محمد اليوبي
أصدرت المحكمة الدستورية قرارا يقضي بإلغاء انتخاب النائب البرلماني عبد الحق الشفيق، عن حزب الأصالة والمعاصرة، وإسماعيل بنبى، عن حزب الاستقلال، عضوين بمجلس النواب، على إثر الاقتراع الذي أجري في 8 شتنبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية «عين الشق» بالدار البيضاء، وأمرت المحكمة بتنظيم انتخابات جزئية في هذه الدائرة بخصوص المقعدين اللذين كانا يشغلانهما.
وتوصلت المحكمة بعريضة طعن تتضمن مجموعة من الخروقات الانتخابية، تتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابهما المذكورين قاما بتوزيع منشورات انتخابية تتضمن صورهما لوحدهما دون المترشحين الآخرين في لائحتي ترشيحهما، كما استمرت حملتهما الانتخابية بهذه الكيفية على مواقع التواصل الاجتماعي «صوتا وصورة» طيلة يوم الاقتراع، مما يطرح «إشكالية» تقديم بيانات بشكل جزئي وإخفاء مترشحين آخرين، الشيء الذي يشكل مناورة تدليسية الغرض منها التأثير على إرادة الناخبين وخرقا سافرا لمصداقية وشفافية ونزاهة الاقتراع.
وأوضحت المحكمة أن المادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تنص على أن انتخاب أعضائه يتم عن طريق الاقتراع باللائحة، وحيث إن هذا النمط من الاقتراع يستوجب، بالنظر لطبيعته ومراعاة لمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص، أن يتعرف الناخبون على صور جميع المترشحين والبيانات المتعلقة بهم، كما أن المادة 23 من القانون التنظيمي المذكور تنص على أنه: «يجب أن تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح عددا من الأسماء يعادل عدد المقاعد الواجب شغلها». واعتبرت المحكمة أن المادة المذكورة تتعلق بعملية الترشيح، يستفاد منها أن الإعلانات الانتخابية، بغض النظر عن شكلها، يجب ألا تخفي أسماء بعض المترشحين في اللائحة المعنية بما لا يسمح للناخبين التعرف عليهم جميعا، ويجب أن تتضمن الإعلانات الانتخابية البيانات التي تعرف بالمترشحين أو ببرامجهم الانتخابية أو إنجازاتهم أو برامج الأحزاب السياسية التي ينتسبون إليها، وصور المترشحين، والرمز الانتخابي، وشعار الحملة الانتخابية والإخبار بانعقاد الاجتماعات الانتخابية».
كما تشير هذه المادة أيضا إلى البيانات التي تعرف بلوائح المترشحين وصورهم بصيغة الجمع، وليس فيها ما يسوغ تبرير التعريف ببعضهم فقط، كما أن عبارة «كلا أو بعضا» الواردة فيها، تعني أن البيانات التي يجوز أن تتضمنها الإعلانات الانتخابية، إما أنها تقدم بشكل كلي أو جزئي، دون إمكانية تجزيء بيانات لائحة الترشيح من خلال إظهار بيانات بعض المترشحين بها دون الباقي.
وأدلى الطاعن، رفقة عريضته بمحضر لمعاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في 4 أكتوبر 2021، ومرفق بصور مستخرجة من صفحات لحسابين بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، تمت فيه معاينة منشور انتخابي للمطعون في انتخابه عبد الحق الشفيق، يتضمن صورته مع صورة مرشح آخر فقط ودعوة صريحة للتصويت لفائدتهما مع رمز الحزب الذي ينتميان إليه، وكذا منشورين انتخابيين للمطعون في انتخابه إسماعيل بنبى، يتضمنان صورته لوحده وبجانبها عبارات دعائية مع رمز الحزب الذي ينتمي إليه.
وأكدت المحكمة أن المشرع لم يحدد شروط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية، لكن المواد المنشورة عبرها، باعتبارها وسائل للتواصل، تخضع للضوابط التي تسري على البرامج المقدمة بواسطة سائر الوسائل المستخدمة في الحملات الانتخابية.
وأشار قرار المحكمة إلى أن المطعون في انتخابهما، اللذين متعا بالتواجهية وحقوق الدفاع، توصلا بعريضة الطعن المتضمنة للمآخذ المثارة ضدهما واطلعا على مرفقاتها، أدليا بمذكرتين جوابيتين بسطا فيهما ردهما على كل الادعاءات الموجهة لهما، باستثناء ما يتعلق بهذا المأخذ، ما يستفاد منه عدم منازعتهما في ما ورد فيه، كما أنهما لم يدليا بأي إعلان انتخابي يتضمن صور جميع المترشحين معهما في لائحتي ترشيحهما، مما يبقى معه المأخذ قائما في حقهما.
وخلصت المحكمة إلى أن عدم توزيع أو نشر إعلانات انتخابية تتضمن صور وبيانات المترشحين بلائحتي الترشيح، يعد مناورة تدليسية هدفها إخفاء صور وبيانات باقي المترشحين في لائحتي الترشيح للتأثير على إرادة الناخبين، مما يشكل إخلالا بصدقية وشفافية الاقتراع.