الميركاتو الانتخابي
في الدقائق الأخيرة لإعلان بدء الحملة الانتخابية، وقعت انتقالات في صفوف المرشحين تشبه كثيرا تلك التي تحدث في مجال كرة القدم والمعروفة بالميركاتو، بحيث تتهافت الفرق على استمالة اللاعبين واقتنائهم للعب في صفوفها.
وهناك من ترك وكيل اللائحة حتى الدقيقة تسعين فاختفى عن الأنظار وأطفأ الهاتف مما عرض لوائح كثيرة للسقوط، مثل لائحة حزب الدلفين بالحسيمة التي اختفى عضوان منها في آخر لحظة، مما تسبب في إسقاط لائحة الحزب، أو لائحة وكيل الاتحاد المغربي للديمقراطية بالقنيطرة، الذي شرب سم الفئران وحاول الانتحار احتجاجا على استمالة 65 مرشحا من لائحته مما تسبب في إسقاطها.
أو مثل لائحة سيدي يحيى الغرب بأكملها التي انسحبت من العدالة والتنمية والتحق أفرادها بالاتحاد الدستوري، مما ترك عزيز رباح بدون لائحة في سيدي يحيى الغرب.
أما الاتحاد الاشتراكي فقد كاد في سلا تابريكت أن يبقى بدون لائحة بعد الاختفاء المفاجئ لوكيلها على بعد يومين فقط من إغلاق آجال إيداع الترشيحات لدى المصالح المختصة بعمالة سلا.
المرشح المحامي، القادم من الحزب العمالي، اختفى عن الأنظار في آخر لحظة وأغلق هاتفه النقال ليضطر الكاتب الوطني للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر لتكليف قياديين محليين بالحزب بتشكيل لائحة بديلة وإيداعها في الأجل القانوني لدى عمالة سلا، وهو ما تم بالفعل ساعة قبل إغلاق موعد إيداع الترشيحات.
وقد استغربت الجالية المغربية بمونتريال كيف أن المواطن الكندي المغربي البحراوي عاد من إقامته بكندا لخوض غمار المواجهة الانتخابية بالعاصمة الرباط، لكن هذه المرة على صهوة حصان الاتحاد الدستوري بعدما كان قياديا بحزب الحركة الشعبية.
أما حزب التجمع الوطني للأحرار فقد منح التزكية للبرلماني السابق لخضر حدوش رئيس المجلس البلدي السابق لمدينة وجدة، الذي بالمناسبة يتابع أمام قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، بسبب خروقات في مجال التعمير.
حمامة حزب مزوار أصبحت مثل الحمامة التي تعرضت لعملية «ترياش»، بعدما غادره مجموعة من الأعضاء بينهم مستشارون بالعاصمة الرباط، قدموا استقالتهم من الحزب وقرروا الالتحاق بحزب التقدم والاشتراكية الذي منحهم التزكية للترشح باسمه بمقاطعات الرباط.
كما التحق ثمانية رؤساء جماعات بإقليم الحسيمة بحزب الأصالة والمعاصرة، بعدما قدموا استقالتهم من حزب التجمع الوطني للأحرار، بالإضافة إلى رؤساء جماعات من حزب الاستقلال بمنطقة «تارجيست» عاصمة «كتامة»، ما خلق تخوفات لدى نور الدين مضيان القيادي بحزب شباط، الذي سارع إلى إصدار بيان ناري ضد الأصالة والمعاصرة وقع عليه حزب العدالة والتنمية.
حزب العدالة والتنمية الحاكم، رغم أنه يقدم نفسه بصورة الحزب المنضبط من ظاهرة الاستقالات الجماعية، تزامنا مع الانتخابات وما يواكبها من صراع حول التزكيات الانتخابية والترتيب على رأس اللوائح الانتخابية، لم ينج بدوره من حمة «الميركاتو الانتخابي»، فقد شهدت مدن تطوان والفنيدق والمضيق ومكناس وبوفكران تقديم عشرات الأعضاء لاستقالات جماعية احتجاجا على غياب الديمقراطية والشفافية في منح التزكيات، وأيضا احتجاجا على استقدام أشخاص لا علاقة لهم بحزب العدالة والتنمية للترشح باسمه. وبإقليم الفقيه بنصالح، التحق أعضاء بحزب الأصالة والمعاصرة الذي منحهم التزكية للترشح باسمه، أبرزهم مستشاران جماعيان من الحزب الحاكم ترشحوا ضمن لائحة «الجرار» ببلدية سوق السبت. وبهذه الخطوة، يكون الحزب الحاكم، قد تلقى صفعة مدوية محليا، بعدما نجح وكيل حزب الجرار في استمالة المستشارين، سيما أنهما كانا على علاقة سمن وعسل مع الرئيس الحالي للمجلس، منذ إشرافه على الشأن المحلي بالمدينة، فضلاً عن كون زوجة أحدهما تعمل موظفة بالبلدية ذاتها، الزوجة التي تغيب في كثير من الأحيان عن العمل، دون أن تتعرض للاستفسار مثل باقي الموظفات. وجاء فرار المستشارين نحو «البام»، إثر غضب من تصرفات الأجهزة المركزية للحزب، التي تدخلت بشكل مباشر في تشكيل لائحة المصباح، ناهيك عن رفض انضمام أحد المستشارين إلى اللائحة.
ويبقى حزب التجمع الوطني للأحرار أكبر مستفيد من «الميركاتو الانتخابي»، فقد استقبل عددا من البرلمانيين والمستشارين الجماعيين الرحل، وأكبر الخاسرين من العملية هو حزب حليمة العسالي، الحركة الشعبية، لكونه فقد أغلب برلمانييه ومستشاريه.
ويعلم هؤلاء البرلمانيون الذين سارعوا إلى تقديم استقالتهم من أحزابهم السياسية، للالتحاق بأحزاب أخرى، أنه سيتم تجريدهم من عضويتهم البرلمانية من طرف المجلس الدستوري، ومنهم البرلماني حسن الدرهم الذي رحل من الاتحاد الاشتراكي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، والبرلماني سعيد شباعتو رئيس جهة مكناس الذي رحل كذلك من الاتحاد الاشتراكي إلى التجمع الوطني للأحرار، وكلاهما يشغلان العضوية بالمكتب السياسي لحزب «الوردة»، بالإضافة إلى البرلماني طارق القباج، عمدة مدينة أكادير، والذي رحل من الاتحاد الاشتراكي إلى حزب «البديل الديمقراطي»، الحزب الجديد الذي يترأسه مؤقتا، وبعد الترخيص رسميا للحزب سيلتحق به كل من البرلمانيين علي اليازغي وعبد العالي دومو، من حزب الاتحاد الاشتراكي، وهما من مؤسسي الحزب الجديد.
وهناك مجموعة من البرلمانيين استقالوا ضمنيا من أحزابهم، كعبد القادر تاتو، ونبيل بلخياط، وعبد الحق شفيق، وكلهم ينتمون إلى الحركة الشعبية، لكن أنصارهم التحقوا عمليا بحزب التجمع الوطني للأحرار. وأشرف تاتو على تأسيس فروع لحزب الأحرار بالرباط، بعدما التحق به أغلب المستشارين الجماعيين الذين كانوا ينتمون لحزب الحركة الشعبية.
مدينة الدار البيضاء شهدت أكبر عملية للترحال السياسي بين الأحزاب مع اقتراب موعد الانتخابات، حيث رحل أزيد من 300 عضو من الحركة الشعبية إلى حزب الاتحاد الدستوري، وكلهم كانوا أعضاء بالفروع التي يشرف عليها البرلماني عبد الحق شفيق، الذي يخوض صراعات قوية مع امحند العنصر وحليمة العسالي، والذي سبق له أن اتهم وزيرة البيئة الحيطي بابتزازه من أجل الدخول شريكة معه في رأسمال شركاته التي تعمل في تدوير النفايات.
كما غادر أزيد من 100 عضو من حزب التجمع الوطني للأحرار بمقاطعة مرس السلطان، ومن بينهم البرلماني محمد بنجلون التويمي، نائب رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب. الأعضاء المائة قرروا بمعية التويمي الالتحاق بالاتحاد الاشتراكي، الذي منحه التركية وكيلا للائحة «الوردة».
أما بمجلس المستشارين، فقد قدم مجموعة من المستشارين البرلمانيين استقالتهم من الأحزاب التي ترشحوا باسمها، وأعلنوا التحاقهم بأحزاب جديدة سيترشحون باسمها خلال الانتخابات المقبلة، ما سيجعلهم عرضة للتجريد من العضوية، ويتعلق الأمر بالبرلماني عبد الكبير برقية، رئيس جهة الرباط، الذي انتقل من الحركة الشعبية إلى التجمع الوطني للأحرار، والهاشمي السموني، الذي قدم استقالته من الحركة الشعبية، وإبراهيم فضلي الذي انتقل من الحركة الشعبية إلى التجمع الوطني للأحرار، والبرلماني حسن سليغوة، رئيس مقاطعة المشور بفاس الذي انتقل من التجمع الوطني للأحرار إلى حزب الاستقلال، ثم عبد الرحيم العلافي الذي رحل من الاتحاد الدستوري إلى الحركة الشعبية٠
وفي إطار الترحال السياسي من حزب العدالة والتنمية، بسبب التزكيات الانتخابية، هرب وكيل لائحة الحزب لانتخابات غرفة الفلاحة بجهة الغرب الشراردة، ميلود القبلي، رفقة مرشحي لائحته في عز الحملة الانتخابية إلى حزب الاتحاد الدستوري، كما قدم أعضاء آخرون استقالتهم بمدينة القنيطرة والتحقوا بالاتحاد الدستوري. وكانت أقوى استقالة هزت أركان الحزب الحاكم هي استقالة القيادي والمستشار الجماعي، الحسين المفتي، الذي اتهم عزيز رباح في تسجيل صوتي بارتكاب جرائم في حق القنيطرة، والذي التحق بحزب التجمع الوطني للأحرار الذي سيترشح ضمن لائحته الانتخابية في مواجهة لائحة عزيز رباح.
وبمدينة فاس، قدم حوالي 200 عضو من الحركة الشعبية، بينهم أعضاء بالمجلس الوطني ومستشارون جماعيون، استقالتهم، وقرروا الالتحاق بحزب الاستقلال، ونظم لهم شباط حفل استقبال، توج باحتلال مقر حزب الحركة الشعبية، الذي كان في ملكية حسن بلقديد المنسق السابق لحزب «السنبلة»، وكان يضعه رهن إشارة الحزب، ولما التحق بحزب الاستقلال قرر تسليمه إلى حميد شباط، الذي حوله إلى مقر إضافي لحزب الاستقلال. ومباشرة بعد الاقتحام، وضع مناضلو حزب الاستقلال صور شباط مكان صور مؤسس الحركة الشعبية، المحجوبي أحرضان، وأمينه العام امحند العنصر.