حسن البصري
أقالت منصات التواصل الاجتماعي مصطفى حجي، المدرب المساعد للمنتخب المغربي، قبل أن يظهر بلاغ رسمي للجامعة الملكية المغربية يعفيه من مهامه.
قبل أن يصل حجي إلى بيته أقيل فايسبوكيا ومسح الناس كل خطايا المدرب الرئيسي في مساعده، وكأن وحيد خاليلوزيتش يريد أن يظل وحيدا في قمرة القيادة.
يبدو أن موجة إقالة المدربين تواصل حصد الرؤوس التي أينعت وحان قطافها، حيث يتساقط المدربون ومن يدور في فلكهم كأوراق الخريف، فمنطق الكرة يقول «كم حاجة قضيناها بإسقاطها».
قبل أن تحط طائرة المنتخب التونسي في مطار قرطاج، وضع الاتحاد التونسي لكرة القدم حدا للمدرب المنذر الكبير (بتشديد الياء)، لعدم قدرة نسور قرطاج على التحليق في الكاميرون.
تنافست الاتحادات المكلومة في صياغة قرارات الانفصال، وتعددت أوجه الإقالة من بلد إلى آخر وتنوعت توابلها، لكن لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى إلا إذا أريقت على جوانبه الاستقالة.
أقالت غانا مدربها الصربي ميلوفان رايفاتش، بعد خروج منتخبها مبكرا من كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، ولجأت إلى بند يعجل بالرحيل عند الخروج من الدور الأول.
ومن المواقف الطريفة التي ميزت حمى الإقالات الإفريقية، إصرار نيجيريا على إقالة مدربها جيرنوت رور، قبل السفر إلى الكاميرون، وتعويضه بأوستن إيغوافوين الذي فشل في مسعاه ووضع مفاتيح المنتخب في مستودع الملابس.
ولأن الاستقالة قدر محتوم، آجلا أم عاجلا، فقد انفصل الاتحاد السوداني لكرة القدم عن الفرنسي هوبير فيلود مدرب منتخب الجديان، قبل انطلاق نهائيات كأس أمم إفريقيا، وعين بديلا له برهان وبراهومة، وبعد أن فعلت الهزائم فعلتها نظم الشارع السوداني حراكا رياضيا يطالب بجعل الكرة في مرتبة الشعر.
عدوى الانفصال ضربت جارتنا الشرقية حيث أقيل أمين العبدي، المدير الإداري للمنتخب الجزائري، وقيل إنه استقال تحت الإكراه، بسبب توسيع صلاحياته وتداخلها مع صلاحيات المدرب، ولأنه الأسبق إلى هذا المنصب فقد جاز فيه القرار النحوي المأثور «إذا التقى ساكنان فاكسر ما سبق».
حين ظهرت على المنتخب الغيني أعراض الفشل في دورة كأس أمم إفريقيا، ضرب الكولونيل مامادي دومبويا، رئيس غينيا المؤقت، كفا بكف وقال: «إذا لم يحقق منتخب بلادي طموحات الشعب فإن اللاعبين والمدربين سيعيدون لخزينة الدولة ما صرف عنهم من مال».
ارتبك اللاعبون وبعد الإقصاء من المنافسات في دور ثمن النهائي، عاد ثلاثة لاعبين إلى العاصمة كوناكري بينما اختار البقية الذهاب إلى أوروبا وعدم العودة إلى بلادهم، حتى لا ينفذ الحاكم العسكري وعوده، لكن الرئيس المؤقت اتهمهم بالتهرب الضريبي.
في اجتماع للمجلس الحكومي تأسف قائد الانقلاب وارتجل كلمة حدد فيها إجراءات ما بعد خيبة الإقصاء، موجها كلامه لوزير الرياضة، ثم قطع الاجتماع وتأبط بندقيته متوجها صوب غرفة مجاورة لمشاهدة مباراة من نهائيات كأس أمم إفريقيا.
ضربت جائحة الإقالة المدرب الفرنسي باتريس بوميل، وأبعدته عن منصبه كمدرب لمنتخب الكوت ديفوار، عقب الخروج من دور ثمن النهائي في كأس أمم إفريقيا، ورفعت لافتات أمام مقر وزارة الرياضة تطالب بمدرب يجيد ترويض الفيلة، بدل مدرب يهوى تربية القطط.
ستتساقط رؤوس أخرى مادامت الكرة تواصل دورانها حول نفسها، غالبا ما يتم الانفصال حين تفشل محاولات جبر الخواطر، ويعجز الحكماء عن رأب الصدع، في مثل هذه المواقف يتم اللجوء لرمزية الطعام وتنتعش لعبة تقبيل الرؤوس، ويصبح الانفصال بالتراضي عملة قابلة للترويج.
تطيح كأس إفريقيا باللاعبين والمدربين والوزراء، إنها صورة لجائحة لا يسلم منها إلا الملقحون ضد النكبات، لكن ما أحوجنا لمن يقبل الإقالة مهما استبد الجوع به، ويرفض أكل الجيفة.