شوف تشوف

الرئيسية

الملك محمد السادس: «المغرب يجب أن يكون بلدا للفرص لا بلدا للانتهازيين»

إعداد: النعمان اليعلاوي

 

 

رسم الملك محمد السادس، في الخطاب الذي وجهه إلى أعضاء البرلمان بغرفتيه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، المعالم الكبرى للتوجهات الاجتماعية للبلاد خلال الولاية التشريعية الحالية. وركز الخطاب الملكي على الجانب الاجتماعي في ما يتعلق بدعم التشغيل وتكوين الشباب، وفتح الباب للكفاءات المغربية من أجل المساهمة في تنمية البلاد، مع التأكيد على عدم التساهل مع «الانتهازيين» والعمل الجاد على خلق الفرص لجميع المواطنين على السواء.

ونبه الملك إلى مركزية النموذج التنموي، ودعا إلى ضرورة تحلي السياسيين بالجدية والعمل الدؤوب لخدمة الوطن والمواطنين، مذكرا بالتوجهات الملكية التي سطرتها الخطب الملكية السابقة وعلى رأسها خطاب العرش، والتنبيه الملكي إلى ضرورة إشراك الشباب في السياسة. كما عرج الملك، في خطابه أمام البرلمانيين، على عودة الخدمة العسكرية، مشيرا إلى أن جميع المغاربة المعنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية.

 

المسؤولية البرلمانية.. تكليف ملكي

دعا الملك محمد السادس البرلمانيين إلى المساهمة «الفعالة» في دينامية الإصلاح التي تعرفها المملكة، وقال في خطاب ألقاه أمام أعضاء غرفتي البرلمان يوم الجمعة، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، «وإنكم، معشر البرلمانيين، بصفة خاصة، في الأغلبية والمعارضة، تتحملون مسؤولية ثقيلة ونبيلة، في المساهمة في دينامية الإصلاح، التي تعرفها بلادنا»، مشيرا إلى أن «التوجهات والتدابير التي دعونا إليها، خاصة في خطابي العرش وذكرى 20 غشت، تقتضي التعبئة الشاملة، والعمل الجماعي»، مشددا على ضرورة «قيام كل واحد بدوره كاملا، في ظل احترام القناعات والاختلافات». وبعد أن شدد الملك على أن ما يضفي على هذه السنة التشريعية طابعا خاصا، كونها تأتي في مرحلة شعارها «روح المسؤولية والعمل الجاد،» أبرز أنه داخل هذه «المؤسسة الموقرة»، يشكل البرلمانيون أسرة واحدة ومتكاملة.
وأكد الملك، في هذا السياق، أن «المصلحة الوطنية واحدة، والتحديات واحدة، ويبقى الأهم هو نتيجة عملكم الجماعي»، وقال: «إننا حريصون على مواكبة الهيآت السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية»، داعيا إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار.

وجاء في الخطاب أن التعبئة الوطنية والعمل الجماعي يتطلبان توفر مناخ سليم، وتعزيز التضامن بين مختلف الشرائح الاجتماعية، و«هو ما نهدف إلى تحقيقه من خلال الإصلاحات والتدابير الاقتصادية والاجتماعية، التي نعتمدها، من أجل تحسين ظروف العيش المشترك بين جميع المغاربة، والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية»، يقول الملك، مشددا على أن المغرب كان وسيظل، «أرض التضامن والتماسك الاجتماعي، داخل الأسرة الواحدة، والحي الواحد، بل وفي المجتمع بصفة عامة»، مؤكدا أن «روابط الوحدة والتماسك بين المغاربة، لا تقتصر فقط على المظاهر، وإنما تنبع من قيم الأخوة والوئام، المتجذرة في القلوب، والتضامن في الأحزان والمسرات»، مبرزا، في هذا الصدد، حرصه على تعزيز هذه الروابط، التي تجمع المغاربة على الدوام، سواء من خلال اعتماد سياسات اجتماعية ناجعة، أو عبر تسهيل وتشجيع المساهمات التضامنية، على مختلف المستويات.

ولهذه الغاية، دعا الملك إلى «تبسيط المساطر، لتشجيع مختلف أشكال التبرع والتطوع والأعمال الخيرية، ودعم المبادرات الاجتماعية، والمقاولات الوطنية»، مشددا على ضرورة وضع «آليات جديدة لإشراك القطاع الخاص، في النهوض بالميدان الاجتماعي، والمساهمة في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين»، سواء في إطار المسؤولية المجتمعية للمقاولة، أو من خلال إطلاق شراكات بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال.

 

دعوة ملكية للكفاءات المغربية

ودعا الملك محمد السادس إلى دراسة إمكانية فتح بعض القطاعات والمهن غير المرخصة حاليا للأجانب، من قبيل قطاع الصحة، أمام بعض المبادرات النوعية والكفاءات العالمية، إذ قال: «وفي نفس التوجه الهادف للنهوض بالتشغيل، ندعو لدراسة إمكانية فتح بعض القطاعات والمهن غير المرخصة حاليا للأجانب، كقطاع الصحة أمام بعض المبادرات النوعية والكفاءات العالمية، شريطة أن تساهم في نقل الخبرات، وفي خلق فرص شغل للشباب المغربي حسب مؤهلاتهم»، معتبرا أن «مما يزكي هذا التوجه، الاهتمام المتزايد الذي تعبر عنه العديد من المصحات والمستشفيات العالمية، المشهود لها بالتميز، من أجل الاستثمار في بلادنا».

وأشار الملك إلى أنه «إذا كانت التحفيزات المغرية تدفع بعض الطلبة للبقاء بالخارج، بعد استكمال دراستهم، فإن من شأن المبادرة التي نقدم عليها، أن توفر الظروف الملائمة للكفاءات المغربية، قصد العودة للعمل والعطاء بأرض الوطن»، وشدد على أن من شأن هذه المبادرة «تشجيع المنافسة الإيجابية والسليمة، بما يساهم في الرفع من جودة الخدمات»، مؤكدا أن «المغرب يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم توحيد المغاربة، بدل تفريقهم»، مشددا على الحاجة أيضا «إلى رجال دولة صادقين، يتحملون المسؤولية، بكل التزام ونكران ذات».

وفي السياق ذاته، حذر الملك من أن «الرهانات والتحديات التي تواجه بلادنا، متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية والحسابات الضيقة»، مؤكدا أن «المغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء».

 

النموذج التنموي.. أولوية ملكية

 

مازال النموذج التنموي يحظى بأولوية واهتمام ملكيين، فقد قرر الملك محمد السادس تكليف لجنة خاصة تضطلع بمهمة تجميع وترتيب وهيكلة المساهمات المتعلقة بالنموذج التنموي الجديد وبلورة الخلاصات، داعيا جلالته إلى تقديم هذه الخلاصات في غضون الثلاثة أشهر المقبلة. وقال الملك، في خطابه بالبرلمان، إنه يتعين على هذه اللجنة أن «ترفع إلى نظرنا السامي، مشروع النموذج التنموي الجديد، مع تحديد الأهداف المرسومة له، وروافد التغيير المقترحة، وكذا سبل تنزيله»، وذلك بعدما كان الملك قد دعا، السنة الماضية، إلى إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي وبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، بما يجعله قادرا على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين، والحد من الفوارق بين الفئات، ومن التفاوتات المجالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، موجها الشكر إلى بعض المؤسسات والهيآت المعنية وعدد من الفعاليات والكفاءات الوطنية
التي «بادرت بإعداد بعض المساهمات والدراسات».

وذكر الملك بأنه سعى، من خلال المبادرات والإصلاحات التي أطلقها، هذه السنة، لوضع اللبنات، ورسم بعض التوجهات، واعتماد نفس جديد، لا سيما بالتركيز على القضايا المستعجلة التي لا تقبل الانتظار، والتي تعد موضوع إجماع وطني، كالتربية والتكوين، والتشغيل وقضايا الشباب، ومسألة الدعم والحماية الاجتماعية، مضيفا أن المغرب يواجه رهانات وتحديات «متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية والحسابات الضيقة».


بلد فرص لا بلد انتهازيين

أبرز الملك محمد السادس في خطابه بالبرلمان أن المغرب «يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء»، مشيرا إلى أن المغرب «يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين». وشدد الملك على حاجة المغرب أيضا «إلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات»، داعيا البرلمانيين إلى أن يكونوا «في مستوى هذه المرحلة، وما تتطلبه من خصال الوطنية الصادقة، ومن تعبئة جماعية، وحرص على جعل مصالح الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار».

إلى ذلك، دعا الملك إلى تعزيز المكاسب المحققة في الميدان الفلاحي، وخلق المزيد من فرص الشغل والدخل، وخاصة لفائدة الشباب القروي، بهدف تشجيع انبثاق وتقوية طبقة وسطى فلاحية، كفيلة بتحقيق توازن وأن تكون رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن القطاع الفلاحي يمكن أن يشكل خزانا أكثر دينامية للتشغيل، ولتحسين ظروف العيش والاستقرار بالعالم القروي.
وبعد أن أشار إلى ما تعرفه الأراضي الفلاحية من تقسيم متزايد مع ما ينتج عن ذلك من ضعف في الإنتاجية، دعا الملك الحكومة إلى بلورة آليات مبتكرة لمواصلة تحفيز الفلاحين على المزيد من الانخراط في تجمعات وتعاونيات فلاحية منتجة ومتابعة تكوين في المجال الفلاحي. كما دعا إلى تعزيز وتسهيل الولوج للعقار، وجعله أكثر انفتاحا على المستثمرين، سواء الأشخاص أو المقاولات، بما يرفع من الإنتاج والمردودية، ويحفز على التشغيل مع الحفاظ على الطابع الفلاحي للأراضي المعنية، وأضاف أنه يتعين التفكير في أفضل السبل لإنصاف الفلاحين الصغار، خاصة في ما يتعلق بتسويق منتوجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء.

وشدد الملك على أنه، وعلى غرار ما يتم بخصوص تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، فإنه أصبح من الضروري إيجاد الآليات القانونية والإدارية الملائمة لتوسيع عملية التمليك لتشمل بعض الأراضي الفلاحية البورية لفائدة ذوي الحقوق. وأوضح جلالة الملك، في هذا الصدد، أنه يجب القيام بهذه العملية وفق شروط محددة تجمع بين الإنجاز الفعلي للمشاريع، والحد من التجزئة المفرطة للاستغلالات الفلاحية، وتوفير المواكبة التقنية والمالية المطلوبة.

 

التكوين المهني رافعة التشغيل

 

وأكد الملك محمد السادس أن التكوين المهني يعد رافعة قوية للنهوض بتشغيل الشباب، مشيرا إلى أنه يضع النهوض بتشغيل الشباب في قلب اهتماماته، مبرزا، في الخطاب الذي ألقاه أمام أعضاء مجلسي البرلمان، أن هناك العديد من المجالات التي يمكن أن تساهم في خلق المزيد من فرص الشغل، مؤكدا أن التكوين المهني يعد «رافعة قوية للتشغيل إذا ما حظي بالعناية التي يستحقها وإعطاء مضمون ومكانة جديدين لهذا القطاع الواعد». ولهذه الغاية، يضيف الملك، يتوجب العمل على مد المزيد من الممرات والجسور بين التكوين المهني والتعليم العام، «في إطار منظومة موحدة ومتكاملة، مع خلق نوع من التوازن بين التكوين النظري والتداريب التطبيقية داخل المقاولات».

ومن جهة أخرى، أبرز الملك أن «التوجيهات الهامة التي قدمناها بخصوص قضايا التشغيل، والتعليم والتكوين المهني، والخدمة العسكرية، تهدف للنهوض بأوضاع المواطنين، وخاصة الشباب، وتمكينهم من المساهمة في خدمة وطنهم»، موضحا أن «الخدمة العسكرية تقوي روح الانتماء للوطن»، مضيفا أن الخدمة العسكرية تمكن «من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام»، مؤكدا أن «جميع المغاربة المعنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، وذلك بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية».

 

كواليس افتتاح البرلمان

 

الرميد في مقدمة الممنوعين

منع مصطفى الرميد، الوزير المكلف بحقوق الإنسان، من ولوج قبة البرلمان لحضور خطاب المٓلك بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، بسبب البروتوكول الملكي الصارم، بعدما تخلف عن الحضور في الوقت المحدد لدخول قبة البرلمان قبيل دخول الملك، كما كان ضمن قائمة الممنوعين أيضا عدة برلمانيين تجاوز عددهم 9، بينهم برلمانيون مبحوث عنهم بمذكرات بحث وطنية، بالإضافة إلى القيادي في الحزب الحاكم، زميل الرميد، عبد العالي حامي الدين. وتابع الرميد الذي حل متأخرا بمقر البرلمان الخطاب الملكي من إحدى القاعات بأروقة البرلمان.

 

حلوى الافتتاح في الواجهة من جديد

 

عادت حلوى افتتاح البرلمان إلى واجهة المشهد من جديد، فقد تداول مجوعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا لتهافت مجموعة من البرلمانيين على حلوى البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة من طرف الملك محمد السادس. وأثارت صور البرلمانيين محملين بأكياس الحلوى لحظة خروجهم من البرلمان، سخرية شباب الفايسبوك من «لهطة» البرلمانيين على جمع «حلويات سيدنا» وحملها في أكياس إلى سيارتهم، مباشرة بعد نهاية الخطاب الملكي الذي حمل في طياته رسائل مبطنة للسياسيين وحثهم على روح المسؤولية ونكران الذات خدمة للشعب المغربي.

 

فرح حزبي بالدعم الملكي

عبرت عدد من الوجوه السياسية، في تصريحات صحافية متفرقة عن فرحها بالدعوة الملكية إلى رفع الدعم العمومي الموجه للأحزاب، وذلك بعدما قال الملك محمد السادس، في خطاب البرلمان، «وإننا حريصون على مواكبة الهيآت السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية»، وأضاف: «لذا، ندعو للرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار». وواصل الملك محمد السادس خطابه قائلا: «إن تراجع الأحزاب السياسية وممثليها، عن القيام بدورها، عن قصد وسبق إصرار أحيانا، وبسبب انعدام المصداقية والغيرة الوطنية أحيانا أخرى قد زاد من تأزيم الأوضاع».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى