النعمان اليعلاوي
جددت المركزيات النقابية الكبرى بالمغرب، وعلى رأسها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، رفضها القاطع لصيغة مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب المعروض للمناقشة بمجلس المستشارين، مشددة على ضرورة إعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي لضمان توافق حول مقتضياته، قبل التصويت عليه.
وأكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن المناقشات الجارية بمجلس المستشارين بشأن مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، «تتم في جو عال من المسؤولية». وأشاد السكوري في تصريح للصحافة، على هامش اجتماع للجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية عقدته، أول أمس الخميس، في إطار المناقشة التفصيلية لمشروع القانون المذكور آنفا، بالنقاط الجوهرية «التي أثارها الشركاء الاجتماعيون والمستشارون، سيما ما يتعلق منها بتعريف الإضراب والفئات التي يشملها، بغية التأكد من أن نص القانون يحترم المبادئ الديمقراطية والحقوقية بالمملكة».
واعتبر الوزير أن النقاش المستفيض لمضامين مشروع القانون «أساسي من أجل أن يعطي كل باب وفرع ومادة منه النتيجة المرجوة منه على الصعيد المجتمعي»، مشددا على أن الهدف من المناقشات هو «الخروج بنص يحقق التوازن بين حقوق المضربين والمقاولات، ويضمن حرية العمل، وحقوق المجتمع من خلال ضمان الحد الأدنى من الخدمات في المرافق الحيوية».
واستأثرت المادة الأولى من مشروع القانون إلى جانب التعاريف بحيز مهم من مداخلات الفرق البرلمانية خلال هذا الاجتماع، حيث تمت الدعوة إلى تضمين نص مشروع القانون ديباجة تكون بمثابة مقدمة تؤكد على ضمان ممارسة الإضراب كحق كوني مكفول، وتبرز المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المشروع، بما يضمن انسجام النص مع المرجعيات الدولية والوطنية، ويعزز الثقة بين مختلف الأطراف المعنية بممارسة هذا الحق.
وانتقد يونس فيراشين، عضو اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إغفال الحكومة لآراء المؤسسات الدستورية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأشار إلى أن المغرب، بخلاف دول المنطقة، لم يصادق بعد على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحق التنظيم، وأكد فيراشين أن مشروع القانون يتجاهل المكتسبات التاريخية المتعلقة بحق الإضراب، معتبرا أن النص المقترح يفتقر إلى التوازن ويهدد الحقوق النقابية. كما أشار إلى أن تحديد مدة الإضراب وتعريفه بشكل دقيق قد يحد من أنواع أخرى من الإضرابات، بما فيها التضامنية، معتبرا ذلك تناقضا مع معايير منظمة العمل الدولية.
ومن جهته، أبدى يوسف مكوري، عضو المكتب الوطني للاتحاد المغربي للشغل، تخوفه من تأثير المشروع على حقوق العمال، مشيرا إلى أن منح رئيس الحكومة صلاحية إيقاف الإضراب يتعارض مع مبدأ الحياد، وطالب بإشراك مفتشي الشغل في مسطرة تدبير النزاعات المرتبطة بالإضراب، مضيفا أن الإضراب حق دستوري وإنساني يخص جميع المغاربة، وليس فقط النقابات أو العمال، مبرزا أن الظروف الاجتماعية والسياسية هي التي تدفع إلى ممارسته.
من جانبه، اعتبر خالد السطي، المستشار عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن «الدستور لا يفرق بين النقابات الأكثر تمثيلية والنقابات الأقل تمثيلية، ويتحدث عن مساهمة النقابات المهنية للأجراء والغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها»، مشددا خلال اجتماع لجنة الثقافة والشؤون الاجتماعية بمجلس المستشارين، المخصص للمناقشة التفصيلية لمشروع قانون الحق في الإضراب، على أن «الدستور لا يميز بين النقابات الأكثر والأقل تمثيلية»، مضيفا أنه «نظرا إلى وجود إشكالية تتعلق بتحديد النقابات الأكثر تمثيلية في القطاع العام، بسبب غياب قانون، من الأفضل أن يظل حق الدعوة إلى الإضراب مكفولا لكل المنظمات النقابية، احتراما للدستور والقوانين».