شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرمجتمع

الموت السريري للطبقة الوسطى

خلص تقرير حديث حول «اللامساواة العالمية لعام 2022» إلى التفاوت الاجتماعي المرتفع الحاصل في الدخل بالمغرب، مؤكدا أن 10 في المائة من سكان المغرب يملكون أكثر من 63 في المائة من إجمالي الثروة، بينما 50 في المائة تملك أقل من 5 في المائة منها. وهو ما يجعل البلاد وفق خلاصات التقرير الدولي تتميز بوجود طبقة وسطى فقيرة نسبيًا، بسبب التفاوت المتطرف في الثروة في المغرب كما نعتها التقرير.

وبلا شك أن التقرير يسائل وضعية الطبقة الوسطى التي أصبحت تتعرض للتآكل والاندثار والاختناق، فهي على عكس الفئات ذات الدخل الأقل، لم يعد لديها سوى ما قد ينفعها في دفع مستحقات القروض وفواتير الهاتف وشراء الوقود، وتأمين غذائها، وغيرها من الضروريات اليومية. أما قدرتها على الادخار وتدشين المشاريع والاستهلاك فهذه مطالب أصبحت بعيدة المنال.

والحقيقة التي لا يمكن نكرانها أن تآكل الطبقة المتوسطة ببلادنا هو ناتج سياسات اجتماعية فاشلة جعلت من هاته الطبقة، التي يفترض أنها صمام الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مصدرا لدفع كلفة الإصلاحات، وهو ما جعلنا أمام مجموعات اجتماعية واقتصادية منخفضة الدخل تكافح من أجل تلبية احتياجاتها، وتصرف ما يقرب من ثلثي قوتها الشرائية وانتقلت إلى الطرف المنخفض من الطيف الاجتماعي، وعندما تميل الطبقة الوسطى إلى الاختفاء في بلدنا، فإن ذلك بمثابة ناقوس خطر، ينذر باختلال تام في التوازن في النظام برمته وإلى اضطراب اجتماعي، يمكن أن يؤدي إلى أي شيء.

وما زاد من تدهور مستوى معيشة الطبقة الوسطى، هو وضعية التعليم والخدمات الاجتماعية والصحية العمومية التي ذهبت ضحية خيارات فاشلة مما دفع أفراد الأسر المنتمية إلى الطبقة الوسطى للبحث عن هذه الخدمات في القطاع الخاص رغم كلفتها المرتفعة مما تسبب لها في نفقات أرهقت كاهل البعض وعجز عنها الكثيرون.

ومع تقلص حجم الطبقة الوسطى وتفتت نقاط قوتها، فإنها تصبح غير قادرة على أن تلعب دورها كإحدى ركائز الاستقرار والتماسك الاجتماعي، خصوصا في ظل السياق الصعب الذي نواجهه والذي يزيد من حاجة هذه الطبقة التي وجدت نفسها كمن يرقص على السلالم، فلا هي حافظت على الميزان، ولا ضبطت الإيقاع، ووجدت نفسها مختنقة متآكلة بين طبقة ثرية مخملية في الأعلى وأخرى فقيرة فقرا مدقعا في الأدنى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى