شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

الهروب من الجنرالات.. وانتظار قبول فرنسا طلب عبود للجوء السياسي

يونس جنوحي:

غادر هشام عبود الجزائر، إذن، عندما كانت الحياة السياسية تتجه إلى الحائط، أي أنه تابع مثل غيره من جزائريي «الشتات» ما يقع في بلاده عبر الصحافة، ومن خلال اللقاءات التي جمعته مع مسؤولين جزائريين جاؤوا إلى باريس، غالبا بعد أن أصبحوا مغضوبا عليهم.

يقول: «في يوم 15 فبراير 1997، ركبتُ إلى باريس، وكان في جيبي ألف وخمسمائة فرنك. في اليوم الموالي وضعت طلب اللجوء السياسي لدى المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين OFPRA. وأدليت بنسخ عن مقالاتي الصحافية ومقالات من صحف جزائرية وأجنبية تشهد على المضايقات التي تعرضت لها من النظام الجزائري. كان ملفي يتضمن محضرين، من المحاضر الثلاثة للأحكام -إذ لم يكن لدي الوقت لكي أستخرج المحضر الثالث- التي تؤسس لإدانتي.

أضفت لتلك الوثائق وثيقة وزارية وقعها عبد الرحمن مزيان الشريف، وزير الداخلية، توقف جريدة «Le Libre» إلى أجل غير محدد، في خرق للقانون الذي يحدد مدة هذا التوقيف في ستة أشهر. بكل هذه العناصر، أعتقد أن ملفي كان قويا. لكن، بعد ستة أشهر من الانتظار والترقب، OFPRA حكمت بأني لست مضطهدا من طرف السلطات الجزائرية ورفضت طلبي.

عندما تلقيت هذا الخبر في شهر يوليوز 1997، كان لدي إحساس كما لو أن السماء وقعت فوق رأسي. ماذا يلزم بعدُ لتصديقي في بلد حقوق الإنسان؟ هل يحتاجون إلى أن أتعرض لمحاولة اغتيال؟

بعد سنة من الانتظار، سوف يتم الاستماع إليّ أخيرا من طرف اللجنة في 15 يونيو 1998، يوم عيد ميلادي. شهرا بعد ذلك، سأحصل على حق اللجوء السياسي، حسب ما تنص عليه اتفاقية جنيف 1952».

 

أيام باريس

كانت الزيارة الأخيرة إلى باريس بالنسبة لهشام عبود مغايرة تماما للزيارات السابقة التي كانت في إطار المهام الصحافية أو في إطار المهام المهنية التي كلف بها عندما كان يشتغل في ديوان الجنرال محمد بتشين، وخلال الفترة التي كان يعمل فيها مع شخصيات وازنة في وزارة الدفاع.

هذه المرة، كان الأمر يتعلق بطلب للجوء في باريس، بحكم أن الحياة باتت مستحيلة بالنسبة له. فآخر المضايقات التي تعرض لها، والتي كانت أقل حدة، كانت تلك التي قدمها له الجنرال بتشين عندما عرض عليه شراء جريدته التي كانت تلاقي نجاحا كبيرا، وطلب منه إصدارها بالعربية أيضا. لكن عندما رفض هشام عبود التعاون، قام بتشين بتحريك معاونيه وشركائه السريين، وقاموا بإغراء الصحافيين والعاملين، وفعلا اخترق الجنرال الفريق ورحل معه بعض الصحافيين والتقنيين واختار آخرون البقاء مع هشام عبود الذي اختار أن يتجه إلى تجربة مستقلة أخرى. لكن الأمر لم يدم طويلا، إذ إن المضايقات تطورت من التهديد والوعود لكي تصبح مساطر وإجراءات قانونية ترمي إلى إغلاق الصحيفة التي أطلقها وقتها. لتأتي تجربة باريس وطلب اللجوء، ويصبح هشام عبود رقما في ملفات طلبات اللجوء التي كانت فرنسا تتلقى منها المئات سنويا من مختلف الجنسيات والدول.

كيف كان هشام عبود يتدبر مصاريفه في باريس وهو الذي جاء إليها بمبلغ في الجيب بالكاد يعينه على قضاء الأيام الأولى، بالإضافة إلى أنه لم يكن يتوفر على الحق لمزاولة الصحافة مع مؤسسة صحافية فرنسية، بحكم أنه كان ينتظر تسوية وضعيته الإدارية فوق التراب الفرنسي. يقول هشام عبود هنا إنه كان يجني بعض المال من ترجمة مقالات لصحف أجنبية، بالإضافة أيضا إلى أنه التقى شخصا قدم له مساعدات كبيرة، بحسب ما تتيحه له إمكانياته المادية المتواضعة، ويتعلق الأمر هنا بصديقه الطيب وافي، والذي يقول إنه التقاه سابقا في سفر إلى باريس، وربما لم يتخيل عندما التقاه، أنه سيكون منقذا له في مرحلة انتظار الموافقة على طلب اللجوء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى