الوحدة والاستقلال
احتفل الشعب المغربي بالذكرى 81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال يوم 11 يناير 1944، وبعدها مباشرة يحتفل برأس السنة الأمازيغية وتنزيل التعليمات الملكية السامية باعتبار 14 يناير من كل سنة عطلة رسمية، وهو حدث تاريخي يشير إلى قوة الوحدة التي تجمع المغاربة باختلاف العادات والتقاليد واللهجات التي تنصهر في دماء المواطن المغربي ولها ارتباط وثيق بوحدة الكفاح الوطني من أجل نيل استقلال المملكة والدفاع عن القيم المقدسة.
إن قوة المغاربة في وحدتهم عبر التاريخ، والأمازيغية لغة رسمية للبلاد وفق دستور المملكة، كما أن الثقافة الأمازيغية من أبرز المكونات الأساسية للهوية المغربية، والتاريخ يتحدث عن بطولات لقامات أمازيغية من مختلف المناطق يعتز بها جميع المغاربة في مواجهة الاستعمار والاجتهاد في تلقين العلوم الدينية ودعم تحفيظ القرآن الكريم والتربية على قيم الدين الإسلامي السمحة، ودعم المقاومة بالمال والسلاح والتشبث بالوطنية ووحدة الصف، ما مكن من الانتصار في حروب طاحنة بفضل العزيمة والصبر، رغم غياب الإمدادات الكافية واستعمال المستعمر الأسلحة المتطورة والمحظورة عالميا مثل الغازات السامة.
لقد حاول المستعمر جاهدا بث سمومه داخل الجسد المغربي لصنع ألغام التفرقة والصراعات القبلية، واللعب على وتر تجييش العواطف وإشعار نار الفتن، حتى يتمكن من الاستفراد بربوع الوطن وتفتيت الكعكة بين الاستعمار الفرنسي والإسباني واعتبار طنجة منطقة دولية، لكن يقظة العلماء الأمازيغ وتفقههم في الدين، وقوة وعزيمة المجاهدين وروابط الدين الإسلامي وإمارة المؤمنين، كلها عوامل ساهمت في هدم هرطقات المستعمر وتم النجاح في التنسيق بين مقاومة أمازيغ الريف وأمازيغ الأطلس وأمازيغ سوس وقبائل الصحراء المغربية وزعامات المناطق الداخلية وجميع المغاربة لطرد المستعمر ورفع راية المملكة خفاقة وإعلان الاستقلال.
المغرب لا شك محسود على تنوع الثقافات والعادات والتقاليد واللهجات، دون أن يكون ذلك عامل تضاد أو صراع، بل عامل قوة وتماسك وتضامن يظهر عند الشدائد بشكل أكثر، لتمنح المملكة الشريفة دروسا للعالم في التآزر كأمة إذا اشتكى منها إقليم أو جهة تداعت لها الجهات كاملة بالسهر والحمى.
لقد فشل المستعمر في التفرقة بين المغاربة، باستعمال السلاح والمال وإحياء النعرات القبلية والشائعات والتجييش وتزوير التاريخ، لذلك لن تنجح الهرطقات الفارغة في خدش تشبث المغاربة بهويتهم الثرية بتنوعها والاعتزاز بأمازيغيتهم واستقلالهم، والسير نحو الأهداف المرسومة لتحقيق التنمية التي سيعم خيرها على الجميع، حيث لا فضل لأحد على الآخر سوى الاجتهاد في خدمة الوطن والمواطنين بتفان وأداء المهام كل من موقعه بأمانة.