المعلومات المضللة
هناك قاعدة تقول لا يهم أن يكتشف الناس حقيقة المعلومات المضللة والشائعات، المهم أن تنجح الأهداف المسطرة خلف التضليل، لذلك فإن خروج الناطق الرسمي باسم الحكومة للحديث عن كون المعلومات المضللة كانت خلف تخويف المواطنين من عملية التلقيح وارتباك تلقيح الأطفال ضد الأمراض الفتاكة، يعيد طرح أسئلة تحديد المسؤوليات والمحاسبة في جرائم التضليل والجهات التي تقف خلفها والإجراءات الحكومية لمواجهة طوفان الشائعات وترويج الأخبار الكاذبة والمضللة بالمواقع الاجتماعية، وغرق المتلقي في بحر الأكاذيب وسط محدودية نجاعة التواصل الرسمي وطغيان فوضى النشر والتساهل القانوني.
إن نشر المعلومات المضللة لا يمكن أن يبرر بالنية الحسنة أو الجهل بتبعات قوانين النشر، كما لا يمكن أن يبرر بحرية التعبير التي تحكمها قواعد قانونية واضحة، وكل تساهل مع جرائم ترويج الإشاعات والأكاذيب، تظهر نتائجه الكارثية على مستوى تخويف الرأي العام وزرع الشكوك في الروايات الرسمية في ملفات حساسة مثل التلقيح وإجراءات حماية صحة وسلامة الأجيال التي ستحمل مشعل التنمية ومواصلة بناء المملكة الشريفة.
يجب الاعتراف بأن فوضى النشر بالمواقع الاجتماعية، وصلت ذروتها، وخلط الأوراق في مواضيع حساسة وفي غاية الأهمية بالنسبة لاستراتيجيات الدولة، أصبحت معه الحقيقة شائعة والشائعة حقيقة، في ميزان مختل يتطلب تسريع التشريعات القانونية لتقنين المجال، والعمل على دعم الإعلام المهني وتقوية وتطوير قنوات التواصل الرسمية، ومواكبتها للتحولات المجتمعية ومتطلبات العصر الحديث، لأن العالم في تطور مستمر ومن يتخلف لا ينتظره أحد.
إن مسؤولية القطاعات الحكومية ثابتة، في مجال مكافحة الأخبار المضللة وترويج الشائعات وجرائم التشهير، خاصة وأن بعض الصفحات بالمواقع الاجتماعية أصبحت لها سلطة معنوية، تمارسها من خلال خلق البوز وجمع أكبر عدد ممكن من نقرات الإعجاب، وتستقطب العوام بدغدغة العواطف وممارسة الشعبوية ومعارضة كل ماهو رسمي صادر عن مؤسسات الدولة مهما كان الموضوع ودرجة أهميته، ناهيك عن تحولها لأداة قتل رمزية في الخلافات والصراعات الطاحنة بين المنتخبين والمسؤولين.
نحن في حاجة لتحصين الرأي العام ضد الأخبار الزائفة والإشاعات والتضليل لخدمة أجندات غامضة، كما أن الأمر يحتاج منحه الأهمية التي توازي درجة الضرر، لأن حروب الإشاعات أصبحت تُدرس في المعاهد والمقرات الأمنية والاستخباراتية، وتؤتي أكلها بشكل واسع عندما تجد الأرضية المناسبة للتكاثر والانتشار داخل المجتمعات الغارقة في الجهل والتخلف والقبول بكل ما هو خارق ومعارض للرأي الرسمي بسبب عوامل نفسية واجتماعية.