الملك حارس القيم
حمل الخطاب الملكي لافتتاح البرلمان مضامين مهمة تؤكد أن القيم الدينية والوطنية هي المحرك الرئيسي للتنمية الوطنية والجدار الحصين في مواجهة الكوارث والأزمات. فلا سياسات عمومية ولا قرارات دولة بدون التشبث بمنظومة القيم التي بني عليها ماضي وحاضر هاته الدولة وإلا تتحول إلى فعل انتهازي.
وحينما يركز الملك في خطاباته الأخيرة على التشبث بمنظومة القيم كما سبق مع خطاب الجدية، فليس لأنها ترف فكري أو ندرة في انتقاء مواضيع الخطب الملكية، بل لأن مكمن الداء في سياساتنا ونزيف الأموال والزمن التي نهدرها لا يرتبط بغياب الموارد البشرية والمالية بل لأن الكثير من القيم الدينية والوطنية أصابها الارتخاء واللامبالاة.
لذلك تأتي الخطابات الملكية في لحظات مختارة بعناية، سواء بسبب تداعياتها المؤلمة مثل زلزال الحوز أو رهاناتها المجتمعية كما هو الشأن مع مدونة الأسرة والسجل الاجتماعي والدعم العمومي للأسر، لتذكرنا بمنظومة القيم الدينية والوطنية، والتي تعني احترام المصالح العليا للوطن واحترام المصادر المتعددة لشرعية هذه الأمة، وجعل خدمة الشعب بكل تفان هي الأعلى دائما، والمواطن هو الغاية والهدف.
فالدولة المغربية وفق المنطق الملكي لا تحتاج للجان وهيئات ومؤسسات لحماية القيم، وإنما تحتاج لمسؤولين ونخب يجسدون القيم الأصيلة للأمة المغربية، المنفتحة على القيم الكونية، وفي مقدمتها القيم الدينية والروحية المنسجمة مع إمارة المؤمنين القائمة على المذهب المالكي المعتدل المتسامح الذي يجعل من المغرب نموذجا للعيش المشترك بين الديانات والثقافات، والقيم الوطنية التي أسست للدولة المغربية وفي مقدمتها الملكية الدستورية، والإجماع على الوحدة الترابية المغربية، وقيم التعايش والتضامن بين الأجيال والتماسك الاجتماعي.
إنها قيم بمثابة الروح التي ينبغي أن تنتشر في عروق المسؤولين الذين عليهم أن يستحضروا في قراراتهم العمومية حاضر هذا البلد دون أن ينسوا أو يتجاهلوا تاريخه الأصيل، فالدولة- الأمة المغربية لم تؤسس بمرسوم استعماري، ولم تحدث بنظام أساسي أو ثورة عابرة بل هي دولة عريقة يتجاوز تاريخها تاريخ مستعمريها وستبقى كذلك مادامت هناك ملكية ضامنة وحامية وحارسة ومتدخلة من أجل الرد الصارم على أي شكل من أشكال التطاول والاعتداء على القيم الدينية والوطنية لهذه الدولة الضاربة في التاريخ.