بدأت الاستعدادات بكل القطاعات الحكومية لرفع الحجر الصحي بشكل تدريجي، وستكون البداية بالعودة للعمل ببعض القطاعات الاقتصادية الأساسية والمهمة، بعد توقف لمدة شهرين، منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية. وفي مذكرة إحصائية للمركز المغربي للظرفية، أشار إلى أن الناتج الداخلي الخام سيحقق نموا سالبا بـ3.2 في المائة خلال السنة الجارية، بعدما كانت توقعات المركز الأولية تشير إلى 0.8 في المائة، فيما حدد قانون مالية 2020 توقعات الحكومة حول نمو الاقتصاد الوطني بـ3.7 في المائة. وأشار المركز المغربي للظرفية إلى أن الفرضية الرئيسية بانتهاء الأزمة الصحية منتصف العام الجاري، على أن يتحقق الانتعاش في ما بعد بشكل تدريجي، كما تأخذ النسبة المتوقعة بعين الاعتبار أيضا الموسم الفلاحي المتسم بالجفاف، وما سينتج عنه من انخفاض ملحوظ في إنتاج الحبوب الذي لن يتجاوز 40 مليون قنطار.
توقعات الخبراء
يعتبر خبراء المركز المغربي للظرفية أن إحداث صندوق خاص لتدبير جائحة كورونا يمكن أن يجنب العديد من المقاولات خطر الإفلاس، وبالتالي الحفاظ على مناصب الشغل، وينبني توقع المركز أيضا على فرضيات تقليدية أخرى، من بينها انتعاش أسعار النفط منتصف العام الجاري لتستقر عند مستوى 50 دولارا تقريبا، وأشار تحليل أصدره المركز إلى أن أغلب القطاعات الإنتاجية في المملكة ستعاني من التداعيات السلبية للأزمة الحالية.
ومن جانبها، أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن حوالي 142 ألف مقاولة صرحت بتوقف نشاطها بشكل مؤقت أو دائم في بداية الشهر الماضي، وهذا الرقم يمثل أكثر من نصف المقاولات المغربية (57 في المائة)، مشيرة إلى أن الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد دفعت 135 ألف مقاولة إلى تعليق أنشطتها مؤقتا، بينما أقفلت 6300 مقاولة بصفة نهائية، وكانت حصة الأسد من الضرر في المقاولات الصغيرة جداً بنسبة تصل إلى 72 في المائة، و26 في المائة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، و2 في المائة فقط من المقاولات الكبرى.
وتتوقع المندوبية، أن يواصل الاقتصاد العالمي انكماشه بوتيرة أشد حدة من الفصل السابق، متأثرا بانتشار الوباء وتمديد فترات الحجر الصحي. في ظل ذلك، سيشهد الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب تراجعا بنسبة 12,6 في المائة، خلال الفصل الثاني من سنة 2020، عوض ناقص 6 في المائة المتوقعة في 7 أبريل الماضي، متأثرا بانخفاض الواردات وخاصة الأوربية، مما سيساهم في تراجع الصناعات المحلية الموجهة إلى التصدير. في ظل ذلك، يتوقع أن تنخفض الصادرات الوطنية بـ6,1 في المائة، حسب التغير السنوي، كما ستشهد الواردات تراجعا يقدر ب 8,4 في المائة، موازاة مع تقلص المقتنيات من المواد الخام ومواد الاستهلاك والتجهيز.
نسب وقطاعات
بالإضافة الى تراجع الطلب الخارجي، وباعتبار تمديد فترة الحجر الصحي على أكثر من نصف الفصل الثاني، يتوقع أن ينخفض استهلاك الأسر بنسبة 2,1 في المائة، خلال الفصل الثاني من 2020، وذلك بسبب تراجع النفقات المتعلقة بالنقل وبالمواد المصنعة وبخدمات الفندقة والترفيه، في المقابل، سيواصل الاستثمار تقلصه بوتيرة تناهز 26,5 في المائة، متأثرا بتراجع مخزونات المقاولات، حيث ستساهم الأزمة الصحية في الحد من احتياجات المقاولات من التمويلات، في الوقت الذي ستظل احتمالات انتعاش سريع للطلب غير مؤكدة. وفي العموم، يتوقع أن يشهد الاقتصاد الوطني انخفاضا يقدر بـ 6,8 في المائة خلال الفصل الثاني من سنة 2020.
ومن منظور قطاعي، تتوقع المندوبية انخفاض القيمة المضافة الفلاحية بـ 4,2 في المائة، في الفصل الثاني من سنة 2020، فيما ستتراجع الأنشطة غير الفلاحية بـ6,9 في المائة، حيث ستشهد القيمة المضافة للقطاع الثالثي انخفاضا ملموسا، متأثرة بتراجع أنشطة التجارة، والنقل وتوقف المطاعم والفنادق. وإضافة الى ذلك، يرجح أن تنخفض القيمة المضافة للقطاع الثانوي بـ8,9 في المائة، حسب التغير السنوي.
وحسب مذكرة المندوبية، ينتظر أن يواكب هذا الانخفاض فقدان ما يقرب 8,9 نقاط من النمو خلال الفصل الثاني من سنة 2020 مقارنة مع توقعات تطور الناتج الداخلي الخام قبل تفشي وباء «كوفيد- 19»، عوض ناقص 3,8 نقاط المتوقعة في بداية شهر أبريل الماضي، وهو ما يرفع الخسائر المتوقعة على مستوى القطاعات الإنتاجية إلى 29,7 مليار درهم، خلال النصف الأول من سنة 2020، عوض 15 مليار درهم المتوقعة في 7 أبريل المنصرم. وأشارت المندوبية إلى أن هذه التوقعات تظل قابلة للتغيير، موازاة مع ظهور معطيات جديدة في ظرفية تتسم بتزايد الشكوك حول مدة الأزمة الصحية وحدة آثارها على النشاط الاقتصادي، وكذلك تأثير مختلف التدابير والبرامج المتخذة لدعم الاقتصاد الوطني.