شوف تشوف

الافتتاحية

المنبوذون من نعيم السلطة

يقال إن التاريخ لا ينسى ولا يرحم وعادة ما يفضح مواقف بعض تجار الحقوق والسياسة، ويقوم بعملية فرز بين الحقيقي والزائف وبين الصحيح والمغلوط من أقوالهم. سياق هذا الكلام فرضته مناسبة الخروج الشارد للوالي السابق حسن أوريد مرتديا عباءة الحقوقي الذي لا يشق له غبار والناصح الأمين للأمة، لكي يعطي الدروس لمؤسسات الدولة بسبب متابعة مواطنين على خلفية قضايا أخلاقية وجنائية لا علاقة لها بحقهم المضمون في التعبير عن آرائهم.
طبعا من حق المواطن حسن أوريد أن يعبر عن رأيه وقت ما شاء، وأن يتدخل في الشأن للعام ليدلي بدلوه، أو يحكي حكايات روائية عن الأوضاع السياسية القائمة بلسان التاريخ، لكن لا ينبغي أن ينسى أوريد مساره كناطق سابق باسم القصر الملكي أو كمؤرخ للمملكة أو يتنكر لتاريخه كرجل سلطة يحمل صفة ضابط شرطة قضائية، والأهم من ذلك، ألا يركب على قضايا الآخرين لتصفية حساباته الشخصية مع من جعله منبوذا ومطرودا من النعيم الذي كان يعيش فيه لعقود.
أوريد مثال واحد من بين عدد من منبوذي المرحلة الذين ولدوا وفي فمهم ملعقة السلطة، واليوم يحاولون أن يلعبوا أدوارا بطولية فوق قدراتهم وتاريخهم بعدما تم حرمانهم من خيرات المناصب السامية. ليس من حق أوريد أن ينسى، وإذا تناسى سنذكره بأنه كان في الأمس القريب واليا يصول ويجول بما يوفره له منصبه السامي وقربه من دوائر صناعة القرار من امتيازات ومنافع أعمته آنذاك عن إبداء مواقف حقوقية خوفا على فقدان العيش في نعيم السلطة، لذلك قد يعيش السيد أوريد للحظة في فقاعة أمجاد الذائد عن الحقوق والحريات التي لم يكن يتذكرها بالأمس، وقد ينصب نفسه مدافعا شرسا عن الآخرين، فيخرج ما يطيب له من المواقف الشعبوية، لكن التاريخ لا يرحم ولا ينسى ما كان يفعله أمس من تجاوزات قبل أن يتحول إلى لعب دور المثقف العضوي.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن أوريد الذي يسعى أخيرا إلى شرعنة وجوده داخل النخبة عبر محور المعارضة وبكثير من الاستعلاء والخيلاء، لم يستسغ منذ سنوات إبعاده من دائرة الأضواء والتخلي نهائيا عن خدماته بعدما تحول إلى عبء ثقيل، وهو اليوم يستغل كل وسيلة حتى ما يكتبه من الروايات للتعبير عن مكنوناته التي ترتكز على مضمون انتقامي تجاه طرده من نعيم السلطة فتحول إلى شخص
بدون فرامل التحفظ بدون قيود تفرضها مناصب الأمس، والسبب انقلابه على معتقدات الأمس وفق ما تتطلبه مصالح اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى