المغاربة والادخار
تحدثت تقارير المندوبية السامية للتخطيط عن عدم قدرة فئة كبيرة من الأسر المغربية على الادخار، وذلك بسبب استمرار التضخم، وغلاء المواد الأساسية، وارتفاع نسبة البطالة، خاصة في صفوف الشباب، فضلا عن تعثر التنمية بشكل عام، رغم المجهودات التي تبذلها المصالح الحكومية للتعامل مع الإكراهات الاقتصادية، وتبعات الحروب، وتراجع الإنتاج، وكلفة الاستيراد.
وكشفت التقارير الرسمية أن نسبة 82,2 في المائة من الأسر المغربية تتوقع ارتفاع مستوى البطالة خلال الـ12 شهرا المقبلة، مقابل 5,9 في المائة فقط ترى عكسَ ذلك، وهي أرقام تحيل على ضبابية المستقبل المالي لفئة واسعة من المجتمع، والتخوف من استمرار ارتفاع الأسعار، ما سيصعب معه تدبير القفة اليومية والدخول في مرحلة التنازل عن مواد أساسية، مع ما يشكل ذلك من تهديد للسلم الاجتماعي.
إن موجة الغلاء التي تضرب العالم لا يمكن أن تستثني المغرب طبعا، لكن يجب العمل بجهود مضاعفة لتجاوز الأزمة في أقرب الآجال الممكنة، والبحث عن كل الحلول الاقتصادية الناجعة لإعادة التوازن لقفة الأسر، وتمكينها من العودة جزئيا إلى الادخار، لأن الأخير يلعب دورا مهما في تدبير أزمات البطالة أو الفقدان المؤقت للشغل، كما أنه يشكل عاملا نفسيا مهما في الإحساس بالأمن المالي.
يجب على الحكومة أن تكون عند انتظارات الأسر المغربية في ملف خفض الأسعار خلال السنة المالية 2025، وإحداث ثورة حقيقية في مجال التشغيل، ودعم توازن القدرة الشرائية، والقدرة على الادخار، والتمكن من تجويد مستوى العيش بصفة عامة، خارج تبريرات الإكراهات الاقتصادية والارتباط بتقلبات عالمية في الأسعار، لأن ذلك وعلى الرغم من أنه واقع ملموس، إلا أن المغاربة ينتظرون الحلول وتنزيلها والباقي تفاصيل بالنسبة إليهم.
على الجميع العمل على معالجة تبعات آفة البطالة، وتوفير فرص الشغل التي تضمن الكرامة، وتوفير أجواء تساعد الأسر على الادخار، لأن المثل الشعبي المغربي يقول: «الدرهم الأبيض الذي تدخره ينفعك في اليوم الأسود»، وهي ثقافة شعبية مبنية على الاقتصاد في الاستهلاك، للقدرة على مجابهة كل التحديات المستقبلية وتجويد الحياة والإحساس النفسي بالأمن المالي، في ظل هشاشة البرامج الاجتماعية، والمرحلة الانتقالية للهيكلة، وهاجس الخوف الذي زرعه شبح الغلاء في النفوس.