شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

المخزون الاستراتيجي

تعاني وزارة الصحة من ندرة بعض الأدوية في مجال السرطان ونقص المناعة، ووزارة الانتقال الطاقي تدق ناقوس خطر الاحتياط المغربي من المحروقات الذي لا يتجاوز 26 يوما، ووزارة الفلاحة منشغلة بتأمين السوق الغذائي لتجنب الأسوأ، ووزارة التجهيز تحذر من ندرة المياه في بعض المناطق المهددة بالعطش، في الحقيقة ليس هناك من خيط ناظم يجمع بين هذا الاستنفار سوى غياب مخطط واضح لتنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية والدوائية والطاقية في الدولة، خصوصا في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث تستوجب تحقيق الاستدامة والاكتفاء الذاتي وتوفير مرونة زمنية لقدرة بلدنا على التعامل مع أي أحداث جيوسياسية.

إن سياسة العمل على تكوين مخزون استراتيجي تهدف إلى تأمين التقلبات غير المتوقعة مثل الهبوط المفاجئ في الإنتاج المحلي والعالمي والكوارث الطبيعية والمتغيرات السياسية الدولية وما يترتب عنها من ارتفاع الأسعار وقفز معدلات التضخم، الأمر الذي يتطلب من بلدنا ضمان الاحتفاظ بشكل منظم ومقنن بقدر من المواد الغذائية والاستراتيجية يكفي لتغطية أقصى زمن ممكن من الاستهلاك المحلي سنويا.

إن ما يتحدث عنه وزراء الحكومة من احتياط هش في المحروقات والأدوية والماء والحبوب ليس مخزونا استراتيجيا، بل مجرد تخزين عادي، يشمل في الحد الأدنى الواجب والاحتفاظ به لمواجهة التقلبات العادية سواء في الإنتاج المحلي أو الأسعار العالمية، أما المخزون الاستراتيجي الذي تحدث عنه الملك في افتتاح البرلمان لهذه السنة بأبعاده الثلاثة، فيشمل احتياطات قومية في الطاقة والغذاء والأدوية، يتم الاحتفاظ بها لمواجهة التقلبات الحادة في الإنتاج والأسعار العالمية أو مواجهة الظروف الطارئة كالكوارث والحروب والأزمات والتقلبات المناخية طويلة الأمد، وهذا المنطق يفرض أن يخضع المخزون لقواعد محددة من حيث الحجم المراد الاحتفاظ به والميزانية السنوية المخصصة له وإدارة المخزون الاستراتيجي التي ينبغي أن تكون تحت سلطة عليا في الدولة.

لا بد من القول إن وضع استراتيجية أو سياسة محددة لإدارة المخزون الاستراتيجي، لم يعد خيارا يمكن تأجيله أو التغاضي عنه بحجة عدم توفر المقدرة المالية لتحقيق ذلك، بل هو ضرورة وجودية لبلدنا، انتبهت لقيمته دول كبرى مثل الصين التي أنشأت «الإدارة الوطنية للغذاء والمخزون الاستراتيجي»، والولايات المتحدة الأمريكية التي تخزن 700 مليون برميل من النفط الخام تحت الأرض. فمتى ندخل عالم الاحتياط الاستراتيجي لغذائنا وطاقتنا وصحتنا؟ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى