المتاهة
نودع، بعد أيام قليلة، سنة 2018 بحصيلة حكومية متواضعة للغاية مقارنة بالإمكانات الدستورية والمالية والإدارية التي توجد تحت سلطتها، بل نودعها بأقل من المتوسط بالرغم من أن الحكومة تصر على أن تنظر بمنظار وردي لا علاقة له بقتامة الواقع المعيش.
فطيلة الاثني عشر شهرا الماضية، ما زالت الحكومة تبحث فقط عن طريق لتحقيق بعض الإنجازات التي قد تمنحها قسطا من الشرعية لكن دون جدوى. والحقيقة الواضحة أمام الرأي العام أننا أمام حكومة تائهة لا تملك البوصلة التي تدلها على طريق الإصلاح وتحسين الأوضاع، حائرة لا تعرف ماذا تفعل وماذا تنتج من سياسات في ظل الأوضاع السيئة المحيطة بالمواطن البسيط.
فلم يسبق لأي حكومة في تاريخ المغرب، حتى تلك التي خرجت من رحم الإدارة والتقنوقراط، أن حققت بشأنها الاقتناع الجماعي بكونها، بشكلها الحالي، حكومة فاشلة لا تفلح سوى في إثارة الغضب بقراراتها وسياساتها الهجينة، ليس وسط الرأي العام فقط بل حتى لدى أعلى سلطة في البلد التي أصبحت تضطر للتدخل مرارا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ونتذكر جميعا قاموس النقد اللاذع الذي وجهه الملك محمد سادس إلى الحكومة، سواء خلال الخطب الرسمية أو بيانات الديوان الملكي التي تعقب عقد جلسات العمل، حيث كشفت لغة القصر عن استياء الجالس على العرش من فشل الحكومة في تدبير العديد من الملفات الاستراتيجية، مثل السياسات المرتبطة بالماء والسياحة والاستثمار والصحة والتكوين المهني والمنطقة الحرة بسوس- ماسة.
لا نريد بث روح التشاؤم وسط الرأي العام، ولسنا من هواة جلد الحكومة إن أحسنت التدبير، لكن- للأسف- نحن أمام حكومة أصبحت مضرب مثل في الهشاشة والبطء وقلة الإنجاز. وبالرغم من كثافة خطابات الإصلاح الوهمي والتغيير المستمر الذي يصيب طاقمها وانتظام الحكومة في عقد مجالسها، وإصدار المئات من المراسيم والإعلان عن عشرات اللجان والاستراتيجيات والتعهد بمئات الالتزامات وتعيين المئات من المقربين سياسيا في مناصب المسؤولية، فإن لا شيء تغير في حياة المواطن وظلت الوضعية الاجتماعية والاقتصادية تسير نحو المزيد من الموت البطيء.
في ظل هذا التدبير الكارثي، الأفضل لحكومة العثماني أن تقوم بنقد ذاتي وتعدل نفسها بانتظار موعد الانتخابات في 2021، وهذا سيكون أكبر إنجاز لها لتساعد المغرب في الخروج بأمان من النفق المظلم الذي أدخلتنا فيه حكومة بنكيران والعثماني بنسختها الحالية، وهذا هو أفضل الحلول وأقربها للمنطق السياسي، في هذه الظروف السيئة التي نعيشها والتي لا نعلم متى ولا كيف سنخرج منها بأقل التكاليف.