شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

المجلس الاقتصادي والاجتماعي ينجز دراسة حول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لكورونا

محمد اليوبي

أنجز المجلس الاقتصادي والاجتماعي دراسة حول الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا “كوفيد‐19” والسبل الممكنة لتجاوزها، مؤكدا أن الوباء تسبب في أزمة غير مسبوقة ومتعددة الأبعاد، وكانت لها انعكاسات بالغة على صحة المواطنين وجودة حياتهم، وكذا على نشاط النسيج الإنتاجي ودخل الأسر وميزانيات الدول. وأوضح المجلس أن هذه الدراسة تأتي في وقت لا تزال فيه جائحة فيروس كوفيد-19 مستفحلة، مثيرة معها مناخا مطبوعا بالتخوفات والشكوك وانعدام اليقين، والذي يساهم في جعل الآفاق على المديين القريب والمتوسط أكثر ضبابية، لذلك يظل من الصعب الإحاطة بالانعكاسات الحقيقية لهذه الجائحة، كما أن عودة الأمور إلى سابق عهدها ستبقى مرتهنة من جهة بمدى قدرة بلادنا على الحد والتخفيف من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للأزمة، إن على مستوى تعبئة الموارد أو بلورة وتنزيل الاستراتيجيات، ومن جهة أخرى بمدى نجاعة المنظومة الصحية الوطنية. وأشار المجلس إلى أن تداعيات أزمة كوفيد-19، رغم أهمية وإرادية الإجراءات والتدابير المتخذة في ظل حالة الطوارئ الصحية أو التي جرى الإعلان عنها للحد من تفشي الجائحة، تظل تداعيات عميقة ومتعددة الأبعاد وتطال الدينامية الاقتصادية وظروف عيش المواطنين وكذا جودة ونجاعة الخدمات العمومية، كما تشمل آثارها الجانب البيئي.
وكشفت الدراسة أن شدة هذه التداعيات ليست وليدة اليوم، ذلك أن وجود مكامن الضعف وأشكال الهشاشة البنيوية في النموذج التنموي الحالي الذي بلغ مداه، قد شكل عاملا زاد من حدة الصعوبات التي تواجهها البلاد، نتيجة التأخير الذي تمت مراكمته في تنزيل أوراش رئيسية من قبيل تعميم الحماية الاجتماعية وتأهيل المنظومة الصحية، وإدماج القطاع غير المنظم، وتنزيل الجهوية المتقدمة، والنهوض بالمقاولات المغربية.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة التعايش مع كوفيد-19، واعتبرت ذلك من بين متطلبات حالة الاستعجال وضرورة التكيف، وأكدت أنه لا يمكن الاستمرار في تدبير هذه الأزمة الصحية، التي لا تزال مآلاتها وتداعياتها الشاملة غير مؤكدة، بإعمال نفس التدابير التقييدية التي تم اعتمادها خلال فترة الحجر الصحي، وذلك لما لهذه التدابير من كلفة اجتماعية واقتصادية مرتفعة، وأمام مكامن الضعف الجلية التي أبرزتها الأزمة، فإن الظرفية الصعبة التي تمر منها بلادنا تتطلب إجراء مراجعات عاجلة، تمكن الأفراد والنسيج الإنتاجي من التكيف مع هذا الواقع الجديد، وتسمح باستئناف النشاط ليكون في أقرب مستوى ممكن من الوضع الاعتيادي، وذلك في انتظار إيجاد حل طبي نهائي للجائحة.
ويعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن هذه الأزمة تشكل فرصة حقيقية لإجراء تغيير جذري في أنماط التفكير والتنظيم والتدبير والإنتاج والاستهلاك السائدة في بلادنا، ويقتضي هذا التحول القيام بإصلاحات هيكلية عميقة كفيلة بالمساهمة في توفير الشروط الملائمة لتنزيل النموذج التنموي الجديد، الجاري إعداده. وأشار المجلس إلى أنه خلال هذه الجائحة تعزز الوعي بأن إصلاح المنظومة الصحية أضحى أكثر من أي وقت مضى مسألة أساسية لتحقيق التماسك والعدالة والسلم الاجتماعي، وهو هدف ينبغي أن يحفز على التحلي بإرادة حقيقية في التغيير السياسي ووضع إطار عمل واضح وطموح.
وأوصى المجلس بإرساء منظومة للحماية الاجتماعية المعممة واستراتيجيات مبتكرة من أجل إدماج القطاع غير المنظم، مشيرا إلى أن أزمة كوفيد 19- سلطت الضوء على المستوى المرتفع لهشاشة فئات عريضة من الساكنة الذين يعملون في مهن ضعيفة التنظيم أو في القطاع غير المهيكل، وهي وضعية تتطلب تنفيذ عدد من الإجراءات والإصلاحات لتعزيز وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية، ونظام التغطية الصحية، في اتجاه إرساء منظومة حماية اجتماعية شاملة.
ويوصي المجلس، كذلك، بإنعاش الاقتصاد على المدى القصير مع العمل في المدى المتوسط على تعزيز قدرته على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية، معتبرا أن إغلاق المقاولات وإجراءات التباعد الجسدي والتوقف الذي واجهته بعض سلاسل القيمة العالمية، قد أثرت تأثيراً بالغاً وسلبياً على العرض، مبرزا أن بعض المؤشرات تظهر أن التأثير السلبي للأزمة كان أقوى على مستوى الطلب، وأن الرجة القوية التي خلفتها أزمة كوفيد أفصحت عن ضرورة مواصلة السلطات العمومية التدخل بشكل متزامن لتدبير العرض والطلب وللتعامل مع مستوى اللايقين الذي يَسم هذه الظرفية.
وتهم التوصيات المقترحة في هذا الصدد، التحولات الكبرى الملحة في مجال السياسات الاقتصادية (النقدية، الجبائية، الميزانياتية، التجارية، الصناعية، إلخ)، من أجل حماية النشاط ومناصب الشغل، وتحسين قدرة المقاولات المغربية على الصمود في وجه التقلبات وتعزيز قدراتها التنافسية، وإدماج الاقتصاد غير المنظم مع مراعاة خصوصياته. ويقترح المجلس التمييز هنا بين أفقين زمنيين مختلفين، لكل واحد منهما أهدافه المحددة، وهما المدى القصير، الذي يهم حماية الاقتصاد، من خلال تدابير وقائية للحد من فقدان مناصب الشغل وإفلاس المقاولات؛ والمديان المتوسط والطويل من خلال العمل على الرفع من قدرة الاقتصاد على الصمود وتعزيز طابعه الدامج، بما يقتضيه من إعادة النظر بشكل شامل في أولويات السياسات الاقتصادية المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى