لمياء جباري
سيتم، يوم الثلاثاء 29 يونيو الجاري، عرض التقرير نصف السنوي المفصل للوضع الاقتصادي في المغرب الصادر عن البنك الدولي، والذي يتضمن فصلا مخصصا لتحليل ديناميات سوق العمل. التقرير، الذي يحمل عنوان «بناء الزخم للإصلاح»، يتناول تطورات الأوضاع الاقتصادية بعد ستة أشهر من نشر التقرير السابق. وسيقدم التقرير ويحلله، يوم الثلاثاء، مؤلفه خافيير دياز كاسو، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي.
يبرز خافيير دياز كاسو، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، المغرب كدولة استفادت من أزمة كوفيد -19 لتحويلها إلى فرصة وإطلاق برنامج طموح للإصلاحات التحويلية. وذكر بلاغ للبنك الدولي أنه «بعد جهوده الأولى للتخفيف من الآثار المباشرة للوباء على الأسر والشركات، أطلق المغرب سياسات مختلفة لتصحيح التفاوتات التي طال أمدها والتغلب على بعض العقبات الهيكلية التي حدت من أداء الاقتصاد في الماضي».
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج الإصلاح هذا يقوم على المحاور التالية: إنشاء صندوق استثماري استراتيجي (صندوق محمد السادس) لدعم القطاع الخاص، إصلاح إطار الحماية الاجتماعية لتعزيز رأس المال البشري، إعادة هيكلة الشبكة الواسعة للمؤسسات العمومية المغربية. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الحكومة عن شروط نموذج جديد يركز على التنمية البشرية والمساواة بين الجنسين، مع إعادة تنشيط الجهود الأخيرة لتشجيع ريادة الأعمال الخاصة وتعزيز القدرة التنافسية.
زيادة إمكانيات النمو الاقتصادي
يقول تقرير البنك الدولي، في محاوره الرئيسية، إنه إذا نجح تنفيذها، فقد تؤدي هذه الإصلاحات إلى مسار نمو أقوى وأكثر إنصافًا. هناك قنوات مختلفة يمكن من خلالها للإصلاحات الموصوفة أعلاه أن تزيد من إمكانات نمو الاقتصاد المغربي: من خلال زيادة المنافسة في السوق، وتعزيز المنافسة وتبسيط دور المؤسسات العامة في الاقتصاد، يمكن لعدد متزايد من المؤسسات الخاصة الوصول إلى الأسواق والنمو وخلق فرص العمل ؛ ويمكن لقطاع خاص أكثر دينامية أن يستخدم بشكل أفضل المخزون الكبير من رأس المال المادي المتراكم على مدى العقود الماضية، وبالتالي زيادة مكاسب نمو البنية التحتية القائمة، والتي كان أداؤها مخيبا للآمال حتى الآن ؛ تسريع وتيرة تكوين رأس المال البشري يمكن أن يسمح لمزيد من المواطنين المغاربة بتحقيق إمكاناتهم الإنتاجية، مما سيساعد على رفع مستويات المعيشة وتسريع النمو الاقتصادي.
ومع ذلك، يضيف كاتب التقرير، على المدى الأقصر، فإن الانتعاش الاقتصادي قد يكون تدريجيًا وغير منتظم. على الرغم من انتعاش النشاط في النصف الثاني من العام، إلا أن عام 2020 انتهى بأكبر ركود اقتصادي على الإطلاق. ويتوقع التقرير أن ينتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.6٪ في عام 2021، مدعومًا بالأداء الجيد للقطاع الزراعي والانتعاش الجزئي للقطاعين الثانوي والثالث. في هذا السيناريو الأساسي، لن يعود الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مستواه السابق للوباء حتى عام 2022 وستكون الخسارة التراكمية للإنتاج الناجمة عن الأزمة كبيرة.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال ميزان المخاطر التنازلي هو الأكثر ترجيحًا، نظرًا للانتشار العالمي لمتغيرات فيروس كورونا الجديدة والأكثر عدوى، وقيود العرض التي تؤثر على حملة التطعيم في المغرب ومواطن الضعف المالية الكلية الناجمة عن الأزمة. ويضيف التقرير أنه تم تخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير والمتفاوت للأزمة جزئيًا من خلال برامج التحويلات المالية الكبيرة التي تم وضعها خلال فترة الحجر الصحي.
صعوبة خلق فرص العمل
في المغرب، كما في أي بلد آخر، كانت الفئات الأشد فقراً من السكان أكثر تعرضاً للعواقب الصحية والاقتصادية للوباء. ونتيجة لذلك، ازداد معدل انتشار الفقر بعد عدة سنوات من التقدم الاجتماعي المستمر، ولا يُتوقع أن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023. ومع ذلك، فإن خصوصية الحالة المغربية تتمثل في أن تدابير التخفيف التي اتخذتها السلطات نجحت في التخفيف من حدة الفقر. انخفاض الدخل الذي كان سيعاني منه جزء كبير من أفقر الأسر (بالقطاع المهيكل وغير المهيكل)، وبالتالي منع زيادة أكبر في الفقر.
ومع ذلك، ونظرًا لأن هذه الإجراءات كانت مؤقتة بطبيعتها، فستكون هناك حاجة إلى نهج طريقة أكثر هيكلية لضمان توزيع فوائد التعافي بعد كوفيد بشكل متساوٍ. وأعلنت المملكة بالفعل عن إصلاح معمق لنظام الحماية الاجتماعية، بما في ذلك تعميم التأمين الصحي والعلاوات العائلية. ومع ذلك، تجب معالجة التحديات طويلة المدى التي تميز سوق العمل في المغرب، وهي قدرته غير الكافية على خلق وظائف جديدة حتى مع نمو الاقتصاد، وقلة النشاط الاقتصادي، خاصة بين الشباب والإناث والانخفاض القليل في القطاع غير المهيكل.