شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

المحكمة الدستورية تقر بوقوع خطأ تشريعي ارتكبته حكومة بنكيران

أقرت المحكمة الدستورية بوقوع خطأ تشريعي أثناء المصادقة على مشروع القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الصادر بتاريخ 29 دجنبر 2014. وصرحت المحكمة بأن بعض مقتضيات القانون لا تدخل في مجال القانون، بالرغم من ورودها في نص تشريعي من حيث الشكل، بل يشملها اختصاص السلطة التنظيمية، ويمكن، بناء على ذلك، تغييرها بمرسوم.

ووجه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، رسالة إلى المحكمة الدستورية يطلب منها إصدار «فتوى» بخصوص المواد التي لا تدخل في مجال القانون، ويشملها اختصاص السلطة التنفيذية. وأوضحت المحكمة، في قرار صادر عنها، أن الدستور خول للحكومة صون نطاق مجالها التنظيمي من تجاوز مجال القانون، بسبيلين، أولهما خلال المسطرة التشريعية، وذلك بأن تدفع، بموجب أحكام الفقرة الأولى من الفصل 79 من الدستور، «بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون»، وثانيهما، بعد صدور القانون، بمقتضى ما نص عليه الفصل 73 من الدستور من أنه «يمكن تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم، بعد موافقة المحكمة الدستورية، إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها».

وأكد القرار أنه يعود إلى رئيس الحكومة المبادرة بالتشريع، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 78 من الدستور، متى تراءى للحكومة ما يدعوها إلى تغيير مقتضى تشريعي أو تتميمه، وحيث إن المحكمة الدستورية، حين تبت في مدى اندراج مقتضى معروض عليها في مجال القانون أو في مجال التنظيم (الفصل 73 من الدستور)، فإنها تستند في ذلك، من جهة أولى، على أحكام الدستور والقوانين التنظيمية، وليس على قوانين تتقاسم معها ذات المرتبة والدرجة في التراتبية القانونية، وتراعي، من جهة ثانية، ألا يؤدي تغيير درجة النص المعروض في التراتبية القانونية، إلى تجريد المبادئ والالتزامات ذات الطبيعة الدستورية من ضمانات قانونية، وتستحضر، من جهة ثالثة، ما يترتب عن أحكام الفقرة الأولى من الفصل السادس من الدستور، من متطلبات تسهيل الولوج إلى القانون، ومقروئيته، ووضوحه، وانسجامه، تفاديا لتضارب تأويل مقتضياته، وتعطيل نفاذ مضامينه وحسن تطبيقه.

وأشارت المحكمة، في قرارها، إلى أن المواد المستفتى بشأنها لم تكن، إبان تقديم التعديلات المتعلقة بها، محل دفع بعدم القبول التشريعي من قبل الحكومة خلال المسطرة التشريعية التي أفضت إلى إقرار القانون رقم 18.12 المشار إليه. وأوضحت أن الدستور خص، بموجب صريح الفقرة الأولى من الفصل 71 منه، القانون، بالتشريع في ميدان «حوادث الشغل»، وألزم، بمقتضى الفصل 31 منه، «الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية»، بالعمل «على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: العلاج والعناية الصحية»، وأوجب، بمقتضى الفصل 34 منه، على السلطات العمومية السهر على «إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية أو عقلية»، و«تيسير تمتعهم بالحقوق… المعترف بها للجميع».

وحسب القرار، فإنه يستفاد من هذه الأحكام، علاقة بالمواد المستفتى في شأنها، من جهة أولى، أن الدستور أوكل إلى مجال القانون التشريع في ميدان حوادث الشغل، دون حصر نطاق ذلك في نظامها أو مبادئها أو قواعدها أو توجهاتها، وذلك خلافا لميادين أخرى تم التنصيص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 71 المذكور، ومن جهة ثانية، فإن مجال التنظيم في ميدان حوادث الشغل، يتحدد، تبعا لذلك، متى مارس المشرع كامل صلاحيته التشريعية، فيما ارتأى هذا الأخير أن يسند أمر تطبيقه إلى نصوص تنظيمية، ومن جهة ثالثة، فإن ضحايا حوادث الشغل، هم، بمقتضى أحكام الدستور، أصحاب حق في العلاج والعناية الصحية، وإعادة تأهيل عند الاقتضاء، وأن التشريع يعد إحدى سبل إنفاذ هذا الحق وكفالته، مما تكون معه الضمانات المتعلقة بهذه الفئة، مندرجة في نطاق الحقوق التي يختص القانون بالتشريع فيها طبقا للفصل 71  السالف الذكر.

وبخصوص المواد المستفتى في شأنها، أوضحت المحكمة، في قرارها، أن هذه المقتضيات أسندت، بالتوالي، إلى نص تنظيمي يحدد عند الاقتضاء كيفيات تطبيق أحكام القانون 18.12 على بعض فئات المستفيدين وإلى نص تنظيمي تحديد كيفيات مراقبة تطبيق أحكام القانون المذكور من قبل الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل وأسندت إلى قرارات تتخذها السلطات الحكومية المختصة، حسب الحالة، تحديد مضمون النسخة الموجزة للقانون وكيفيات إلصاقها، وتحديد نموذج التصريح بحادثة الشغل للمقاولة المؤمنة، وتحديد الجدول المتعلق بالعجز، وإلى قرارات تحديد شروط وكيفيات تدبير التعويض عن حوادث الشغل التي تصيب فئات معينة من المستفيدين، وتحديد تعريفة المصاريف المتعلقة بالخدمات المقدمة للمصاب من قبل المؤسسات العمومية أو الخصوصية للاستشفاء والعلاج وتحديد مصاريف الجنازة والمعايير المعتمدة لاحتساب مصاريف نقل جثمان المصاب في حالة الوفاة، وخولت لمرسوم تحديد نوع أجهزة استبدال أو تقويم الأعضاء وقيمتها وشروط تخصيصها وإصلاحها وتجديدها، ولقرارات إمكانية إعفاء المشغل من أداء الرأسمال للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وتحديد مقدار المساهمة المنصوص عليها في المادتين 50 و51 من القانون، وأسندت لمرسوم تحديد مبلغ الزيادة في مبلغ الإيراد وكيفيات وشروط الاستفادة منها، وإلى نص تنظيمي تحديد الحد المعين للإيراد، وإلى قرار للسلطة الحكومية المعنية تحديد نموذج «محضر الصلح»، وإلى نص تنظيمي تحديد لائحة الوثائق والمستندات التي يمكن للمقاولة المؤمنة للمشغل أن تطلبها من هذا الأخير أو من المصاب أو ذوي حقوقه من أجل تقدير المصاريف والتعويضات والتي يضمنها القانون واحتسابها وتصفيتها.

وأضاف القرار أن نص هذه المقتضيات التي تحيل على نصوص تنظيمية، يندرج في مجال القانون، إذ بموجبها خولت السلطة التنظيمية اتخاذ ما أسند إليها من نصوص تطبيقا وإنفاذا لبعض مواد القانون المذكور، أما مضمون ما أسند إلى السلطة التنظيمية من مجالات بموجب المقتضيات التشريعية المذكورة، فتندرج في المجال التنظيمي، إذ لا يتعدى نطاقها تطبيق مقتضيات المواد المستفتى في شأنها، ولا يترتب عن اندراجها في المجال التنظيمي، في الصيغة المعروضة، تجريد أي من القواعد أو المبادئ الدستورية من ضمانات قانونية.

محمد اليوبي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى