شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

المقالع… «ريع» خارج المراقبة

79 في المئة من الرمال غير مصرح بها وخزينة الدولة تتكبد الملايير سنويا

رغم إخراج قانون جديد يتعلق بالمقالع، مازال هذا القطاع يعرف فوضى عارمة، في ظل استمرار ظاهرة «الريع» في الحصول على رخص الاستغلال، وهو ما أكده تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي كشف أن نصف الرمال المستعملة في المغرب مسروقة، مسجلا نهب 10 ملايين متر مكعب سنويا من رمال السواحل البحرية، فضلا عن تسجيل تلاعبات بخصوص التصريح بكميات الرمال المستخرجة، بالنسبة للمقالع المرخصة، للتهرب من أداء الرسوم المفروضة على المواد المستخرجة من المقالع، ما يؤدي إلى تراجع المداخيل الضريبية لفائدة خزينة الدولة. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أنه، رغم الإجراءات والتدابير المنصوص عليها في قوانين المالية الصادرة منذ سنة 2013، بفرض رسم على الرمال المستخرجة من المقالع بمختلف أنواعها، والمحدد في مبلغ 25 درهما عن كل متر مكعب مستخرج من رمال الكثبان أو رمال الجرف أو رمال الوديان، و10 دراهم عن كل متر مكعب مستخرج من مقالع تفتيت الحجر، فإن مداخيل هذه الرسوم في تراجع مستمر وتصل إلى صفر درهم ببعض الأقاليم، رغم أنها توفر الملايير لأصحاب هذه المقالع، وذلك بسبب التلاعب في التصريح بالكميات المستخرجة وغياب المراقبة من طرف المصالح الإقليمية لوزارة التجهيز.

 

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

 

أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي تقريرا صادما حول فوضى استغلال المقالع. وأشار المجلس إلى أن القانون رقم 13. 27 المتعلق بالمقالع، المعتمد سنة 2015، ونصوصه التطبيقية، تعامل مع قطاع المقالع كمجال للاستثمار وفق مجموعة من الضوابط تتناسب وهذه الغاية، مدرجا مجموعة من المستجدات في ما يتعلق بترخيص ومراقبة استغلال المقالع.

 

إطار تشريعي جديد

من بين الأهداف التي سطرها القانون تعزيز الشفافية والإنصاف بهدف تقنين مسطرة منح وصل التصريح، ومكافحة كافة أشكال التمييز بين المصرحين التي قد تستند إلى أسس غير قانونية (تعيين المدير الإقليمي للتجهيز كجهة الاتصال الوحيدة في ما يتعلق بطلب فتح المقالع؛ وتحديد آجال لمعالجة الطلبات مع السعي لتقليصها، وغير ذلك).

ويهدف القانون، كذلك، إلى المحافظة على الموارد وتقليل الآثار البيئية، سيما من خلال ضرورة إجراء البحث العمومي بكل شفافية، (بمعنى تحديد الآثار السلبية المحتملة للمشروع واستقبال شكاوى الأغيار المعنية)، وفرض إلزامية الامتثال لمتطلبات المعايير البيئية القائمة على دراسة التأثير على البيئة (وفقا للقانون رقم 12.03)، التي تحدد بدورها الآثار السلبية المحتملة للمشاريع والإجراءات اللازمة لتفاديها أو التخفيف منها.

وفي هذا السياق، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بضرورة تحيين هذه الدراسة بعد مضي كل خمس سنوات بالنسبة للمقالع الموجودة في البيئة المائية (كالجرف)، وكل عشر سنوات بالنسبة للمقالع الأخرى.

وينص القانون رقم 27.13، في مادته الرابعة، على اعتماد المخططات الجهوية لتدبير المقالع، وذلك بما يتوافق مع التشريعات المعمول بها، سيما في الجوانب المتعلقة بالصحة والسلامة العامة، والتعمير، والبيئة، وحماية الطبيعة، والمآثر والتراث الثقافي والإنساني، والمحافظة على الأصناف السمكية البحرية ومكامنها، والحفاظ على الموارد الغابوية، وموارد القنص والموارد السمكية واستغلالها، إلى جانب المناطق المحمية والأصناف النباتية والحيوانية، والاستثمار الفلاحي والاستغلال الغابوي.

ويُشجع الإطار التشريعي والتنظيمي الجديد على الاستثمار في قطاع المقالع في إطار الاحترافية والتنافسية وجودة الخدمات، ناهيك عن أن مكافحة النشاط غير المنظم، الذي يرخي بظلاله على هذا القطاع أضحت أولوية قصوى بتحديده من ضمن الأهداف الرئيسية للنهوض بهذا القطاع. وفي هذا الصدد، أفاد القطاع الحكومي الوصي بأن ثمة اتجاها متناميا نحو مواءمة أنشطة الاستغلال القائمة مع الإطار التنظيمي المعمول به، وهذا ما يظهر جليا في آخر جرد للمقالع على الصعيد الوطني، حيث سجل ارتفاع ملحوظ في عدد المقالع المصرحة من 1885 سنة 2012 إلى 2930 بحلول سنة 2020.

 

تعزيز المراقبة

ينص القانون رقم 27.13 على مجموعة من الآليات ذات الطابع الإداري والقضائي لتعزيز المراقبة الفعالة لاستغلال المقالع، سيما مسك سجل وطني لجرد المقالع لضمان تتبع ومراقبة استغلالها بشكل مستمر؛ وإنشاء لجنة وطنية لتتبع استغلال المقالع؛ وإحداث لجان عمالاتية أو إقليمية لمراقبة استغلال المقالع؛ وإحداث جهاز شرطة المقالع؛ وإعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع، التي تُعد الإطار المرجعي لمختلف أنواع المراقبة على الصعيد الاقليمي؛ وتتبع الأثر البيئي للمقلع كجزء من المراقبة الذاتية التي يقوم بها المستغل (من خلال الاستعانة بمكتب دراسات معتمد، وإعداد تقرير سنوي عن النشاط وفق نموذج معد مسبقا).

وطبقا لأحكام المادة 9 من القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع، يخضع فتح واستغلال المقالع لتصريح مسبق بالاستغلال لدى الإدارة التي تسلم وصل التصريح بشأنه، وتخضع عملية استخراج مواد البناء من مجاري المياه للمسطرة نفسها المتبعة في تراخيص استغلال المقالع، شرط الحصول على ترخيص من وكالة الأحواض المائية، غير أن منح هذا الترخيص يأتي بشكل استثنائي. ويحدد القانون رقم 36.15 المتعلق بالمياه أن مدة الاستخراج يجب ألا تتجاوز اثني عشر شهرا، نظرا لقدرة هذه الأنشطة على إحداث تأثيرات سلبية، قد تكون دائمة أحيانا، على البيئة، خصوصا عندما يتم الترخيص لها لمدد طويلة. وعلى غرار الطلب الأولي، فإن تجديد مثل هذه التراخيص يخضع لموافقة مسبقة من وكالة الأحواض المائية، تتحدد بمجموعة من الشروط التي يجب توفرها، بما في ذلك تقديم تقرير يبين الأثر البيئي للنشاط وتوفر المواد المراد استخراجها.

وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أنه، في إطار السعي نحو تحسين نجاعة وشفافية مساطر الترخيص، نص القانون رقم 27.13 على تقليص الآجال المحددة لدراسة ملفات فتح المقالع إلى 30 يوما بالنسبة للمقالع المخصصة للأشغال العمومية وللمقالع المستعملة لأغراض التنقيب أو أخذ العينات، وإلى 60 يوما بالنسبة للمقالع ذات الحجم الكبير التي تستغل لأغراض تجارية، أما بالنسبة للمقالع ذات الحجم الصغير الواقعة في الملك الخاص وغير المشمولة بأحكام القانون رقم 27.13، فحددت الآجال في ثمانية أيام، واستنادا إلى الاعتبار نفسه، حدد القانون مدد استغال أطول تتناسب مع طبيعة المشاريع حيث تتراوح هذه المدد بين 10 سنوات بالنسبة للمقالع البحرية، و30 سنة بالنسبة للصناعات التحويلية من قبيل مصانع الإسمنت التي تتجاوز قيمتها الاستثمارية 40 مليون درهم.

ومع ذلك، يضيف تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تظل هذه المدد مشروطة بمدة العقد المبرم بين المستغل ومالك القطعة الأرضية أو من يشرف على تدبيرها، وقبل اعتماد القانون رقم 27.13، لم تكن المدد المقررة في النصوص التشريعية والتنظيمية التي تحكم المقالع تتعدى الخمس سنوات، الأمر الذي كان يشكل عقبة أمام الاستثمارات الكبرى.

تجدر الإشارة إلى أن المادة 11 من القانون رقم 27.13 ألزمت جميع أنواع المقالع بمسطرة إعداد دراسة التأثير على البيئة، تطبيقا لأحكام القانون رقم 12.03 ذي الصلة، إلى جانب إخضاعها لمسطرة البحث العمومي تحت إشراف الإدارة. وفي ما يخص عملية استغلال المقالع، سواء المكشوفة أو الباطنية، يُشترط، وفقا للقانون رقم 27.13 في مادته الثانية عشرة، عدم الشروع في الاستغلال قبل الانتهاء من أعمال التهيئة المنصوص عليها في دفتر التحملات وإيداع تصريح بالشروع في الاستغلال لدى الإدارة المختصة، كما هو محدد في المادة 12 من قانون المقالع، كما يجب إيداع، وذلك قبل بدء أي أنشطة في المقلع. وفي ما يتعلق بسحب التراخيص، فإن هذه العملية تتم إما بقوة القانون أو بقرار من الإدارة ممثلة في المصالح اللاممركزة لقطاع التجهيز، وذلك حسب الحالات.

 

استمرار «الريع»

أكد رأي صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، سلمه رئيس المجلس، أحمد رضا الشامي، إلى وزير التجهيز، نزار بركة، استمرار ظاهرة «الريع» في استغلال المقالع، رغم صدور قانون منظم للقطاع، وأفاد المجلس بأن نصف الرمال المستخدمة في المغرب تأتي من استخراج الرمال الساحلية بشكل غير قانوني، بناء على تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وسجل الرأي الذي يحمل عنوان «آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية (الموارد المائية والمقالع)»، وجود نقص واضح في الإمكانيات البشرية والمادية المخصصة للرصد والمراقبة الدورية للمقالع، ومشيرا إلى هيمنة القطاع غير المنظم الذي يتجلى سواء من خلال المقالع غير المصرح بها أو المقالع المرخص لها التي تُقدم على ممارسات من قبيل الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل، إلى جانب مخاطر الاستغلال المفرط لبعض أنواع المقالع، وأشار التقرير إلى أنه يتم حاليا، تداول نسبة تتراوح ما بين 50 و60 في المائة من المواد المستخرجة (الركام مثل الحصى والرمال) ضمن القطاع غير المهيكل، وأكد المجلس هذا الوضع يخلق منافسة غير مشروعة تضر بالقطاع، وتفوت مداخيل إضافية على خزينة الدولة والجماعات الترابية. وتطرق التقرير إلى تفاقم البطء الملحوظ في مسطرة فتح المقالع المؤقتة المخصصة للأشغال العمومية بفعل تعدد المتدخلين، وشدد  على أن هذا الوضع من شأنه أن يؤثر سلبا على المستثمرين ويخل بتنفيذ المشاريع، ناهيك عن إضعاف فعالية المقاولات في قطاع البناء والأشغال العمومية، وسجل رأي المجلس وجود ضعف في إعادة تأهيل المقالع من قبل معظم المستغلين، إذ غالبا ما يكتفون بترك المواقع عند الانتهاء من استغلالها دون القيام بأشغال إعادة التهيئة اللازمة، أو القيام بها بشكل لا يتوافق مع المعايير المحددة، وينجم عن هذا التقصير تشويه المناظر الطبيعية، وتحول هذه المواقع إلى بؤر خطيرة أو مصادر للتلوث، خاصة عند استغلالها كمطارح نفايات عشوائية، مما يؤثر سلبا على النظم البيئية والمياه الجوفية.

وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أنه يترتب على الاستغلال غير المقيد والمفرط لبعض أنواع المقالع، والتي تعد عموما موارد غير متجددة، تأثيرات طويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد لا ينبغي تجاهلها، مبرزا أن هذا الاستغلال يهدد بشكل كبير استدامة هذه الموارد، وكذلك حق الأجيال المستقبلية في الاستفادة من مستويات مماثلة للموارد التي تنعم بها الأجيال الحالية.

 

نصف كمية الرمال مسروقة

اعتمد رأي المجلس الاقتصادي على تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة الصادر في سنة 2019، الذي كشف أن نصف الرمال المستخدمة في المغرب، أي ما يناهز 10 ملايين متر مكعب سنويا، تأتي من الرمال الساحلية بشكل غير قانوني، والذي تسبب، حسب التقرير نفسه، إلى تحويل شريط شاطئ شاسع يقع بين آسفي والصويرة إلى مجرد منطقة صخرية عارية، ويتم غالبا استخراج الرمال من الشواطئ لبناء الفنادق والطرق وغيرها من البنى التحتية المتعلقة بالسياحة، وحذر التقرير من خطورة استمرار أعمال البناء في بعض الأماكن، ما قد يؤدي إلى وضع غير مستدام وإلى فقدان الميزة الطبيعية الرئيسية للمنطقة أمام الزوار، وهي الشواطئ.

وأوضح رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن الاستغلال الجائر لبعض أنواع المقالع يؤدي إلى إحداث تأثيرات ملموسة على المدى القصير والمتوسط والطويل، مستحضرا من بين هذه التأثيرات، على سبيل المثال، تدمير وتدهور النظم البيئية والموائل، وإحداث تغييرات في المناظر الطبيعية، والإضرار بالبنية التحتية الطرقية، وغير ذلك، وقد تؤثر أنشطة بعض المقالع أيضا سلبا على المجالات الترابية والصحة العامة، من خلال انتشار التلوث، والضوضاء، وانخفاض قيمة العقار، والتأثير على خصوبة الأراضي المجاورة للمقالع، إلى جانب الآثار غير المباشرة على الأمن الغذائي والمائي، وانخفاض جاذبية المجالات الترابية، وغيرها، ويمكن أن تلقي هذه التأثيرات أيضا، حسب التقرير، بظلالها على سبل عيش الساكنة المحلية القاطنة بالقرب من المقالع (مثل التخلي عن بعض الأنشطة المدرة للدخل كالفلاحة أو السياحة)، مما يزيد من هشاشتها السوسيو-اقتصادية ويساهم في هجرتها إلى مناطق أخرى.

وسجل التقرير وجود بطء نسبي في دينامية إعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع المنصوص عليها في القانون 27.13 المتعلق بالمقالع، إذ لم تصدر بعد هذه المخططات في الجريدة الرسمية بموجب مرسوم كما هو منصوص عليه في القانون، الأمر الذي يترتب عنه تأخير تفعيل هذا القانون وضعف فعالية آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال، وأكد المجلس أن هذه المخططات، التي تعكس الاستراتيجية التي تعتمدها كل جهة في مجال المقالع، تضطلع بدور مهم، إذ تمكن السلطات العمومية من مزاولة صلاحياتها في ما يتعلق بترخيص ومراقبة استغلال المقالع.

وبخصوص النظام المعلوماتي المعتمد حاليا في قطاع المقالع، أكد المجلس أن هذا النظام يظل بسيطا ولا يتيح توفير قاعدة بيانات تعزز من حكامة هذا القطاع، لاسيما في ما يتعلق بتيسير الولوج السريع والسهل للمعلومات، وتحيين المعطيات المتاحة بناء على التطور الذي يشهده القطاع، والتوزيع الجهوي للمعطيات المتوفرة، وغير ذلك.

وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتعزيز الإطار الحالي، مع ضمان الامتثال الكامل للاطار القانوني الذي ينظم آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال، وذلك بهدف تعزيز قدرة البلاد على ضمان استدامة مواردها الطبيعية وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية.

مقالع توفر الملايير لأصحاب «الريع» وصفر درهم لخزينة الدولة

 

رغم الإجراءات والتدابير المنصوص عليها في قوانين المالية الصادرة منذ سنة 2013، بفرض رسم على الرمال المستخرجة من المقالع بمختلف أنواعها، كشفت أرقام رسمية حصلت عليها «الأخبار» أن مداخيل هذه الرسوم في تراجع مستمر وتصل إلى صفر درهم ببعض الأقاليم، رغم أنها توفر الملايير لأصحاب هذه المقالع، وذلك بسبب التلاعب في التصريح بالكميات المستخرجة وغياب المراقبة من طرف المصالح الإقليمية لوزارة التجهيز.

وأفادت المصادر بأنه منذ شهر مارس 2013 تاريخ الشروع في العمل بالرسم الجديد على مادة الرمل، والمحدد في مبلغ 25 درهما عن كل متر مكعب مستخرج من رمال الكثبان أو رمال الجرف أو رمال الوديان، و 10 دراهم عن كل متر مكعب مستخرج من مقالع تفتيت الحجر، تبين بأن عملية استخلاصه ستشوبها معيقات قد تقوض فرص تطبيقه وتجعل منه رسما جائرا يفرض على أقلية قليلة من أرباب مقالع الرمال بينما يتمكن أغلب المستغلين من التهرب من أداء هذا الرسم، حيث تبين أن هذا الرسم لا يطبق سوى على المقالع التي تنتج مادة فريدة أي الرمل، أما المقالع التي تنتج مواد أخرى زيادة عن الرمل (الحجر، الحصى، مواد التتريب…)، فإنها تسوق رمالها بوصل شحن لإحدى تلك المواد للتهرب من أداء الرسم. كما أن مستغلي المقالع العشوائية ومروجي الرمال المغشوشة لا يخضعون هم أيضا لهذا الرسم.

وحصلت «الأخبار» على أرقام وإحصائيات رسمية صادرة من وزارة التجهيز تتعلق بالموارد المالية المستخلصة من الرسم المفروض على الرمال، يتضح من خلالها أن المقالع التي تنتج الرمل كمادة وحيدة هي التي تتصدر قائمة الأداءات (القنيطرة والعرائش مثلا) بينما أقاليم أخرى التي توجد بها عشرات المقالع التي تستخرج مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من الرمال سنويا لا تؤدي ولو درهم واحد من الرسم. ويتعلق الأمر أساسا بالأقاليم التي توجد بها مقالع نهرية كإقليم سيدي قاسم (نهر ورغة) وإقليم الخميسات (نهري بهت وتيفلت) وإقليم أكادير (نهر سوس) وإقليم كرسيف (نهر ملوية).

وما يؤكد هذا التناقض في المداخيل المستخلصة من المقالع، هو أن إقليم القنيطرة الذي توجد به 3 في المائة من مجموع مقالع الرمال المرخصة على الصعيد الوطني (أي 19 مقلعا من بين 594 مقلع) يؤدي لوحده مبالغ تتراوح ما بين مليار وملياري سنتيم سنويا، أي ما يمثل 30 في المائة من مجموع الموارد المالية المستخلصة من الرسم على الرمال، متبوعا بالمقالع إقليم العرائش التي تستخلص منها خزينة الدولة مبالغ تتراوح ما بين 500 مليون ومليار سنتيم سنويا، أي ما يمثل حوالي 16 في المائة من مجموع الموارد المستخلصة، في حين تبلغ مداخيل أزيد من 520 مقلع على الصعيد الوطني نسبة 50 في المائة من المداخيل، لأن بعض هذه للمقالع لا تصرح بالكميات المستخرجة ولا تؤدي أي سنتيم لخزينة الدولة.

وأكدت المصادر أنه رغم أكثر من 10 سنوات على تاريخ الشروع في استخلاص الرسم على الرمال لم تتمكن الإدارة من تنزيل آليات المراقبة الضرورية لفرض أداء هذا الرسم على كافة المستغلين وهذا يعتبر خرقا سافرا لمبدأ العدالة الضريبية وسببا كافيا لإعادة النظر في هذا الرسم إما بإلغائه أو تخفيض قيمته مع تعميمه على جميع المقالع كيفما كانت طبيعة المواد المستخرجة منها.

وكشفت المصادر أنه منذ سنوات تحولت العديد من مستودعات مواد البناء إلى مقالع عشوائية داخل المدن، حيث أصبح نشاطها الرئيسي هو تسويق رمال مغشوشة عن طريق خلط الرمال بالأتربة وتسويقها على أنها رمال، ويستغل أصحاب هذه المستودعات غياب أية مراقبة حول مصدر هذه المواد وجودتها لإغراق السوق بمواد ذات مصادر مجهولة لا تتوفر فيها معايير الجودة المطلوبة، كما أن العديد من هذه المستودعات المتواجدة بالأقاليم الساحلية تستقبل يوميا كميات كبيرة من الرمال المسروقة من الشواطئ في خرق سافر للقانون، نفس الشيء بالنسبة للعديد من وحدات إنتاج الخرسانة المسلحة التي تعمد إلى استعمال رمال ضعيفة الجودة لتخفيض كلفة الإنتاج، وهو ما يفرض إجراء مراقبة لمستودعات مواد البناء، وإغلاق المستودعات العشوائية ومنع الترخيص لهذه المستودعات خارج المناطق الصناعية ومنع كذلك خلط الرمال داخل هذه المسودعات مع ضرورة توفر أصحابها على وثائق تثبت مصدر هذه المواد.

وحسب المصادر، فإن السوق الوطنية للرمل تعرف فوضى عارمة تتجلى في استحواذ مواد تفتقد لمعايير الجودة المطلوبة على نسبة كبيرة من هذا السوق قد تفوق 70 في المائة من الكميات المسوقة سنويا.هذه المواد هي عبارة عن أتربة تشبه الرمل يتم استخراجها من مقالع مرخصة أصلا لاستخراج مواد التتريب (التوفنة) أو من مقالع عشوائية توجد وسط تجزئات سكنية أو فوق أراضي فلاحية، وما يزيد من تفاقم هذه الظاهرة هو لجوء عدد كبير من أرباب مستودعات مواد البناء إلى تسويق هذه الأتربة على أساس أنها رمال. كما يعمد أرباب هذه المسودعات إلى خلط الرمال الجيدة بالتراب لتوسيع هامش الربح. وأكدت المصادر، أن هذه الممارسات الخطيرة تشكل خطرا داهما على سلامة المنشآت وحياة المواطن نظرا لتأثير هذه الرمال المغشوشة على جودة وتماسك الخرسانة المستعملة في قطاع البناء، كما أن هذه الرمال المغشوشة لا تخضع للرسم المطبق على الرمال.

79 بالمئة من الرمال غير مصرح بها وخزينة الدولة تتكبد 16 مليارا سنويا

 

 

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات عن استمرار تفشي ظاهرة «الريع» في استغلال المقالع، ما يفوت على خزينة الدولة مداخيل مالية مهمة قدرها التقرير بنحو 166  مليون درهم سنويا.

وأفاد التقرير بأن  قطاع استغلال المقالع يعتبر من بين القطاعات المهمة في الاقتصاد الوطني، إذ يتيح إمداد قطاعي البناء والأشغال العمومية بمواد البناء، ويشغل هذان القطاعان حوالي 10 بالمئة من السكان النشيطين ويحققان قيمة مضافة تناهز 72 مليار درهم، أي ما يقارب 6 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي. وبلغ الإنتاج الوطني من مواد المقالع سنة 2020 حوالي 258 مليون طن.

ويتوفر المغرب، حسب التقرير، على 2.920 مقلعا تغطي مساحة تقدر بـ 35.611 هكتاراً وتدر مداخيل قدرت بـ 3.6 مليارات درهم خلال الفترة 2016-2021. ويتم استغلال 1.682 مقلعا حسب معطيات آخر سجل وطني لجرد المقالع لسنة 2020. ويقدر الإنتاج السنوي بحوالي 129 مليون متر مكعب، ويتكون الإنتاج بشكل أساسي من الحصى (35 بالمئة) والرمل (18 بالمئة) والتفنة (17 بالمئة) والطين (10 بالمئة) والرخام (1 بالمئة).

وسجل التقرير أنه، بالرغم  من الأشواط التي قطعها هذا القطاع بعد صدور القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع، لا يزال استغلالها يعرف مجموعة من الإشكاليات المتعلقة أساساً بتعدد المتدخلين وتراكم الاختلالات على مر السنين. ويُعد وضع نظام محكم لتتبع الكميات المستخرجة أحد الرهانات الرئيسية في تدبير استغلال المقالع، وذلك قصد ضبط المداخيل الضريبية واحترام الشروط البيئية للاستغلال.

ولاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن نسبة مستغلي المقالع، الذين صرحوا بالكميات السنوية المستخرجة للمديريات الإقليمية للتجهيز والماء، خلال الفترة 2018-2021 الموالية لدخول القانون رقم 27.13 المنظم لاستغلال المقالع، لا تتجاوز 43 بالمئة، وينطبق ذلك، أيضا، على تصريحات مستغلي المقالع لدى الجماعات، والتي تظل غير منتظمة وتفتقر إلى الإثبات، حيث تبين أن 23 بالمئة من الجماعات، موضوع العينة، لا تتلقى تصريحات جميع مستغلي المقالع بترابها، وأن 54 بالمئة من التصريحات الواردة ليست مصحوبة بمسوحات طبوغرافية، ناهيك عن أن 85 بالمئة من هاته الجماعات لا تتوفر على وسائل وأدوات التحقق من صدقية تصريحات مستغلي المقالع. أما بالنسبة لتجهيز المقالع بميزان قبان، فإن 48 بالمئة من هذه الجماعات تؤكد عدم توفر المقالع الموجودة على مستوى نفوذها الترابي على هذه التجهيزات.

بالإضافة إلى ذلك، لا يتم اللجوء باستمرار إلى مقارنة الكميات المصرح بها للجماعات وتلك المصرح بها للمديريات الإقليمية للتجهيز والماء، وذلك في غياب آليات رسمية لتبادل المعلومات حول الكميات المستخرجة بينهما، ولوحظ، كذلك، عدم استخدام التقنيات الحديثة للمسح الطبوغرافي للتحقق من الكميات المستخرجة.

من جهة أخرى، وقف قضاة المجلس على عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة، حيث تبين، من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة (الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت)، أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها خلال أربع سنوات، بين سنتي 2018 و2021، يقدر بنحو 9,5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمئة من كميات الرمال المستهلكة، ما يفوت على خزينة الدولة سنويا ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم.

وأشار التقرير إلى أن الكميات غير المصرح بها تتضمن نسبة من الرمال التي تبقى خارج نطاق تطبيق الرسم الخاص المفروض على الرمال، والذي لا يطبق إلا على رمال الكثبان الساحلية ورمال الجرف ورمال الوديان ورمال التفتيت.

ورصد قضاة المجلس الأعلى للحسابات استمرار استغلال المقالع غير القانونية، وأوضح التقرير أن إشكالية المقالع غير القانونية تؤدي إلى منافسة غير عادلة وتؤثر سلباً على تنافسية المقالع المرخصة. وأكد التقرير أن محاربة هذه الظاهرة تعتبر من بين أهداف القانون المنظم للمقالع، وكشف أن عدد المقالع غير القانونية، حسب المعطيات المدلى بها من طرف المديريات الجهوية لوزارة التجهيز و29 جماعة موضوع العينة المختارة، يقدر بـ 194 مقلعا، توجد 61 بالمئة منها بكل من جهة الدار البيضاء سطات، وجهة الرباط سلا القنيطرة، وجهة بني ملال خنيفرة، على التوالي بنسب 26 و21  و14 بالمئة.

وأبرز التقرير أن هناك عدة عوامل تساهم في استمرارية هذا النوع من المقالع، منها عدم فعالية إجراءات المراقبة، والاستخراج غير المرخص لمواد المقالع لتنفيذ المشاريع، إلى جانب الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية للساكنة المحيطة، في بعض الحالات.

ومن جهة أخرى، لوحظ أن مستودعات تخزين مواد البناء، غير القانونية أو المرخص لها من طرف الجماعات، تُيسر عملية تسويق مواد البناء المستخرجة بطرق غير مشروعة، سيما الرمال، في غياب الضبط الكافي.

ورصد التقرير، أيضا، استمرار إشكالية المقالع المهجورة، حيث، خلال الفترة الممتدة من سنة 2015 الى2021، بلغ عدد المقالع المغلقة والتي لم تتم إعادة تأهيلها، ما مجموعه 278 مقلعا من أصل 518 مقلعا مغلقا، أي ما يمثل 54 بالمئة من المقالع المغلقة مقابل 46 بالمئة من المقالع المغلقة والتي تمت إعادة تأهيلها أو هي في طور إعادة التأهيل. وخلال سنة 2020، بلغ عدد المقالع المهجورة ما مجموعه 460 مقلعاً، أي نحو 16 بالمئة من إجمالي عدد المقالع المرخصة، وتصدرت جهتا فاس- مكناس وبني ملال- خنيفرة هذا العدد بأكثر من 44 بالمئة.

وأوصى المجلس، في تقريره، رئاسة الحكومة، بـ«وضع إطار مع إضفاء الصبغة الرسمية عليه لتحديد آليات تبادل البيانات بين الفاعلين المؤسساتيين المعنيين بقطاع المقالع، مع تمكين المراكز الجهوية للاستثمار من خريطة للعقار العمومي المعبأ أو المحتمل تعبئته لغرض استخراج مواد المقالع»، فيما أوصى المجلس، وزارة التجهيز والماء، بوضع منصة معلوماتية مشتركة مع مختلف الجهات المتدخلة في تدبير استغلال المقالع، واستراتيجية وطنية لتدبير هذا القطاع وتتميم الإطار القانوني المنظم له، مع وضع آليات لتثمين مواد المقالع، وكذا تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع استغلالها ومساعدة اللجان الإقليمية للمقالع من أجل الاضطلاع بكافة المهام المنوطة بها مع التتبع والتقييم الدوري لأعمالها، فضلا عن تعزيز وتتميم الترسانة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتدبير البيئي لاستغلال المقالع.

ثلاثة أسئلة لمحمد جذري *: «تجب إعادة النظر في منظومة استغلال مقالع الرمال والقطاع يشهد احتكارا كبيرا»

 

      ما هي الاختلالات التي تعتري تدبير قطاع المقالع؟

إن ما تجب معرفته هو أن القانون شيء وتطبيقه على أرض الميدان شيء آخر، خصوصا في مجال مثل هذا مرتبط باستغلال المقالع الطبيعية لاستخراج الرمال أو الحجارة أو الجير وغيرها، على اعتبار أن هذه الرخص، خصوصا المتعلقة بالمقالع تتضمن دفتر تحملات للشخص المعنوي طالب الرخصة، وهو الشركة أو المقاولة المعنية بهذه الرخصة، حيث يضم دفتر التحملات هذا العديد من الشروط، منها ما يرتبط باستدامة المقلع والبيئة المحيطة وعدم الإضرار بالسكان، زيادة على العديد من النقاط التي تتعلق باليد العاملة في المقلع، وضرورة تسجيلها في الضمان الاجتماعي، زيادة على توفر التأمين الصحي للعاملين، على اعتبار أن العمل في تلك المقالع يتسم بالخطورة، وبالتالي، وانطلاقا من كل هذا، يمكن القول إن المشرع المغربي قد قيد استغلال المقالع بأنواعها بمجموعة من القيود والشروط، غير أن الواقع خلاف ما ذكرت، حيث  إن هناك مجموعة من اللوبيات التي تستغل الموضوع في حالات التواطؤ أو غياب الضبط والتدقيق، للتحكم في رخص المقالع بدرجة كبرى، وهذا الأمر الذي يتيح لتلك الشبكات إمكانية استغلال تلك المقالع مع احتكارها، وذلك بغية الاستفادة أكبر قدر ممكن من الثروة الطبيعية التي يتم استخراجها من تلك المقالع، علما أن مستغلي المقالع هم من يتحكمون في أسعار الرمال أو الحجارة أو غيرهما من المواد التي يتم استخراجها.

زيادة على كل ما ذكرت، وجبت الإشارة إلى مشكل كبير يتسبب فيه الاحتكار للمقالع وغياب التنظيم فيها، ويتعلق بكون هذه المقالع تشكل حجر عثرة في طريق الاستثمار، حيث إن هذه الرخص تعيق الاستثمار، على اعتبار ما يعتلي المجال من أن هذه الرخص فضاء خصب للمحسوبية والزبونية، ما يساهم في حرمان فئات جديدة من المستثمرين، سواء مغاربة أو أجانب، من الاستثمار في المجال، ويجعل الأمر حكرا على فئة معينة مدت جذورها في القطاع، وبالتالي فهذه القلة القليلة تتسبب في حرمان الاقتصاد الوطني من مجموعة من الاستثمارات.

 

ماذا بخصوص التقرير الأخير الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بخصوص جودة الرمال المستخرجة من المقالع؟

إن الاقتصاد الوطني يتأثر بشكل عام من مشكل الاحتكار، والاحتكار كما في جميع المجالات، فهو أيضا في مجال المقالع، وبالتحديد مقالع الرمال، يؤثر على جودة المنتوج، وذلك يتم عبر دفع زبائن القطاع إلى اللجوء إلى مقالع غير قانونية وعشوائية وغير مراقبة، من أجل الحصول على حاجة من الرمال، في ظل الاحتكار للمقالع المقننة والتي تنتج رمالا ذات جودة، وأيضا تحكم هؤلاء المستغلين لتلك المقالع في الأسعار لعدة اعتبارات، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤثر على الاقتصاد الوطني من عدة أوجه، وفي غياب المنافسة نجد أن مستغلي المقالع يستغلونها بشكل احتكار ولمدد تصل بعض الأحيان إلى 25 سنة أو حتى 50 سنة، وهذا الأمر كما أشرت يتطلب إعادة النظر في منظومة منح التراخيص لهؤلاء الأفراد والمقاولات، يما يتيح إمكانية تكافؤ الفرص، وإغلاق الباب في وجه الاحتكار أو الزبونية والفساد في توزيع تلك الرخص. كما أن التقرير الأخير الصادر عن المؤسسة الدستورية، يجعلنا نتساءل بخصوص دور لجان المراقبة والتدقيق في الجودة، ومدى مسؤولية المصالح التابعة للوزارة في وقف ما قد يشكل خروقات لدفاتر التحملات، ومدى استجابة هذه المواد المستخرجة من المقلع للمعايير المحددة أولا، خصوصا أننا نتحدث عن مواد قد يشكل الغش فيها خطرا كبيرا على سلامة المواطنين، فلا يعقل استعمال رمال مغشوشة على سبيل المثال في البناء، وهذا قد يؤثر على صلابة وجودة البناء، وقد يهدد سلامة وحياة الآلاف من سكان المباني.

إن المصالح الوزارية والسلطات المعنية مطالبة بالوقوف بشكل أكبر على مدى احترام المقالع لدفاتر تحملاتها المحددة سلفا، والتي تم على ضوئها منحها رخص الاستغلال، وإلا فالقانون يمنح الجهات الوصية الصلاحيات لإنزال عقوبات على مستغلي المقالع المخالفين، أو حتى إلغاء وسحب الرخص الممنوحة لهم، ومن أوجه المراقبة إخضاع المواد المستخرجة للمراقبة والفحص بشكل دوري لدى المختبرات المختصة، وهو الأمر الذي يتم على أرض الميدان، وبالتالي فهناك أعطاب في منظومة هذه المقالع، وهي المنظومة التي أكل عليها الدهر وشرب، ووجب التعديل، سواء في مساطر منح التراخيص لاستغلال المقالع، أو أيضا في منظومة مراقبتها ومراقبة جودة المواد المستخرجة، خصوصا إذا علمنا أن هناك العديد من النافذين هم من يستغلون هذه المقالع.

 

ما هي المداخل لتنظيم قطاع المقالع بما يضمن تحقيق نموذج اقتصادي ناجع؟

أعتقد أن المدخل الأساسي لتنظيم هذه المقالع، هو مدخل قانوني، من خلال عدة إجراءات، أولها الإعلان عن عدد المقالع الموجودة والمعنيين بالتراخيص لاستغلالها، إذ لا يعقل أن عدد هذه المقالع غير معروف ولا طبيعة مستغليها، وبالتالي فأول ما يجب الاشتغال عليه هو نشر لائحة تلك المقالع والمستفيدين منها، ضمانا للشفافية. زيادة على عنصر ثان وجب الاشتغال عليه بدقة، وهو المرتبط بشروط الاستفادة من رخص استغلال هذه المقالع، فلا يعقل أيضا أن هذا أمر يتم في الظل ولا يتم الإعلان للعلن عن مساطر الاستفادة من هذه الرخص ولا موعد فتح التقديمات لطلبها، ويجب الاشتغال على هذا الموضوع كما هو الشأن بالنسبة إلى الصفقات العمومية، وعلى تخصيص بوابة لهذا الغرض، وأن توضع الشروط والمعايير واضحة ووفق دفاتر تحملات معلنة، وذلك من أجل فتح الباب أمام المنافسة الحقيقية التي من شأنها أن تساهم في خفض الأسعار والرفع من الجودة، دون أن نغفل الدور الاجتماعي الذي يجب أن يناط بهذه المقالع من حيث تشغيل اليد العاملة، وتسجيل العمال في الضمان الاجتماعي، زيادة على عدم تجاهل الآثار التي يمكن أن تحدثها تلك المقالع على الجانب الإيكولوجي، إذ يجب أن تتضمن الشروط الحفاظ على هذه العناصر وعدم الإضرار بالمحيط البيئي لتلك المقالع مع ضمان استدامتها.

 

*خبير ومحلل اقتصادي

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى