محمد اليوبي
في ظل استمرار الصمت الرهيب للحكومة بخصوص الأحداث التي عرفتها مدينة الفنيدق، بعد إقدام السلطات الأمنية على إحباط محاولة للهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة المحتلة، تقدمت فرق المعارضة بمجلس النواب بطلبات من أجل مثول وزراء أمام اللجان البرلمانية المختصة، لتقديم التوضيحات والمعطيات حول هذه الأحداث والتطورات التي عرفتها، والجهات التي تقف وراءها.
وخلال اجتماع لجنة التعليم المنعقد، أمس الأربعاء، طالب إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، بمثول الوزير مصطفى بايتاس، بصفته الناطق الرسمي باسم الحكومة، أمام ممثلي الأمة لتقديم كل المعطيات والتوضيحات الضرورية حول الأحداث التي عرفتها مدينة الفنيدق.
وانتقد السنتيسي صمت الحكومة تجاه مجموعة من الأحداث التي تعرفها البلاد، والتي تفرض تقديم المعطيات والتوضيحات للرأي العام الدولي والوطني، وأكد السنتيسي أن البرلمانيين لا يتوفرون على المعطيات، بسبب التعتيم الذي تمارسه الحكومة.
ومن جهته، طالب رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، بعد اجتماع طارئ للجنة الداخلية بحضور وزير الداخلية، وذلك لمناقشة موضوع «خلفيات وحيثيات وقائع محاولات الإقدام على هجرة جماعية غير نظامية»، وأوضح حموني في طلبه، أن الرأي العام تابع، من خلال الإعلام الوطني ووسائل التواصل الاجتماعي، محاولات للإقدام على هجرة جماعية مكثفة وغير مشروعة نحو سبتة المحتلة، لمئات القاصرين والشباب، إما من خلال السباحة، أو عبر محاولات اقتحام «المعبر الحدودي»، وذلك إثر منشورات ومحتويات رقمية محرِّضَة على ذلك، وهو ما سعت السلطات المغربية نحو التعامل معه وفق واجباتها المهنية وبشكل يترجم التزامات المغرب بخصوص الهجرة غير النظامية. وإلى ذلك، يضيف رئيس فريق التقدم والاشتراكية، راجت على مواقع التواصل الاجتماعي صورٌ قد تكون لها علاقة بالموضوع وتُجهَلُ لحد الآن حيثياتها وموثوقيتها، لكنها تلحق ضررا بالغا بسمعة بلادنا وبمجهوداتها على أكثر من صعيد.
وطالب حموني بضرورة فتح الحكومة نقاشا مع ممثلي الأمة، من أجل تبديد كل الالتباسات المحيطة بهذه الوقائع، وتفسير خلفيات وحيثيات هذه الأحداث وما يرافقها من تضارب القراءات والتأويلات؛ وكذا من أجل تدارس المؤسستين التنفيذية والتشريعية، بغض النظر عن احتمالات افتعال وقائع أو أحداث بعينها، للعوامل الكامنة وراء استجابة شباب وقاصرين لـ«نداءات مشبوهة» من أجل الهجرة الجماعية وغير المشروعة، سيما من حيث السياسات العمومية المفترَض أن تُوَجَّهَ لإخراج ملايين الشباب من وضعيات اجتماعية مقلقة؛ وأيضا من أجل تدارس كيفيات تعامل السلطات مع مثل هذه الأحداث، إنْ على المستوى الاستباقي أو على صعيد المعالجة البَعدية، سياسيا وتواصليا وقانونيا وتنمويا وأمنيا.
وبدوره، انتقد محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، صمت الحكومة بخصوص هذه الأحداث، وقال في سؤال كتابي موجه إلى الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن المغاربة فوجئوا بغياب صوت الحكومة إزاء هذه الأحداث الخطيرة، وغياب أي رد فعل من جانبها لا على مستوى التواصل، ولا على مستوى المبادرة، تاركة الرأي العام الوطني فريسة لأخبار ومشاهد يتداخل فيها الزيف بالحقيقة، والواقع بالفبركة، حتى وصلت الأمور حد ترويج فيديوهات وصور تسيء إلى الجهود النبيلة لمختلف القوات العمومية والسلطات الترابية، وتستهدف نسف تضحياتها البطولية لحماية سمعة الوطن وحماية الأجيال الناشئة من أبنائه، ونبه أوزين إلى أن كل ذلك يحدث في ظل صمت مطبق لوسائل الإعلام العمومي، وغياب غير مفهوم وغير مبرر لأي موقف ولا مبادرة رسمية.
وأضاف أوزين أن هذه الأحداث تسائل بشكل مباشر صناعة السياسات العمومية الموجهة إلى الشباب في مختلف أبعادها، خاصة على ضوء تقارير هيئات ومؤسسات الحكامة التي كشفت عن مؤشرات وأرقام دقت ناقوس الخطر حول الأوضاع المزرية التي تعيشها قاعدة واسعة من الشباب المغربي، الذي تولدت له قناعة راسخة كونه خارج حسابات السياسات العمومية الموجهة إليه.