الوكالات الجهوية
في ظل جدل جمود التعمير وتراخيص البناء، وتعثر خروج تصاميم التهيئة بمدن كبرى، وسيطرة لوبيات عقارية على القطاع الذي يضمن الشغل والتنمية بصفة عامة، تنضاف مشاكل تعثر مشروع قانون الوكالات الجهوية وجموده بالأمانة العامة للحكومة لمدة سنة وسط حديث عن تحفظات من قبل وزارة الداخلية بخصوص تفاصيل مشروع القانون المذكور.
هناك انتظارات بالجملة من المقاولين الشباب والمستثمرين في العقار لحل المشاكل التعميرية المستعصية، وضمان تكافؤ الفرص وفتح المجال للتنافس الشريف الذي يمكن من خلاله توفير الجودة وتحقيق أرباح معقولة، تراعي السوق الوطنية والقدرة الشرائية للمواطن الزبون والحق الدستوري في السكن اللائق.
إن تفاصيل الجدل والخلافات والملاحظات الخاصة بمشروع القانون الجديد لإحداث 12 وكالة حضارية جهوية، هي مسؤولية حكومية لا تهم المقاولين والمستثمرين والمواطنين الذين ينتظرون النتائج الإيجابية لكل تغيير أو هيكلة المؤسسات من خلال تنزيل إجراءات تبسيط مساطر الحصول على تراخيص البناء، والتصاميم القابلة للتنزيل والمطابقة للواقع التعميري، وكبح جماح اللوبيات العقارية ومنع تحكم المنتخبين في القرارات الاستراتيجية، وتحكم التعمير في رسم الخرائط الانتخابية.
لا شك أن بعض مواد مشروع القانون المتعلق بإصلاح الوكالات الحضرية يتطلب النقاش الجاد، لتفادي ارتباك التنزيل أو القراءة غير الدقيقة للواقع التعميري وتفادي إعادة نفس سيناريو ولادة قوانين ميتة أو فشل مناظرات مثل تلك التي قامت بها وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، لكن لا يجب بالمقابل تعطيل مساطر المصادقة لمدة طويلة، لأن الأمر يتعلق بقطاع حساس يمس سوق الشغل مباشرة، ويعتبر من أسس الاقتصاد الوطني.
في إطار سعي المغرب لترسيخ الجهوية المتقدمة، وجب أن يكون مشروع إحداث الوكالات الحضرية الجهوية دقيقا، ويرسم مستقبلا واعدا في مجال التعمير والتخطيط المستقبلي لتشييد المناطق الصناعية والتجارية والمرافق والمؤسسات العمومية، وتحديد مناطق الاحتياط الاستراتيجي، ناهيك عن إزالة الغموض الذي يلف مصير مستخدمي الوكالات الحضرية الذين يخضعون لنظام أساسي خاص بهم، في أفق إدماجهم مع موظفي المفتشيات الجهوية و مندوبيات السكنى التابعين للوظيفة العمومية، كما يجب وضع معايير صارمة في إسناد تدبير الوكالات الجهوية واعتماد الكفاءة والتجربة والاستحقاق، حتى لا تتحول هذه المناصب إلى ريع من خلال إسنادها لنفس المسؤولين الذين راكموا الفشل في تدبير وكالات حضرية محلية، فبالأحرى أن ينجحوا في تدبير وكالات جهوية بثقلها المرتقب.
إن الكل في انتظار خروج الوكالات الجهوية لتسريع الرقمنة وإحداث ثورة في مجال الحلول التعميرية لتفادي استمرار انتشار العشوائية ووقف معضلة وضع قوانين وتصاميم تواجه إكراهات التنزيل وتفتح المجال للسمسرة وخرق القانون مادام التوسع العمراني لا ينتظر أحدا، وثقافة امتلاك السكن تتوارث بين الأجيال ومتجذرة في عقلية المواطن المغربي.