النهاية التراجيدية لحكم غاني تآمر على الكرة المغربية
قضاة الملاعب جورج لامبتي (حكم دولي سابق)
ولد جورج لامبتي في سنة 1929 بمدينة تيسهي الغانية، بدأ حياته لاعبا قبل أن يجد نفسه حكما سرعان ما تسلق المراتب إلى أن أصبح حكما وطنيا في بداية السبعينات ليرتقي إلى درجة حكم دولي بعدها بسنتين، حيث تمكن من قيادة مباريات هامة على المستويين القاري والعالمي، أبرزها نهائيات كأس إفريقيا سنة 1972 بالكاميرون والألعاب الأولمبية في ميونيخ في السنة نفسها، ثم انتهى به المطاف رئيسا للاتحاد الغاني لكرة القدم سنة 1976، وحين اعتزل اللعبة اهتم بمشاريعه إلى أن توفي في فبراير 2011، بعد رحلة علاج طويلة.
على الخطى نفسها سار ابنه جوزيف الذي نال شهرة واسعة في بلده قبل أن يصبح حكما دوليا، لكنه انتهى بفضيحة على غرار والده.
حكم من زمن مضى
علاقة لامبتي الأب بالمنتخب المغربي بدأت في ميونيخ الألمانية حين زار البعثة المغربية في القرية الرياضية وحرص على متابعة بعض مباريات منتخبنا. وبعد الأولمبياد سيجد نفسه حكما للفريق الوطني المغربي الذي كان في طور الترميم بعد تغيير جلده.
افتتح الفريق الوطني المغربي مباشرة بعد عودته من الألعاب الأولمبية، مشوار التصفيات المؤهلة لكأس العالم التي تقرر إقامتها سنة 1974 بألمانيا الغربية بمواجهة المنتخب السينغالي في الدور الأول، وكم كانت المفاجأة كبيرة والفريق الوطني ينهي يوم 19 نونبر 1972 مباراة الذهاب في ملعب «الانبعاث» بأكادير أمام المنتخب السينغالي متعادلا بلا أهداف، فقد اعتقد الكثيرون أن المنتخب المغربي سيغادر تصفيات المونديال من الباب الخلفي، إلا أن عزيمة أصدقاء أحمد فرس ستكون أقوى خلال مباراة الإياب بملعب «ديمبا ديوب» بداكار، حيث تمكن «أسود الأطلس» يوم 3 دجنبر 1972 من الفوز على «أسود التيرانغا» بميدانهم بهدفين لهدف واحد، وسجل للفريق الوطني الغزواني وبيتشو بعد أن كان السينغاليون سباقين للتسجيل في الدقيقة الثانية من المباراة. في هذه المباراة سيكون الحكم لامبتي شاهدا على تألق «أسود الأطلس» في قلب دكار.
لامبتي بطل مجزرة كينشاسا
أضحى التاسع من دجنبر يوم شؤم للكرة المغربية، فقد شهد هذا التاريخ مجموعة من الانتكاسات الرياضية، حتى أصبح يوم الإقصاء بامتياز، فيه خرج المنتخب المغربي من سباق مونديال ألمانيا على يد الزايير سنة 1973، وفيه أيضا مني بخسارة مذلة أمام المنتخب الجزائري، ناهيك عن الهزائم الكبرى لأندية مغربية في هذا التاريخ المرعب.
في التاسع من دجنبر 1973 سيخوض المنتخب المغربي مباراة قوية في كينشاسا ضد منتخب الزايير، (الكونغو الديمقراطية حاليا)، وكانت كل التخمينات تمنح المنتخب المغربي حظوظ العبور إلى المونديال لثاني مرة.
على أرضية ملعب «تاتا رافائيل» ظهر الغاني جورج لامبتي بتقاسيمه الصارمة، كانت صفارته تساند المد الزاييري، لكن الشوط الأول انتهى بالتعادل السلبي. كانت مباراة حياة أو موت بالنسبة للمنتخبين وكان الرئيس الزاييري موبوتو سيسي سيكو يتابع أطوارها ويعد منتخب بلاده بامتيازات لا حدود لها في حال بلوغ نهائيات كأس العالم.
خرج لامبتي من مستودع الملابس وفي عينيه شرارة غضب، كما يقول اللاعب أحمد موهوب، فقد شرع في توزيع البطاقات ومنح الزايير ضربات خطأ على مشارف مربع العمليات، بل وساعدهم على تسجيل أهداف ظلت مثار جدل في الوسط الكروي لعقود، أبرزها هدف غريب وقعه اللاعب كيمبو بعد دفع عنيف للحارس المغربي الشاوي الذي تعرض للجلد في مرماه دون أن يحرك لامبتي ساكنا. انتهت المباراة بثلاثة أهداف دون رد، وكادت الأمور أن تنتهي بما لا تحمد عقباه لولا ضبط النفس بينما خرج لامبتي تحت تصفيقات الجمهور الزاييري.
في مباراة غريبة الأطوار استباح الحكم الغاني كل القوانين الكروية كي يطيح بالفريق الوطني ويخرجه مهزوما بثلاثية نظيفة. لم يكن الانتصار بفعل قوة «فهود الزايير» ولكن بفعل تآمر الحكم الغاني جورج لامبتي الذي تجاوز كل الحدود وأغمض عينيه عن أخطاء فادحة، بل ووقف سدا منيعا أمام كل تحركات المنتخب المغربي، كما أنه طرد رجل الوسط عبد العالي الزهراوي، ظلما وعدوانا، ليفتح الباب على مصراعيه لمنتخب الزايير، إذ يذكر الحاضرون أن لاعبي الزايير تعمدوا خشونة واضحة ضد حارس مرمى المنتخب الوطني آنذاك الشاوي ليوقعوا أحد أهدافهم الثلاثة.
كان مدرب المنتخب الزاييري فيدنيك سعيدا بالانتصار، فالغاية عنده تبرر الوسيلة، لأنه كان يسعى للثأر من مسؤولي المنتخب المغربي الذين أقالوه مباشرة بعد مونديال المكسيك سنة 1970، واستبدلوه بالمدرب الإسباني باريناغا الذي سيعوضه المغربي عبد الرحمان بلمحجوب الذي كان شاهدا على مذبحة تحكيمية في كينشاسا.
الحسن الثاني يعلن الانسحاب من المنافسات
بعد هذا الحادث دعي عثمان السليماني على عجل للقصر لفهم ما جرى في كينشاسا، والتداعيات السلبية لمباراة شوهت صورة كرة القدم الإفريقية والتحكيم الإفريقي على الخصوص، وتقرر تقديم احتجاج شديد اللهجة للكونفدرالية الإفريقية وللاتحاد الدولي لكرة القدم ومطالبتهما بفتح تحقيق في الأحداث اللارياضية التي شهدتها كينشاسا، وتم تعزيز هذه الدفوعات بشريط الاعتداء على حارس المنتخب الشاوي في مرماه.
في المقابل كانت الاحتفالات تعم كينشاسا، بل إن الرئيس موبوتو منح لكل لاعب سيارة، على حد تعبير اللاعب اعسيلة، والأكيد أن صدى جود وعطف الرئيس سيصل للحكم الغاني.
إلا أنه، وأمام الصمت المطبق الذي التزمته «الكاف» و«الفيفا»، قرر المغرب الانسحاب من آخر مباراة عن هذه البطولة الثلاثية المصغرة والتي كان مقررا أن يستضيف خلالها «الأسود» المنتخب الزاييري يوم 16 دجنبر 1973، ليفشل بذلك «أسود الأطلس» في العودة مجددا إلى أجواء المونديال فاسحين المجال للمنتخب الزاييري ليكون ثاني ممثل لكرة القدم الإفريقية في المونديال عن طريق التصفيات، لكن «الفهود» تجرعوا هزائم ثقيلة أساءت لكرة القدم الإفريقية.
ففي مونديال ميونيخ 1974 حصدوا هزيمة نكراء ضد يوغوسلافيا في المباراة الثانية (9-0)، وانهزموا في المباراة الأولى ضد اسكتلندا بهدفين دون مقابل وضد البرازيل في المباراة الأخيرة بثلاثية نظيفة.
أما الحكومة الغانية فواجهت الغضب الساطع الذي لازم حكمها الدولي لامبتي، بقرار مستفز لمشاعر المغاربة، حين عينته رئيسا للاتحاد الغاني لكرة القدم، وكان شاهدا في إثيوبيا على فوز المنتخب المغربي بالعناصر التي يعرفها بكأس أمم إفريقيا.
على خطى الأب سار جوزيف لامبتي الابن، الذي اختار بدوره الصفارة وأصبح حكما دوليا في غانا. لم ينس الولد موجة الغضب التي ضربت أباه والتي كان مصدرها المغرب، فكان يحرص على رد الصاع صاعين كلما عين لقيادة مباراة دولية في المغرب.
يذكر الرجاويون الدور البارز لجوزيف في إقصائهم ضد وفاق سطيف الجزائري في دوري عصبة الأبطال الإفريقية سنة 2015، في مباراة أصر على أن تنتهي بالتعادل في الدار البيضاء، مانحا امتيازا للجزائريين للحسم في سطيف. خرج الحكم تحت عاصفة من الشتائم ولم تنفع بلاغات الرجاء في تغيير المنكر.
تجرع فريق المغرب التطواني من سوط الحكم الغاني حين واجه مازيمبي الكونغولي في تطوان، ومرة أخرى يصر جوزيف على إنهاء المباراة بالتعادل، مانحا الكونغوليين فرصة الثأر في لومومباشي وهو ما حصل، في سيناريو مشابه لما حصل مع الرجاء البيضاوي.
لكن رائحة هذا الحكم زكمت الأنوف ليصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم قراره الجريء، بعد أن تسببت فضيحة تلاعب بنتيجة مباراة ضمن تصفيات كأس العالم لكرة القدم، بمعاقبة الحكم الغاني جوزيف لامبتي بالإيقاف مدى الحياة.
قال الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، في بلاغ له، إنه عاقب الحكم الغاني جوزيف لامبتي بالإيقاف مدى الحياة، بعد ضلوعه في فضيحة تلاعب بنتيجة مباراة في تصفيات كأس العالم لكرة القدم. وأوضح «الفيفا» أن لامبتي أدين بانتهاك اللوائح خلال فوز جنوب إفريقيا 2-1 على السنغال في نونبر 2016 ضمن المجموعة الأولى بالتصفيات الإفريقية.
ولم يذكر «الفيفا» مزيدا من التفاصيل، لكن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم قال إن لامبتي احتسب ضربة جزاء غير صحيحة لجنوب إفريقيا، وقرر معاقبته بالإيقاف ثلاثة أشهر.
وأضاف الاتحاد الإفريقي أن لامبتي أدين «بسوء الأداء» في المباراة، «وأهدى بشكل خاطئ ضربة جزاء من لمسة يد رغم أن اللاعب لم يلمس الكرة بيده». ونفذ الضربة اللاعب ثولاني هلاتشوايو بنجاح في الدقيقة 42، ثم أضاف ثولاني سيريرو هدفا ثانيا بعدها بثلاث دقائق.
وليست هذه الحادثة الأولى، إذ سبق للاتحاد الإفريقي أن عاقب لامبتي بالإيقاف ستة أشهر بعدما احتسب هدفا من لمسة يد في نصف نهائي دوري الأبطال في 2010.