محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادر موثوقة، أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، عبد الرحيم الزايدي، أحال شكاية تتعلق بشبهة فساد مالي بجماعة «سيدي احرازم» على الفرقة الجهوية الشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية والاقتصادية بولاية أمن فاس، من أجل إجراء الأبحاث والتحريات القضائية بخصوص المعلومات الواردة فيها.
وتأتي هذه التطورات بعد توصل النيابة العامة والمجلس الجهوي للحسابات بالعديد من الشكايات معززة بالوثائق والأدلة حول وجود اختلالات مالية وإدارية خطيرة بجماعة سيدي احرازم التابعة ترابيا لعمالة فاس، ويترأس مجلسها محمد كنديل منذ 30 سنة، والغريب في الأمر أن والي جهة فاس مكناس، سعيد زنيبر، لم يتخذ أي إجراء في حقه، رغم صدور قرار نهائي عن محكمة النقض يقضي برفض طلب الطعن الذي تقدم به كنديل ضد قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط القاضي بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس بإلغاء نتائج الانتخابات الجماعية بدائرته الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021.
وبصدور قرار محكمة النقض أصبح الحكم القضائي نهائيا بإلغاء نتيجة الانتخاب بالدائرة التي ترشح بها رئيس المجلس. وطبقا لمقتضيات المادة 20 من القانون التنظيمي للجماعات، يعتبر رئيس المجلس في وضعية انقطاع عن مزاولة مهامه في حالة الإلغاء النهائي للانتخاب، وتنص المادة 21 من القانون نفسه على أنه إذا انقطع رئيس المجلس عن مزاولة مهامه لأي سبب من الأسباب، ومنها الإلغاء النهائي للانتخاب، اعتبر مقالا، ويحل المكتب بحكم القانون، ويستدعى المجلس لانتخاب رئيس جديد وباقي أعضاء المكتب وفق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في القانون التنظيمي للجماعات داخل أجل 15 يوما من تاريخ معاينة الانقطاع بقرار من عامل العمالة أو الإقليم.
وكان المجلس الجهوي للحسابات أجرى افتحاصا لصفقة كراء مرافق المنتجع السياحي «سيدي احرازم»، بناء على مراسلة توصل بها المجلس تتضمن معطيات معززة بالوثائق والأدلة حول اختلالات تشوب هذه الصفقة التي يستفيد منها صاحب شركة مقرب من مستشار جماعي، وتم اعتقال هذا المقاول من طرف الدرك الملكي، على إثر منعه لقضاة العدوي من القيام بزيارة ميدانية للوقوف على الاختلالات التي تشوب صفقات استغلال المنتجع.
وحسب الشكاية التي توصل بها المجلس، فإن شركة اكترت من المجلس الجماعي لسيدي احرازم حديقة للترفيه بمبلغ 40 مليون سنتيم سنويا منذ سنة 2011، علما أن عقد الكراء الذي يربط الشركة بالجماعة يتضمن كراء حديقة تتضمن بركة مائية فقط، ولا تتضمن أي مسبح. وأشارت الشكاية إلى أن صاحب الشركة «ع.م» يقطن بديار المهجر، وهو صهر المستشار الجماعي «م.م»، الذي يسير المحل رفقة زوجته، والمسجلين كأجيرين ضمن أجراء المقاولة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وبتاريخ 23 دجنبر 2015 تم إنجاز محضر معاينة تحت عدد 2015/45 يتعلق بمخالفة البناء من طرف صاحب الشركة، تتمثل في بناء شقتين على مساحة 110 متر مربع بدون ترخيص والشروع في بناء مسبح للأطفال على مساحة 80 مترا مربعا، وبعد استجواب المخالف من طرف قائد سيدي احرازم، تبين أنه قام بتحويل المستودع إلى شقتين دون الحصول على رخصة، كما تبين أنه قام بتحويل بحيرة بالحديقة إلى مسبح للأطفال.
وبتاريخ 25 فبراير 2016 تم إنجاز محضري معاينة تحت عدد 07/2016 من طرف عوني الجماعة المحلفين، في مواجهة صاحب الشركة بشأن شروعه في بناء سور طوله 60 مترا وعلو 3.5 متر، والشروع في بناء محلين الأول على مساحة 6 متر مربع والثاني على مساحة 18 مترا مربعا بحديقة الترفيه الجماعية الكائنة بمركز سيدي احرازم، وبتاريخ 20 أكتوبر 2016 تم إنجاز محضر معاينة عدد 24/2016 من طرف العون المكلف بمراقبة البناء بشأن إحداث مسبح للأطفال على مساحة 415 مترا مربعا بمركز سيدي احرازم دون رخصة مسبقة من الجماعة، وبعد توجيه أمر فوري بإيقاف الأشغال وإعذاره من أجل إنهاء المخالفة تم وضع شكاية أمام النيابة العامة التي تابعت الشركة كشخص معنوي من أجل بناء مسبح دون ترخيص، وتم الحكم عليها غيابيا بإدانتها من أجل المنسوب إليها والحكم عليها بغرامة نافذة قدرها 20 ألف درهم، وهدم البناية موضوع المخالفة وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه.
وأكدت الشكاية أنه، على الرغم من كل هذه المخالفات والخروقات لدفتر التحملات الخاص بالحديقة، فإن رئيس الجماعة، محمد كنديل، لم يعمل على فسخ عقد الكراء بين الجماعة والشركة المكترية، وأوضحت الشكاية أن سبب ذلك يعود إلى تبادل المصالح، لأن المستغل الفعلي لمشروع حديقة الألعاب هو المستشار الجماعي «م.م» وزوجته وأن صاحب الشركة هو صهره وشريكه في عدة مشاريع أخرى.
وحسب الشكاية، فإن شركة أخرى تكتري من الجماعة نفسها مسبحا بلديا بقيمة 140 مليون سنتيم سنويا، تشتكي من المنافسة غير المشروعة التي تمارسها في حقها الشركة المخالفة، التي أضافت خمسة مسابح إلى قائمة مخالفاتها وحماما ومطعما وقاعة للأفراح، ما اضطر صاحب الشركة المتضررة إلى مراسلة مؤسسة وسيط المملكة، التي قامت بالبحث في الموضوع، وأصدرت توصية موجهة إلى والي جهة فاس مكناس، يوصي من خلالها بالعمل على التعجيل باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ قراري الهدم المخالفين للقانون ولضوابط التعمير الصادرين بتاريخ 5 ماي 2016 تحت عدد 208 و209.
وكشفت الشكاية أن المستغل الفعلي للحديقة التي تحولت إلى مركب سياحي، هو مستشار جماعي معروف بالجماعة وبعلم ومباركة من رئيس الجماعة، بمدخول للجماعة لا يتعدى 40 مليون سنتيم، علما أن ثمن تذكرة الدخول إلى المركب يبلغ 50 درهما للفرد الواحد، في الوقت الذي يؤدي فيه مستغل المسبح البلدي مبلغ 140 مليون سنتيم سنويا، دون أن يتجاوز ثمن التذكرة 35 درهما فقط، ما اعتبرته الشكاية تبديدا منسقا وواضحا للمال العام من طرف رئيس الجماعة والمستشار الجماعي، ما يفوت على الجماعة مبالغ مهمة كان من الممكن استغلالها في تنمية الجماعة خدمة للصالح العام.
وتطرقت الشكاية كذلك إلى تغاضى رئيس الجماعة عن استيفاء الواجبات الكرائية من أخيه الذي يكتري من الجماعة محلا تجاريا عبارة عن «كشك»، ويتماطل في أداء الكراء، حيث سبق للجماعة أن رفعت ضده دعوى قضائية من أجل المطالبة بأداء الكراء، وصدر حكم قضائي يقضي بأداء أخ الرئيس لفائدة الجماعة تعويضا قدره 47539.30 درهما عن استغلال الملك العمومي وبإفراغه من الكشك موضوع الدعوى، لكن الرئيس لم ينفذ الحكم ضد شقيقه إلى غاية اليوم، مفوتا بذلك على الجماعة مداخيل مالية مهمة.