شوف تشوف

شوف تشوف

الموت بسبب الصين

إلى حدود ليلة أمس الأربعاء يصعب التكهن بالفائز بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وبانتظار ظهور النتائج النهائية سيستمر كل مرشح في إعلان فوزه من جانب واحد.
في حالة فوز ترامب ستكون أول معركة سيعلنها بعد أدائه القسم هي الحرب على الصين.
فقد وقعت الواقعة التي طالما حذر منها البيت الأبيض، وقد أعلن صندوق النقد الدولي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن اقتصاد الصين أزاح الاقتصاد الأمريكي من عرش الريادة العالمية، وحسب تقرير صندوق النقد الدولي فاقتصاد الصين بلغ 24.2 تريليون دولار مقابل 20.8 تريليون دولار للاقتصاد الأمريكي.
هذا يعني أنه مع نهاية عام 2020، ستكون الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يسجل نمواً إيجابيا، أي الاقتصاد الوحيد الذي سيكون أكبر في نهاية العام مما كان عليه عندما بدأ العام.
هذه النتيجة هي ما حذر منه بيتر نافارو مستشار ترامب وهي التحذيرات التي لخصها في كتابه «الموت بواسطة الصين «Death by China.

انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية بناء على اقتراح من الرئيس السابق بيل كلينتون في عام 2001.
تكمن الفكرة في إفادة شركات التصدير الأمريكية من سوق استهلاكية صينية كبيرة وتحويل الحزب الشيوعي الصيني ومنحه الفرصة ليصبح رأسماليا.
الصين من جانبها انتهزت فرصة انضمامها لمنظمة التجارة العالمية ووضعت استراتيجيات لإغراق العالم، وخاصة السوق الأمريكية، بمنتجات صينية أرخص تنافس جميع المنتجات المحلية. وفي كتابه «الموت بسبب الصين» استخدم المؤلف مصطلح «سلاح» للدلالة على الاستراتيجيات الصينية لغزو السوق الأمريكية.
كانت خطة الصين واضحة، بدأت بنقل وتدمير سوق الشغل الأمريكي عن طريق تقديم الكثير من الحوافز الضريبية والاقتصادية للمجموعات الأمريكية حتى تتمكن من نقل إنتاجها إلى الصين، مثال شنجن بالنسبة للتكنولوجيا العالية الأمريكية (آبل، فيسبوك، مايكروسوفت)، مما سمح بخلق مناصب شغل هائلة في الصين ونقل المعرفة الأمريكية إلى الصين… مما تسبب لليد العاملة الأمريكية في بطالة اقتصادية.
لا تدفع الصين ضرائب على البيئة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وعلى سبيل المثال في صناعة الصلب والحديد تدفع الشركات الأمريكية ضريبة بيئية على عكس الشركات الصينية، مما يمنحها ميزة نسبية في الأسعار .
مثل كثير من الدول لا تملك الصين قانونا للشغل، إذ يشتغل العمال في غياب ضمان اجتماعي وحد أدنى للأجور. كما تمنع الصين تأسيس اتحاد للعمال وتمنع تظاهرهم.
في الصين يتم إصدار فواتير على الصادرات الصينية وإعادتها إلى الوطن بالدولار، بحيث يتم الإنتاج بسعر منخفض (اليوان) مما يخول البيع بسعر أرخص.
في المقابل، تحسب واردات البضائع بالدولار، ما يجعلها باهظة الثمن على جيب المستهلك الصيني، وهذا كفيل بمنع ولوج البضائع الأمريكية إلى السوق الصينية.
واحدة من مواهب الصين هي أنها بارعة في النسخ، فهي تنسخ جميع الماركات (ملابس، أزياء، تقنية عالية…) وتعيد تصديرها عالميا بأسعار بخسة.
وقد دفعت الصين شركة غوغل إلى مغادرة الأراضي الصينية لترك المجال أمام بدء الاشتغال بمحرك البحث «بيدو»، وهو نسخة طبق الأصل عن غوغل.
طورت الصين أسلحة ثقيلة وغواصات منسوخة عن الخبرات الأمريكية وموزعة في أسواق العملاء الأمريكية بأسعار مناسبة مقارنة بالعروض الأمريكية.
تمنح الصين إعانات وتدابير مشجعة للمصدرين الصينيين، وتشجع «صنع في الصين»، إلى درجة البيع بسعر أقل من تكلفة الإنتاج والدولة تدعم الفرق، مما يساعد على إعادة العملة الصعبة بالدولار إلى الصين.
طورت الصين برنامجا كاملا للطاقة المتجددة عن طريق نسخ النموذج الأمريكي بعد خطاب أوباما حول هذا الموضوع. كما طورت صناعة ضخمة للسيارات الكهربائية. فالمستقبل هو انتقال الطاقة من النفط إلى الكهرباء.
لذلك فكتاب مستشار ترامب الاقتصادي «الموت بسبب الصين» سيكون هو الإنجيل الذي سيطبقه ترامب خلال ولايته الثانية. بحيث سيركز على توعية المستهلك الأمريكي بأخطار «صنع في الصين» على الأطفال مثل الألعاب القادمة من الصين (مواد سامة)، كما سينظم حملات تواصل لإنماء الوعي بمخاطر فقدان سوق الشغل الأمريكي.
وأهم شيء سيقوم به هو إعادة المجموعات الأمريكية التي تم تأسيسها في الصين إلى أرض الوطن، من خلال منحها نفس المزايا وأكثر، وتشجيعها على الإنتاج في الولايات المتحدة لتعزيز التوظيف والحفاظ على القيمة المضافة التي تم إنشاؤها في الولايات المتحدة. وفي هذا الاتجاه، عرض الرئيس ترامب تخفيض الضريبة على الشركات من 35 في المائة إلى 15 في المائة.
كما سيقوم بتشجيع رجال الأعمال الصينيين على الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال منحهم الجنسية والمزايا الضريبية وانفتاحهم على فرص التصدير في بلد المنشأ: الولايات المتحدة الأمريكية.
سيواصل ترامب التخلي عن العضوية في المنظمات العالمية لحماية البيئة (مؤتمر الأطراف…) من أجل عدم دفع الضريبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حتى تلتزم الصين.
سيواصل رفع التعرفة الجمركية وسيدفع الصين إلى إعادة التفاوض بشأن اتفاقية شراكة تجارية جديدة خارج منظمة التجارة العالمية تضمن الربح لجميع الأطراف. تم توقيع المرحلة الأولى من هذه الاتفاقية في يناير 2020.
سيعمل على إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات التجارة الحرة، ففي عهد ترامب ستنتهي العولمة ومرحبا بالحمائية القومية.
كل هذا بهدف واحد ووحيد وهو تقليل العجز التجاري الأمريكي وجعله أكثر توازنا وتأجيل تراجع أمريكا من المرتبة الأولى لريادة العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى