محمد اليوبي
بعدما تسبب في ضجة وصل صداها إلى وسائل إعلام أجنبية، بإعلانه عن تجاوب الحكومة وقبولها لمناقشة مقترح قانون يتعلق بتقنين زراعة القنب الهندي، وإصدار عفو عام عن المزارعين المتابعين أمام القضاء، هرب العربي المحرشي، القيادي والبرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، من تفجر الفضيحة في وجهه، وطالب بتأجيل مناقشة الموضوع، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين، المنعقد أول أمس الأربعاء، لتفادي الإعلان عن الموقف الحكومي الصادم.
وتناول المحرشي الكلمة في بداية الاجتماع بحضور وزير العدل محمد بنعبد القادر، وتقدم بملتمس باسم فريق الأصالة والمعاصرة، لتأجيل مناقشة موقف الحكومة بخصوص مقترح قانون متعلق بالعفو العام عن مزارعي الكيف، إلى حين مناقشة قانون آخر متعلق بتقنين زراعة الكيف والمعروض على لجنة الفلاحة والقطاعات الإنتاجية، معتبرا أن المقترحين مرتبطان ببعضهما، ولا يمكن مناقشة مقترح قانون العفو عن المزارعين قبل مناقشة مقترح قانون تقنين زراعة «الكيف»، ما اعتبره مصدر حكومي محاولة للهروب إلى الأمام، وتفادي سماع الموقف الحكومي الرافض لمقترح القانون، وبالتالي سحب ورقة انتخابية يستعملها الحزب في حملاته الدعائية كلما اقترب موعد الاستحقاقات الانتخابية، خاصة في الأقاليم الشمالية المعروفة بزراعة هذه النبتة.
ونفى مصدر حكومي مسؤول نفيا قاطعا وجود أي تجاوب لقبول مناقشة هذين القانونين، وبخصوص ما قاله المحرشي، أكد المصدر أن هناك تصريحات متسرعة غير مضبوطة «بشرت» بأن الحكومة استجابت لمطلب تقنين زراعة الكيف، مشيرا إلى أن هذه التصريحات خلقت أصداء في بعض المنابر الأجنبية، التي ذهبت بعيدا في تكهناتها وتحدثت عن وجود إرادة سياسية رسمية في هذا الاتجاه. وأوضح المصدر ذاته أن الحكومة عندما توافق على حضور الجلسة في اللجنة المختصة، فليس بالضرورة للشروع في مناقشة مقترح القانون، وإنما فقط من أجل التعبير عن موقفها من هذا المقترح بالرفض أو القبول، ولهذا فإن حضور وزير العدل في اجتماع لجنة العدل والتشريع، يكون لتبليغ موقف الحكومة من مقترحات القوانين المعروضة على اللجنة، وليس للشروع في مناقشة المقترح.
وينص مقترح القانون على العفو عن كل شخص تمت متابعته أو اعتقاله أو محاكمته، بناء على نصوص ظهير 21 ماي 1974 التي تجرم إنتاج وزراعة «الكيف» بالمغرب، ويشمل كلا من صدر في حقهم حكم حضوري ابتدائي أو نهائي بالسجن بسبب جنحة زراعة «الكيف» وما زالوا يقضون عقوبتهم بأحد سجون المملكة المغربية، وكل من صدر في حقهم حكم غيابي ابتدائي أو نهائي بسبب جنحة زراعة «الكيف»، سواء كان المحكوم عليهم موجودين بالمغرب أو خارجه، إضافة إلى كل المعتقلين بالتهمة نفسها والذين ما زالوا قيد الاعتقال الاحتياطي أو قيد التحقيق، وكل المتابعين بسبب الجنحة ذاتها، والصادرة في حقهم مذكرات بحث على المستوى الوطني أو الدولي، وكل الفارين المتابعين بتهمة زراعة النبتة.
كما يطالب «البام» بأن تسري نفس الأحكام على كل المغاربة الموجودين بالمغرب أو خارجه، سواء كانوا فاعلين أصليين أو مساهمين أو مشاركين في إطار جنحة زراعة «الكيف»، كما تسري على كل المحكومين والمعتقلين والمتابعين في إطار محاولة ارتكاب هذه الجريمة. وحسب المذكرة التقديمية لمقترح القانون، فإن عدد المعنيين بالعفو يفوق 45 ألف شخص وجدوا أنفسهم في مرمى جريمة فرضت عليهم بمقتضى ظهير 1974، الذي يجرم زراعة القنب الهندي، بسبب ظروف وطبيعة جغرافية خارجة عن إرادتهم حولت أرضهم التي هي مصدر عيشهم ورزقهم الوحيد إلى مكان للجريمة، نتيجة التربة التي تحتويها، والتي تسمح بنجاح أي زراعة غير زراعة «الكيف»، كما جاء في المذكرة.
وسجل اجتماع لجنة العدل والتشريع تجاوب وزير العدل مع مقترح قانون مجموعة العمل التقدمي والذي تقدم به المستشار عبد اللطيف أعمو، والمتعلق بتعديل مقتضيات الفصلين 76 و77 من القانون الجنائي.
وأكد الوزير العدل خلال الاجتماع، أهمية هذا المقترح لما له من حساسية، حيث أصبح محل نقاش وأرق للسلطات القضائية المشرفة على التنفيذ الزجري، وأيضا المؤسسات السجنية، والأوساط الحقوقية وأسر المحكوم عليهم المصابين بأمراض نفسية وعقلية، وذلك لما تثيره حالتهم المرضية من تساؤلات حول وضعيتهم الجنائية. ودعا بنعبد القادر إلى إحداث لجنة تقنية ثنائية، تضم في عضويتها إلى جانب ممثلين عن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ممثلين عن وزارة العدل، من أجل تطوير وتجويد المقترح، ذلك لأن ملاءمة المساطر القانونية لوضعية الأشخاص المصابين بخلل عقلي أثناء ارتكاب الفعل الجُرمي، تقتضي إيجاد تدابير فعالة تمكن من حمايتهم أولا، وثانيا من تجنيب المجتمع أخطار بعض الأفعال التي يعتبرون غير مسؤولين عنها بحكم علتهم، وهي الدعوة التي قبلها أعضاء اللجنة بالإجماع.