شوف تشوف

الرأي

المدربون في عطلة

استفاد المدربون الأجانب من إجازة مدفوعة الأجر، غادروا المغرب عائدين إلى بلدانهم، شاكرين لـ«الفيفا» قرارها القاضي بتوقيف البطولات في البلدان التي تشارك منتخباتها في مونديال قطر 2022.

شدوا الرحال إلى المطار قبل أن يجف عرقهم من صخب مباراة ما قبل سريان القرار، بقرار من إينفانتينو سرحوا اللاعبين والمعاونين وضربوا للجمهور موعدا بعد انتهاء بطولة كأس العالم، وزعوا أقراص التهدئة قالوا لهم القادم أفضل.

قد نستنكر برمجة عطلة «كروية» في الظرفية الحالية رغم أن الموسم انطلق منذ أقل من شهرين، واللاعبون لم يستأنسوا بعد بإيقاع التباري، لكن المشهد أقرب إلى العطلة البينية التي استفاد منها رجال التعليم بعد انطلاقة الموسم الدراسي بأقل من شهرين.

لن يحضر المدربون دروسهم ولن يصححوا فروض لاعبيهم، سينعمون بعطلتهم والشكر لـ«الفيفا»، التي أصبحت تتحكم في إجازات وعطل اللاعبين والمدربين والحكام والمسيرين والمشجعين، وتفرض على الأندية وقف نبض الكرة حتى ينصت الجميع لنبض المونديال.

رحل المدربون الأجانب واختلفت إجازاتهم من شخص لآخر، منهم من سارع إلى التعاقد مع قناة فضائية محلية كمحلل، حتى تكون العطلة «حجة وزيارة»، ومنهم من يبحث في سوق اللاعبين عن قطع غيار جديدة يدعم بها فريقه بعد الدخول من العطلة وفتح باب التسوق الشتوي، رغم انسحاب فصل الشتاء والسماح بتمديد الخريف للضرورة المناخية.

لا توجد ضرورة حتمية لعطلة بعد ثماني مباريات، لأن إيقاع التباري سيختل وسيضطر المدربون لمراجعة الدروس الأولى، وسيشرع مدربو اللياقة البدنية في إصلاح ما أفسدته العطلة وسيخضع لاعبون داهمتهم السمنة لنظام غذائي صارم.

أما المدربون المغاربة فالعطلة، بالنسبة لكثير منهم، مجرد تتمة لعطلة صيفية لم تكتمل، وفي خلوتهم يكلفون إدارة النادي بتدبير مباريات ودية لما بعد الدخول الكروي، وتوزيع برنامج تمرين على اللاعبين مع توصية بتطبيقه.

سيستفيد كثير من اللاعبين المصابين من عطلة علاجية، سيرممون أطرافهم ويشحذون أقدامهم استعدادا لما بعد المونديال، بينما يقضي رؤساء الفرق إجازاتهم في قطر يتخلصون فيها من صخب المدرجات وغارات منصات التواصل الاجتماعي.

كثير من مشاهير التدريب اختاروا مراكش وجهتهم، منهم من قرر اكتشاف سحر أمليل ومنهم من فضل الاسترخاء على سفوح الأطلس المتوسط، بعيدا عن صداع الخطط التكتيكية والغارات الهجومية والمعاول الدفاعية، بينما يفضل المدربون المغاربة وضع مسافة الأمان بينهم وبين الكرة في عطلهم واستدراك عطلة صيفية غير مكتملة.

في أيام العطلة ستلغى التدابير الاحترازية، وسينال زعماء فصائل «الإلتراس» إجازة طويلة، وسينكب رفاقهم في خلوتهم على إخضاع عتادهم الحربي للصيانة، وسيكون التوقف الاضطراري فرصة لزيارة المعتقلين منهم، وإعادة ترتيب البيت من الداخل ونظم قوافي مستوحاة من شعر النقائض.

في عطلة الكرة، سينعم السكان المجاورون للملاعب بالراحة، وسيتمكن أبناؤهم من الركض أمام منازلهم دون أن يخضعوا للاعتقال الإجباري كلما لاح في الأفق موعد كروي، وسيفتح الباعة دكاكينهم في نهاية الأسبوع دون أن يخشوا لائمة «مقدم»، وستفتح المقاهي في وجه الزبائن دون استنفار وسيتحرك النادل بكل حرية، دون أن يستطلع أحوال الطقس الكروي أو يتلقى إشعارا بغارة وشيكة كما اعتاد في أيام المباريات الحارقة.

حين يتوقف الدوري الاحترافي، تحترف الفصائل رسم لوحاتها على الجدران، تستفز الخصم تارة وتذكره تارة بتاريخ مضى. في عطلة الكرة البينية سيعود كثير من المشجعين إلى حجرات الدرس بعد أن كاد المدرسون أن ينسوا تقاسيم وجوههم، سيقطعون مع سياسة الكرسي الفارغ في المؤسسات التعليمية، ويعودون إلى صفوف زملائهم أملا في استدراك ما فات رغم ضعف التنافسية، ولسان حالهم يقول:

لكم عطلتكم ولنا عطلتنا.

حسن البصري

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى