المرأة نصف «الملعب»
حسن البصري
أعلن المكتب المديري للفتح الرياضي عن تعيين نوال خليفة رئيسة لفرع كرة القدم. هي ليست طبعا أول رئيسة لفريق رجالي، لكنها الأكثر حضورا في دائرة القرار الكروي، فقد ارتبط اسمها بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في عهد علي الفاسي الفهري، وترأست بعثة المنتخب المغربي في جنوب إفريقيا خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا عام 2013، كما حضرت بقوة في دوري كأس العرب للمنتخبات بالسعودية عام 2012، وكنت في المحطتين معا ألاحظ تدبيرها الهادئ للمشاكل الطارئة في فندق المنتخب.
أذكر أنها كانت تصفف أوراقها قبل أن تصفف شعرها، كان قلبها مع الفريق الوطني وعقلها مع أنابيب الماء الصالح للشرب، وحين انتصبت أمامها علامة «قف» في مدينة جدة، وتبين لها أن النساء ممنوعات من دخول الملاعب، واجهت الموقف بهدوء وقضت أيامها بين الفندق والحرم المكي.
دار جدل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي حول أول امرأة ترأست فريقا ذكوريا، وتبين أن سميرة الزاولي رحمها الله كانت سباقة لسحب البساط من تحت أقدام الرجال، في زمن كان فيه دخول المرأة إلى الملعب مغامرة غير محسوبة المخاطر.
أتساءل دوما لماذا ارتبط اسم «نوال» بالنساء الحديديات: نوال السعداوي، المناضلة التي قضت حياتها في خندق المواجهة مع التيار السلفي، وماتت في عيد الأم، نوال المتوكل التي قضت عمرها في الملاعب تنادي بالمساواة في ممارسة الرياضة، ونوال السامرائي، وزيرة شؤون المرأة في العراق، التي طالبت بـ«كوطا» التعيينات السامية، و«نوالات» أخريات وقفن في الصفوف الأمامية دفاعا عن المرأة، وتبين أنهن مجرد حائط للصد.
علينا أن نعترف بضعف الصبيب النسائي في مناصب المسؤولية داخل الفرق المغربية، ونقر بنفور المرأة من برلمان الكرة ومن مركز القرار، لأنها تعلم أن الرجال قوامون على النساء حتى في الملاعب وفي الجموع العامة، وأن المحظوظات الجالسات على كراسي المسؤولية يقضين أيامهن في حالة شرود، وإذا ظهرت لا قدر الله امرأة حديدية في مجتمع الكرة، قال الحواريون: «إن كيدها لعظيم». وإن انتقدت الرجال قالوا: «كان الله في عون زوجها»، بل وخرج المفتنون، عفوا قصدت المفتون، يتأبطون فتوى إهدار الدم.
لا يقبل المجتمع الكروي في صفوفه سيدة تضرب بقبضتها مائدة الحوار، بعد أن استأنس بنساء من فصيلة الرخويات لا يسمع صوتهن إلا عند إطلاق زغاريد الفرح يوم الانتصار، لذا انتصبت في وجه ثريا أعراب وسميرة العبدي وزينب أمين علامات «ممنوع المرور»، وحرروا لهن مخالفة «التجاوز الممنوع». أما جليلة بيجوان، حفيدة مؤسس فريق حسنية أكادير، فقد وضعت في طريقها دبابيس، منذ أن ظهرت عليها أعراض الترشح لرئاسة الفريق السوسي، قيل لها إن الكرة في المغرب شأن رجالي، ورددوا على مسامعها «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».
ليست نوال خليفة هي الرئيسة الأولى لفريق كرة رجالي في إفريقيا، كما ادعى بعض المتعاطين للصحافة، ففي تونس ترأست سيرين مرابط النادي الأولمبي للنقل، أحد أعرق الفرق التونسية، وفي الجزائر تجلس نجاة مهري على كرسي رئاسة فريق التضامن لوادي سوف، بالوراثة بعد أن سلمها والدها جيلالي مفاتيح النادي، مع توصية بإغلاق النوافذ وتغيير الأقفال، قبل تغيير المدرب.
وفي مصر حكمت هدى عبد المنعم نادي «المقاولون العرب»، وحين اقتربت من خط التماس انفتحت شهيتها للسلطة، انتهى بها المطاف في ردهات المحاكم، بل إن قصتها تحولت إلى فيلم سينمائي يحمل عنوان «هدى ومعالي الوزير»، من بطولة نبيلة عبيد.
أم المفارقات أن يستبدل نادي فيتا كلوب الكونغولي رئيسه الصنديد الجنرال غابرييل أميسي، بسيدة لطيفة من هيئة المحاماة تدعى بيستين كازادي، كسبت رهان الانتخابات بفوز كاسح على السياسي الكونغولي أوجين ديومي، وليس لسواد عينيها.
صدق الكاتب جلال عامر حين صاح في جمع عام:
«ليست عندنا شفافية، إلا في ملابس النساء».