شوف تشوف

الرأي

انتحار وانقضاض

في الصراع الفلسطيني العبثي حين تهكم اللواء جبريل الرجوب رجل السلطة والأمن وأشياء أخرى على المسيحيين الفلسطينيين ووصفهم بأنهم «جماعة ميري كريسماس».
وأراد بذلك أن يغمز في قناتهم لأنهم يصوتون لحركة حماس في الانتخابات، لكنه بذلك رفع من شأنهم ولم ينل منهم.
ذلك أن تهكمه قوبل باستهجان واسع في الأوساط المسيحية، التي ذكر قادتها أنهم حينما فعلوا ذلك فإنهم صوتوا للمقاومة ولفلسطين وضد الاحتلال.
بالتالي فإن تصويتهم يشرفهم ويظل وساما على صدورهم، وليس فيه ما يستحق التهكم والسخرية، من وجهة النظر الوطنية.
على الأقل فذلك ما عبر عنه الأب مانويل مسلم راعي الكنيسة اللاتينية السابق وعضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات.
أيده الأب عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، الذي أضاف أن ذلك الموقف بمثابة صفحة مشرفة في سجل نضال المسيحيين الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ما ذكره السيد الرجوب وبثته إحدى الفضائيات المصرية يوم السبت 3/9 يعبر عن جانب من التفاعلات المحزنة التي تذخر بها الساحة الفلسطينية بمناسبة أجواء الانتخابات البلدية المفترضة هناك، ذلك أن عناصر السلطة وأبواقها مشغولة بحصار حركة حماس والضغط على مرشحيها بمختلف السبل.
وإذ يتآكل الصف الفلسطيني من الداخل على ذلك النحو فإن إسرائيل تتصرف باسترخاء وحبور شديدين.
ذلك أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحدث إلى الصحفيين بحضور وفد من اليهود الحريديم (المتشددين) وأخبرهم بأنه يقيم علاقات شخصية مباشرة مع عدد من قادة الدول العربية، مدعيا أن إسرائيل تؤدى دورها في حماية الشرق الأوسط وأوروبا من الإسلام الجهادي، وقد ورد تصريح نتنياهو في سياق تحليل كتبه الصحفي الإسرائيلي بن كاسبيت وبثه موقع «يسرائيل بلس» في 28 أغسطس الماضي.
لكن، لم يشر إلى أسماء أولئك الزعماء العرب الذين أقام معهم نتنياهو علاقاته الشخصية التي تباهى بها.
في الوقت الذي أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي إشاراته تلك وجدنا أن المدير العام للخارجية الإسرائيلى دوري جولد (المقرب من نتنياهو) ذكر على حسابه في تويتر أنه قام خلال شهر أغسطس بزيارة سرية لدولة إفريقية مسلمة لا علاقة لها بإسرائيل، وقد نشرت صحيفة «هآرتس» الخبر، مشيرة إلى أن السودان هى تلك الدولة المعنية.
وفي يوم الخميس 8/9 ذكرت الصحيفة ذاتها أن مجموعة من نواب الائتلاف والمعارضة في الكنيسيت بعثت برسالة إلى رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيسة لإجراء مناقشة عاجلة في اللجنة حول دور إسرائيل في مساعدة النظام السوداني وحثها الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية للقيام بتلك المهمة، وذكر هؤلاء أن واشنطن اتهمت نظام الخرطوم بمساعدة التنظيمات الإرهابية وتفرض عليه عقوبات اقتصادية.
وفي الوقت ذاته تتواصل الحكومة الإسرائيلية مع نظام البشير ضمن اختراقاته التي يسعى إليها للدول الأفريقية.
أما فضيحة الموسم فقد كشفت عنها صحيفة «يديعوت أحرنوت» (عدد 7/9) وخلاصتها أن إسرائيل منحت ترخيصا لشركة خاصة ببيع وتصوير برنامج التجسس الخاص بها لإحدى الدول العربية الخليجية.
وهذا البرنامج يحمل اسم «بغسوسي» ويوفر القدرة على التحكم عن بعد بأي هاتف محمول. بواسطة زرع حصان «طروادة» يتم إرساله إليه بالبريد الإلكتروني.
وبمقتضاه تتم السيطرة على الجهاز سواء للتنصت والحصول على كل ما يكتب بواسطته وسحب كل المعلومات الموجودة بداخله، بما في ذلك الدخول إلى الحسابات المصرفية والإيميل، واتضح مما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» أن الشركة الإسرائيلية المنتجة تعرض على زبائنها خاصية إضافية تتيح استخدام سماعة الجهاز (الميكرفون) للتنصت في الغرفة التي يكون الجهاز فيها.
من المعلومات المهمة التي ذكرتها «يديعوت أحرنوت» أن العملية برمتها انكشفت حين فشلت محاولة زرع برنامج التجسس المذكور في الهاتف المحمول لناشط خليجى في مجال حقوق الإنسان الأمر الذي أثار ذعرا في أوساط الشركات المنتجة للهواتف.
لا وجه للمقارنة بين مستوى اللعب على الجبهتين الفلسطينية والإسرائيلية، لأنك ستجد فيه طرفا يتفنن في الانتحار والآخر يسابق الزمن للاختراق والانقضاض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى