مرة أخرى تصعق محكمة جرائم الأموال بمراكش المدير السابق للوكالة الحضرية بالمدينة المتابع في جناية الارتشاء، فبعد إدانته ابتدائيا بعشر سنوات سجنا، وتوزيع عشر سنوات أخرى بالتساوي على زوجته ومهندس معماري نافذ مقرب منه، قضت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، أول أمس الخميس، بتأييد حكم الغرفة الجنائية الابتدائية، إضافة إلى قرار الاعتقال الفوري ومن داخل القاعة للمهندس الذي يرافق المدير (خ. و) في هذه الفضيحة.
وضمن التفاصيل أيدت الهيئة حكم عشر سنوات سجنا نافذا الذي سبق أن صدر ابتدائيا في حق المدير السابق للوكالة الحضرية، كما أيدت الحكم الابتدائي الصادر في حق المهندس وهو خمس سنوات سجنا نافذا، مع اعتقاله فور تأييد الحكم من داخل القاعة، تطبيقا لمقتضيات المادة 431 من قانون المسطرة الجنائية، حيث تم إيداعه السجن بناء على ملتمس الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بعدما كان المتهم متابعا في حالة سراح من أجل جناية المشاركة في الارتشاء.
وحسب مصادر جد مطلعة من مراكش، فقد شملت الأحكام جانب الغرامات المالية، حيث تم رفع الغرامة المحكوم بها ابتدائيا إلى مبلغ 9.360.000 درهم على كل واحد من المتهمين، وضمنهم زوجة المتهم الرئيسي مدير الوكالة الحضرية السابق، المتابعة بدورها في حالة سراح من أجل المشاركة في الارتشاء والتي تم الحكم عليها بعقوبة خمس سنوات سجنا.
وبخصوص الدعوى المدنية، تضيف المصادر نفسها، أن غرفة الجنايات الاستئنافية قضت برفع التعويض المحكوم به لفائدة المطالبة بالحق المدني إلى مبلغ 400000 درهم.
وتعود وقائع هذه الفضيحة إلى سنتين تقريبا، حيث ضبطت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، مدير الوكالة الحضرية وهو متلبس بتسلم رشوة بلغت 12 مليون سنتيم، من شخص نافذ بالمدينة تم تعريضه للابتزاز من طرف مدير الوكالة من أجل تيسير عملية متعلقة بتوسيع مشروعه السياحي المتواجد بأهم منطقة سياحية بمراكش، قبل أن يسقط المسؤول النافذ الذي كان ينتظر ترقية مهمة تتراوح بين منصبي عامل ووال حسب تخمينات كل متتبعي مساره الإداري المثير للجدل. وحسب تنسيق محكم التفاصيل بين السلطات القضائية والأمنية والمشتكي في الرقم الأخضر، سلم هذا الأخير المبلغ المطلوب منه لمدير الوكالة الحضرية في سيارة بالقرب من منزله، قبل أن تتدخل عناصر الأمن لتلقي عليه القبض في وضعية تلبس بتسلم المبلغ من المشتكي، الذي كان قد سلم سلفا السلطات القضائية والأمنية نسخا مطابقة للأوراق المالية المسلمة لمدير الوكالة الحضرية.
وحسب مسارات البحث التي كانت مثيرة في هذه القضية، فإن معالجة الفرقة الوطنية والسلطات القضائية بقسم جرائم الأموال باستئنافية مراكش لفضيحة الرشوة التي تورط فيها مدير الوكالة الحضرية (خ. و) ، لم تتوقف عند جانب الارتشاء والابتزاز، بل تحولت إلى مطاردة ثروة الرجل الخيالية الظاهرة والخفية، خاصة بعد العثور على مبلغ مالي ضخم في بيته مباشرة بعد اعتقاله وممتلكات نفيسة من المجوهرات والحلي، وضعته إلى جانب زوجته موضع شبهة بالاغتناء الفاحش وغير المشروع ، كما امتدت التحقيقات إلى إسهامات المتهم في اختلالات خطيرة متعلقة بتجاوزات التعمير والتراخيص المشبوهة بمراكش، قبل أن تطيح هذه التحريات بزوجته التي كانت تملك مكتب دراسات تم توظيفه بطريقة غير قانونية في بعض العمليات التعميرية المشبوهة وعلى رأسها ملف المشتكي، كما أسفرت التحريات الدقيقة والمكثفة التي أنجزتها عناصر الفرقة الوطنية تحت إشراف النيابة العامة عن تورط مهندس دولة من الدرجة الممتازة كان مقربا من مدير الوكالة، وكشفت هذه التحقيقات المستور في علاقة مدير الوكالة الحضرية وهو من كبار مهندسي العاصمة الرباط، في ما يرتبط تحديدا بمختلف العمليات التعميرية والتراخيص التي أشرفا عليها سواء بالرباط عندما كان مدير الوكالة الحضرية مسؤولا بجهة الرباط ، حيث قضى بها أكثر من ست سنوات، قبل انتقاله إلى مراكش.