تزخر الثقافة المغربية بطقوس زواج مميزة تعكس مدى تقديس المغاربة لهذا الميثاق الغليظ. تحتل رمزية الخصوبة الحيز الأكبر من احتفالات المغاربة. إذ نحتفي بها عبر طقس الحناء المزينة بحبات البيض، أو طقس فك الحزام للعروس في إشارة إلى تحضيرها مسبقا لاستقبال الحمل.. أو بعض الأهازيج والأغاني الشعبية التي تتضمن أشعارا حول العذرية والفحولة والخصوبة.
نجد بالمقابل، أيضا، تدابير شبه أمنية أثناء حفل الزفاف لحماية العروس الجديدة من أذى الأعمال السفلية التي يمارسها البعض بغية إفشال الزواج أو إصابة أحد العروسين بالعقم (ممارسات خرافية لا يساندها علم أو منطق). يعتقد البعض أن وقوع حناء العروس في الأيادي الخطأ كفيل بالعبث بمستويات هرمون الأستروجين، وهو الاعتقاد الذي يقود أطباء أمراض النساء والتوليد إلى الجنون.
تقودنا كل هذه الطقوس والممارسات إلى الاعتقاد بأن الخصوبة تمثل قيمة فضلى في العقل الجمعي المغربي. غير أن للخصوبة جانبا مظلما نادرا ما نتجرأ على مناقشته لما يرمز إليه من طابوهات ووصمات عار اجتماعي. فكيف تُحول المشاكل الحميمة حياة الأزواج المغاربة إلى جحيم؟ وما أكثر الاضطرابات النفسية والجنسية شيوعا بين أوساط النساء والرجال؟
يعتبر ضعف الانتصاب والقذف السريع والعجز الجنسي الجزئي أو الكامل من بين أكثر المشاكل الجنسية المنتشرة بشكل كبير لدى الرجال. نجد بالمقابل، أيضا، العديد من الحالات المرضية العضوية لدى النساء، مثل متلازمة تكيس المبايض، البرود الجنسي، انقطاع الدورة الشهرية في سن مبكر جدا يصل أحيانا إلى أقل من خمس وثلاثين سنة.. لكن يظل مشكل التشنج المهبلي من أكثر المشاكل التي تؤثر سلبا على الحياة الجنسية للمرأة. إن إصابة الشريك بأحد هذه المشاكل الجنسية كافية لزعزعة استقرار العلاقة الحميمة.
التشنج المهبلي، على سبيل المثال، حالة تتميز بتقلصات عضلية لا إرادية في قاع الحوض، مما يجعل اكتمال العلاقة الخاصة أمرا مؤلما أو مستحيلا. يمكن أن تنبع من مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك القضايا النفسية، مثل القلق أو التنشئة الخاطئة.. فضلا عن الظروف الجسدية.
من ناحية أخرى، فإن ضعف الانتصاب هو عدم القدرة على تحقيق أو الحفاظ على الانتصاب الكافي للجماع، والذي يمكن أن يكون ناتجا عن حالات طبية أو إجهاد أو خيارات نمط حياة كالتدخين وتعاطي الكحول أو المخدرات. يمكن أن تخلق كلتا الحالتين حاجزا أمام العلاقة الحميمة الجنسية، وهي عنصر أساسي في العديد من العلاقات العاطفية.
بالنسبة للأزواج، غالبا ما يُنظر إلى العلاقة الجنسية على أنها جانب حاسم من العلاقة. عندما يعاني أحد الشريكين من خلل في الوظيفة الجنسية، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالرفض وعدم الكفاءة لدى الشريك الآخر، وقد يؤدي هذا إلى حدوث صدع عاطفي كبير، حيث لا يتعلق الأمر بالتقارب الجسدي فقط، بل يتعلق أيضا بالترابط العاطفي والثقة. قد يشعر الشريك، الذي يعاني من هذه الحالة، بالذنب أو الخجل أو الإحباط، مما قد يزيد من تعقيد التواصل.
قد يتجنب الشريك المصاب اللقاءات الجنسية تماما، مما يؤدي إلى انخفاض في الارتباط العاطفي. ويمكن أن يؤدي هذا الانسحاب إلى خلق حلقة مفرغة من المسافة العاطفية، حيث يشعر كلا الشريكين بالانفصال وعدم الرضا. قد يعاني الشريك غير المصاب من مشاعر الارتباك والاستياء والعجز، لأنه غالبا لا يفهم التعقيدات وراء الحالة. ويمكن أن يؤدي سوء الفهم هذا إلى اللوم والإحباط، أو التفسيرات الماورائية التي غالبا ما تزيد الطين بلة.
يمكن أن يكون العبء العاطفي للخلل الجنسي عميقا، ويمكن أن تؤدي مشاعر عدم الكفاءة إلى القلق والاكتئاب لكلا الشريكين. قد يشعر الزوج المصاب بضعف الانتصاب بأنه يفشل في إرضاء زوجته، بينما تشعر الزوجة بعدم الثقة في أنوثتها وبأنها غير مرغوب فيها جنسيا. يمكن أن ينتقل هذا الضغط العاطفي إلى مجالات أخرى من الزواج، مما يؤثر على التواصل وحل النزاعات والرضا العام عن العلاقة.
وبدلا من التعامل مع القضية بشكل منطقي، قد يجد الزوجان نفسيهما في حلقة مفرغة من اليأس واللوم المتبادل.
إن أحد أهم العوائق التي تحول دون معالجة الخلل الجنسي في الزواج، الوصمة المحيطة بهذه المواضيع. غالبا ما تعتبر مناقشة المشاكل الجنسية من المحرمات، مما يؤدي إلى الشعور بالخجل والحرج. ينشأ العديد من الأفراد في بيئات لا تتم فيها مناقشة الصحة الجنسية علنا، مما يجعلهم غير مجهزين لمعالجة مثل هذه القضايا في علاقاتهم البالغة. هذا الصمت يديم ثقافة سوء الفهم والعزلة.
إضافة إلى ذلك، غالبًا ما تؤكد المعايير المجتمعية على أهمية الأداء الجنسي كمقياس للرجولة والأنوثة، مما قد يؤدي إلى أزمات نفسية خطيرة للأفراد الذين يواجهون هذه التحديات.