النافذة
هي
كنت أحب قبلك وتمنيت لو أني أنسى ذلك الحب عبرك، لكنك كنت كل مرة تجعلني أتحسر على فكرة الاقتران بك. لم يكن قرارا صائبا أن أرجح كفة العقل على كفة القلب، وكان من أحببته خالي العيوب بالنسبة لي لكنه كان بالنسبة لأهلي العيب نفسه، كان ربما عيبه الواضح أنه كان سكيرا وفيا لطقوس الثمالة، كان يأتي كل مساء لباب بيتنا وأنت كنت جارنا وترى كل شيء من نافذتك، لقد كنت شاهدا على حبي له وحبه لي وحبك لي.
أقسمت يوم زواجي منك أن تجعلني أنساه لكنك جعلتني أتذكره أكثر، كلما قسوت علي أتذكر طيبته معي، كلما بخلت علي أتذكر كرمه معي.. وتوالت السنوات معك على هذا المنوال، وتجلى فرق العمر بيننا، ولم تعد تراقب من النافذة هل سيأتي أو تختبئ من وراء الشجرة على ناصية الشارع لتراقب تحركاتي، ولم تتمكن أبدا من رؤيتنا معا فأنا أصلا لم أره منذ أن تزوجتك، والآن وأنت مشغول بتقهقر صحتك، أخذت مكانك على النافذة أنتظره.
هو
شهدت كل مراحل عمرك، ويوم غدوت شابة نضرة تملؤها الحياة لم أتخيل أن تكوني لغيري، فأنا من حرص على سلامتك وراقب تحركاتك والكل في الحي يعرفون أنك في حمايتي. وفي يوم حصل ما لم أكن أضعه في الحسبان، أوصلك شاب إلى أول الشارع، تبادلت معه نظرات حب وافترقتما لتبدأ معاناتي.. حتما لم يسبق أن كرهت أحدا بقدر ما كرهت ذلك الشاب الذي جاء يوما طارقا بابكم طالبا الزواج منك.
رفضه والدك ووافق على طلبي، وأخذتك إلى بيتي تنوحين فراق ذلك الشاب وجعلتك في حضني وأفهمتك أنه مجرد طيش مراهقة سيمضي، ولكن الوقت مضى وحبك له لم يمض، وجاءت يوما إحدى صديقاتك تخبرك أنه كان مهاجرا في السر فانقلب به المركب وقضى نحبه في البحر، لم تصدقي الأمر وبدأت تخرجين هائمة على وجهك تجولين الشوارع وتعودين باكية، ولم أكن أتبعك لأراقبك بل لأحميك وأعيدك سالمة إلى البيت، ولكن صحتي لم تعد تطاوعني على ذلك فأقفلت الباب وتركت لك النافذة تجلسين فيها هادئة بعد أن تتناولي أقراص الطبيب النفسي.