بيوكرى: محمد سليماني
انطلقت، فجر أول أمس الاثنين، احتجاجات عفوية عارمة لعمال وعاملات الضيعات الفلاحية بإقليم اشتوكة أيت باها، وذلك للتنديد بأوضاع اشتغالهم داخل الضيعات.
واستنادا إلى المعطيات، فإن العمال والعاملات احتشدوا أمام باشوية بيوكرى، في وقفة احتجاجية غير مسبوقة، رافعين شعارات قوية ضد «باطرونا» الفلاحة، ومنددين بأوضاعهم المعيشية، وظروف عملهم المزرية داخل الضيعات.
وابتدأت هذه الاحتجاجات الصاخبة، برفض العمال والعاملات الركوب في عربات نقل العمال والعاملات الزراعيات، والتي تنقلهم من نقاط تجمعهم، أي «الموقف»، في اتجاه الضيعات الفلاحية، المنتشرة بعدد من الجماعات الترابية بإقليم اشتوكة أيت باها. ومن هذه النقاط التي احتشد بها العمال والعاملات، انطلقت الاحتجاجات، حيث تجمع الجميع أمام باشوية اشتوكة أيت باها. واللافت في هذه الاحتجاجات، أنها أكثر تنظيما، كما أنها غير مسبوقة، إذ لم تعرف المنطقة احتجاجات مماثلة لهذه الفئة التي تشتغل طوال الأسبوع داخل الضيعات، كما أن الإضراب عن العمل لم تدع إليه أي هيئة نقابية أو جمعوية أو سياسية، ذلك أنه انطلق عبر التعبئة الخاصة في ما بين العمال والعاملات، ثم عبر التعبئة والدعوة إلى التظاهر للتنديد بظروف العمل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن المقرر أن تستمر هذه الاحتجاجات لمدة ثلاثة أيام، يرفع من خلالها العمال والعاملات الزراعيون والزراعيات مطالب؛ منها رفع أجورهم التي اعتبروها هزيلة، ولا تتناسب مع ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، ذلك أنها بقيت محصورة في 80 درهما لليوم فقط، فيما قطاعات أخرى تم رفع أجور عمالها مرات عديدة. ويطالب المحتجون برفع أجورهم إلى 150 درهما لليوم بدل 80 درهما المعمول بها حاليا، إضافة إلى ضرورة تحسين ظروف العمل داخل الضيعات، حيث يعاني العمال والعاملات بشكل كبير من سوء المعاملة والتعسف والظلم والجشع، الذي يمارسه أرباب الضيعات ومساعدوهم. كما نددوا بطرق نقلهم إلى الضيعات الفلاحية من أمكنة تجمعهم، حيث يتم نقلهم في دراجات ثلاثية العجلات، وعبر عربات نقل تفتقد إلى أبسط شروط السلامة، بل إن كثيرين منهم لقوا مصرعهم في طرق اشتوكة أيت باها، بسبب عربات نقل العمال والعاملات الزراعيات. ومن المطالب المرفوعة كذلك، ضرورة تمتيع العمال والعاملات الزراعيات بالتغطية الصحية في إطار الحماية الاجتماعية، خصوصا وأن حياتهم معرضة للخطر، بسبب ظروف العمل التي تمتد من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء أحيانا، داخل بيوت بلاستيكية مغطاة، وأحيانا تحت أشعة الشمس، وغيرها من الظروف التي لها انعكاسات سلبية على صحتهم مع مرور الزمن.
وبسبب الحوادث المميتة بشكل مستمر، فإنه أضحى من الواجب إعادة النظر في كثير من وسائل نقل العمال والعاملات الزراعيين من وإلى الضيعات الفلاحية، ذلك أن بعض هذه المركبات والعربات لم تعد صالحة بتاتا للنقل البشري، إذ إن بعضها مهترئ، والبعض الآخر لا يتوفر على بعض الوثائق القانونية، وبعضها الآخر حالته الميكانيكية غير صالحة، لكن رغم كل ذلك ما زالت هذه المركبات والعربات تجوب ضيعات الإقليم ذهابا وإيابا بشكل عادي، رغم تهديدها سلامة الركاب ومستعملي الطرق. كما أن بعض المدارات الطرقية على طول الطريق ما بين أكادير وتيزنيت، وبعض مدارات طرقات اشتوكة بدورها تشكل خطورة على مستعملي الطريق.
وتشير بعض المعطيات بالقطاع الفلاحي إلى أن ضحايا حوادث السير بالضيعات الفلاحية بمنطقة اشتوكة أيت باها يصلون إلى حوالي 200 مصاب كل شهر تقريبا. وترتبط أسباب بعض هذه الحوادث المميتة بالحالة الميكانيكية لبعض العربات ووسائل نقل العمال الأخرى المهترئة، والتي لا تصلح لنقل العمال والعاملات أبدا، بالإضافة إلى ضيق أغلب الطرق القروية نحو الضيعات، وغياب علامات التشوير بها، ناهيك عن السرعة المفرطة أحيانا وتهور بعض السائقين، مما يؤدي إلى حوادث مميتة بين الفينة والأخرى.
إلى ذلك، وأمام تصاعد احتجاجات العمال والعاملات الزراعيات بمختلف ضيعات اشتوكة أيت باها، وصلت إلى مركز المدينة وإلى مختلف جماعات الإقليم، حيث يوجد العمال والعاملات بكثرة، تعزيزات أمنية كبيرة لمختلف القوات العمومية، وذلك من أجل استتباب الأمن، وفرض النظام العام.