شوف تشوف

شوف تشوف

انتخابات كل المخاطر

يقولون إنه يجب أن لا تبيع فراء الدب قبل قتله. هذا المثل ينطبق اليوم حرفيًا على ما يحدث في أمريكا المقسمة إلى أمريكتين بسبب نتائج الانتخابات. ومثلما كتب اليساري الفرنسي دانيال غيران عن المهدي بنبركة قائلا: “هذا الميت سيعيش طويلا، هذا الميت ستكون له الكلمة الأخيرة”، يمكننا أن نقول أيضا عن ترامب “هذا المرشح الخاسر سيبقى طويلًا في البيت الأبيض وربما تكون له الكلمة الأخيرة”.
والذين سارعوا إلى تهنئة جو بايدن بفوزه بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لا بد أنهم صدموا من تصريح

وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو الذي وعد مساء الثلاثاء بعملية “انتقالية سلسة” في الولايات المتحدة نحو ولاية ثانية للرئيس دونالد ترامب، رافضا بذلك الإقرار بفوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية.
يأتي هذا التصريح بعدما أعطت وزارة العدل الأمريكية المدعين الفيدراليين الضوء الأخضر لبدء التحقيق في ما ادعى ترامب أنه مخالفات في التصويت في الانتخابات الرئاسية.
هذا يعني شيئًا واحدًا وهو أن أمريكا ربما دخلت نفقًا سيطول الخروج منه. فإلى حدود العشرين من يناير يظل ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، وفوز جو بايدن لم تعلن عنه سوى وسائل الإعلام وليس هناك إعلان رسمي بعد، وهذا يعطينا فكرة عن سطوة وقوة وسائل الإعلام في أمريكا والتي وصلت إلى حد قطعها البث عن كلمة ترامب عوض تركه يتحدث ومناقشة كلامه أو انتقاده بكل حرية.
أعتقد أننا يجب أن لا ننشغل كثيرا بمن سيفوز بدخول البيت الأبيض أو بمن قد يبقى فيه، ببساطة لأن أمريكا ليس لديها أصدقاء ولا أعداء بل فقط لديها مصالح. وأمريكا لها مصالح استراتيجية وجيوسياسية في المغرب كما لنا نحن مصالح مع هذه الدولة أو تلك.
وليس صحيحاً ما يردده البعض بأن الديمقراطيين مثلاً لهم مواقف لا توافق المصالح المغربية، خاصة في ما يتعلق بقضية وحدتنا الترابية.
بولتون كان من عتاة الجمهوريين ومع ذلك خلق لنا مشاكل لا تعد ولا تحصى بخصوص قضية الصحراء المغربية، منذ كان مندوباً دائماً لبلاده في الأمم المتحدة. لقد مرت قرابة سبع سنوات كلها تحت حكم الديمقراطيين خلال إدارة بيل كلينتون كانت سنوات زاخرة بالمنجزات السياسية والاقتصادية والثقافية، وحقق خلالها المغرب استجابات إيجابية قوية من لدن الإدارة، خاصة وزارة الخارجية والبنتاغون ومن لدن الكونغريس بغرفتيه.
صحيح أن المرحلة كانت صعبة نوعاً ما خلال إدارة أوباما، مما لا شك فيه أن للأشخاص المسؤولين عندنا وعندهم دورا رئيسيا في تفريخ أو تدليل الصعاب.
القرار في الإدارة الأمريكية لا يمرر بالطريقة التي عهدناها في بلداننا وفي البلدان الغربية. تشابكات محطات القرار الأمريكي لا مثيل لها وتحتاج إلى دراسة وافية للجانب المؤسساتي في الولايات المتحدة، فنحن نتحدث عن خمسين دولة فدرالية بخمسين نظاما وقوانين وبخمسين عقلية تتجمع فيها المصالح، والجغرافيا، والثقافات، والأجناس، والأعراف، والتاريخ والمستقبل.
كثير من تحاليلنا، وليست كلها، تتسم في أغلب الأحيان
بالعجلة والتسرع ناسين عنصري الزمان والمسؤولين. مثلا، اقرأ هذا الصباح أيضاً إعلانا عن مائدة مستديرة لمناقشة انعكاس سياسات إدارة بايدن على المغرب، علماً أن بايدن لم تتأكد بعد قانونيا رئاسته.
فعلياً، لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع أمام رفض ترامب نتيجة الانتخابات الرئاسية وكيف سيكون رد فعل الشارع الأمريكي ومن هؤلاء الذين يرفضون نتائج الانتخابات مسلحون وعازمون على إراقة الدماء.
أخشى ما أخشاه أن نستيقظ يوم 21 يناير المقبل على ترامب رئيسا أو بايدن أو كليهما وسط ما قد يشبه بداية حرب أهلية جديدة في أمريكا. فكل شيء محتمل. أمريكا بعد ترامب لن تكون كما كانت قبله. فالرجل لم يكن مجرد رئيس لأحد الحزبين اللذين يتناوبان على رئاسة أمريكا. ترامب حراك يميني متطرف تتقاذفه توجهات ترفض أن يتولى الرئاسة غير القائد أبيض البشرة، البروتيستانتي، الأنغلوساكسوني.
لذلك فالمسلسل الانتخابي الأمريكي سيطول هذه المرة أكثر من المعتاد، ومن المحتمل أن نرى مفاجآت لم تكن قط في الحسبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى