفير ما يلزم من بنيات تحتية، إلى حين إيجاد حلول لمشاكلها، على غرار أحياء «دوار الحاجة» و«المعاضيد»، ووجه المشروع في هذا الإطار تحذيرات من الخطر الذي يتهدد هذه الأحياء، مرتبطة بغياب الأساسات أو عدم كفايتها، الشيء الذي قد يؤدي إلى انهيارات أرضية، إلى جانب هشاشة شبكات الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب والطرق، مشيرا إلى أنه سيتم سلك مساطر جديدة قبل منح التراخيص من طرف لجنة يرأسها والي جهة الرباط سلا القنيطرة.
ويتضمن مشروع التصميم نفسه شروطا معمارية في الأحياء والمباني الجديدة، خاصة المطلة على الشوارع الرئيسية، إذ أكد على ضرورة أن تخضع لمعايير وشروط معمارية خاصة، من قبيل حجم الشرفات والنوافذ والصباغة والمواد المستعملة في البناء والواجهات الرئيسية. وسطر المشروع، بالإضافة إلى إحداث مساحات عمومية جديدة، إمكانية تعديل شبكة الطرق ومخطط التنقل بما يتناسب مع الإطار العام للعاصمة، وتوسيع شارع علال الفاسي الرئيسي، وتحديد المشهد الحضري لمدينة العرفان، واعتماد مبدأ الحي الأخضر، بالإضافة إلى تغييرات في عدة أحياء استراتيجية، وهي يعقوب المنصور وأكدال الرياض وحسان واليوسفية والسويسي. إلى جانب مشاريع توسعة خطوط الترامواي وإنشاء شبكات طرقية جديدة وتطوير وسائل النقل لتكون أكثر حداثة.
وفي الوقت الذي ينتظر أن يتم عرض المشروع على جلسة استثنائية لمجلس مدينة الرباط، وجه عدد من سكان الحي الإداري- الطائرات تعرضا على تصميم التهيئة، إلى رئيسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط ومديرة الوكالة الحضرية، وإلى والي جهة الرباط سلا القنيطرة، وذلك على ما ورد في التصميم في ما يخص الحي الإداري. واعتبر السكان أن الحي المذكور يعتبر من أقدم أحياء مدينة الرباط ويمتاز بفضائه الواسع، وهو الذي يمتد من تقاطع شارع محمد السادس وشارع تادلة ثم تقاطع شارع الحوز وشارع سوس، حيث يوجد الحي الإداري- الطائرات محاطا بمجموعة من العمارات مكونة من أربعة طوابق، مطالبين بمراجعة تصميم التهيئة «بما يحافظ على نسق وجمالية الحي ويتماشى مع الحاجيات المتزايدة لطلب السكن، لامتياز القرب من وسط المدينة والمصالح الإدارية والمرافق التجارية وذلك عبر الترخيص لبناء عمارات من ثلاثة طوابق وأكثر، كما هو الحال بالنسبة لمجموعة العمارات سالفة الذكر».
ومن جانبه، قال عبد الواحد الزيات، رئيس ائتلاف اليوسفية، إن «المنهجية المتبعة في إنجاز مشاريع تهيئة المدن، يجب أن تتم مراجعتها، على اعتبار أن هذه المشاريع تثير الكثير من الملاحظات لدى الساكنة المعنية»، موضحا، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن «توزيع الوعاء العقاري هو الإشكال الأكبر، على اعتبار أن مشروع تهيئة الرباط خصص مساحة مهمة للأحياء الراقية في حين تبقى الأحياء الشعبية في مواجهة الاكتظاظ السكاني، وهو الأمر الذي سينتج المشاكل نفسها المرتبطة بالبنيات التحتية وغياب الفضاءات الاجتماعية وما يتلوها من إشكاليات تعرفها تلك الأحياء»، مضيفا أنه «كان من الأولى، قبل الاشتغال على هذا المشروع، فتح باب الحوار مع جميع الفاعلين وتوسيع النقاش بشأنه لتلقى الرؤى والتصورات من الجمعيات والفاعلين الاجتماعيين وهيئات المجتمع المدني الأقرب إلى نبض الساكنة» حسب الزيات.
من جانبه، قال عمر الحياني، المستشار عن فيدرالية اليسار بمجلس مدينة الرباط، إن «مشروع تهيئة الرباط تأخر لخمسة عشر عاما، قبل أن يصدر اليوم»، مشددا على أن «المشروع يضم عددا من التفصيلات الدقيقة التي مازالت قيد الدراسة والتمحيص من المستشارين، حيث ستشرع المقاطعات في عقد اجتماعات اللجان المعنية في أفق عقد جلسة لمجلس المدينة من أجل مناقشته»، مبينا أن هذا المشروع «ينهي الحديث عن مشروع تهيئة منطقة عكراش الذي كان تم عرضه على المجلس قبل مدة وأثار الجدل الواسع».
وبدوره قال إدريس الرازي، رئيس مجلس مقاطعة حسان، إن المجلس عقد اجتماع لجنة التعمير من أجل مناقشة المشروع، موضحا، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، أن اللجنة خرجت بتوصية وجوب حضور ممثل عن الوكالة الحضرية خلال الدورة المقبلة لمجلس المقاطعة من أجل توضيح عدد من النقاط الغامضة والدقيقة في المشروع، وهي الدورة التي سيتم عقدها في السادس من الشهر الحالي، وسيصدر عنها تقرير بخصوص مشروع تهيئة الرباط، ليعرض على الدورة الاستثنائية لمجلس المدينة»، يشير الرازي، موضحا أن «المشروع يضمن رموزا وتفصيلات دقيقة تتطلب التوضيح للساكنة والمعنيين من المنتخبين بخصوص عدد من الأحياء، على رأسها دوار الحاجة دوار الدوم»، مبرزا أن «المشروع يتحدث عن هذه الأحياء بأنها لا تحتوي على البنية التحتية الضرورية، علما أنها تضم أكبر كثافة سكانية على الصعيد الوطني، فكيف سيتم تزويد أزقة بعرض متر بقنوات الصرف الصحي؟»، يتساءل الرازي.